السلبيون سفراء فوق العادة

يشكو بعضهم من الأثر السلبي الذي تتركه زيارة فلان أو فلان من الناس له أو اللقاء به ، أو صادف أن تحدث معه ، وما يزال يعاني من آثار تلك الزيارة أو ذلك اللقاء الذي غيرت فيه نفسيته ونفسه وروحه وعقله وقلبه وجميع جوارحه بسبب ذلك الرجل أو تلك المرأة ، وكانت تلك المقابلة سبيلا إلى الهم والغم وطريقاً سهلا للنكد والتنكيد في أكثر فترات اليوم والليلة ، واورثت حزناً وتعباً في الأجساد والنفوس على حد سواء.
طبعت النفوس البشرية والأرواح الآدميّة على طبائع مختلفة ومتباينة أحيانا ، وأحيانا أخرى متكاملة متظافرة تتعاون وتتظافر وتتعارف وتتآلف فيما بينها ، وأحيانا أخرى تبدأ بالتنافر والتضاد والتحارب والتهارش وتنتهي بالمسالمة والقبول والمحبة والمودة .
وقد يكتشف الإنسان ما في نفسه من الخيرات والبركات والمسرات والعطايا السماوية والهبات الطيبة الجميلة فيزيدها جمالا وكمالا بأن يمنح ويهب الآخرين من تلك.
السجايا الطيبة الجميلة فترى بعضهم كالعطر الجميل أينما رش نفع ورفع ؟!
وبعضهم هم حقيقة الورود والياسمين الجميل أينما وضعوا منحوا في المكان والزمان الخير الصلاح والهدوء والسكينة والراحة والسلامة والجمال ؟!
وترى بعضهم كالنور أو كالشمس الرائع الفاتنة تملأ الآفاق النور والسرور والسعادة والأمل والحبور والسكينة والراحة والسلامة والعزة والمنعة والأفق الرحب والدفء والحب والمحبة والحياة التي تنشدها كل المخلوقات فضلا عن الإنسان الكريم .
وفي الطرف المقابل هناك فئام من بني آدم كشفوا عن نفوسهم وقلوبهم وأرواحهم فرأؤوها مملؤه بالهموم والغموم والسموم والآلام والأحزان والمصائب والنكد فبدل أن يعالجوا تلك النفوس البشرية المريضة سعوا إلى توسعة دائرة سيطرة تلك الشرور والآلام والأحزان والسموم في أكبر عدد من البشر ، وفي كل من تصل إليه أيديهم وأبصارهم الضعيفة وعقولهم الكليلة .
بعضهم لا يكل ولا يمل سواء كان في بيته أو عمله أو متجره أو شارعه أو أرضه أو سمائه من بث ونشر الهموم والغموم والآلام والأحزان والمصائب والنكد ولا يرى في الدنيا طولا وعرضاً وشمالاً وجنوباً من النظرات إلا النظرات السوداء بين عينيه هو فقط ..ويعمل سفيرا فوق العادة للنوايا السيئة !
تكاد البشرية تتفق في شرورية إبليس ؛ وأنه عليه لعائن الله تعالى هو الشر المحض وهو وراء كل مصيبة وذنب ومعصية وغواية وفساد في الأرض والحقيقة المعروفة أن إبليس في رحلة الحياة الدنيا هذا هو عمله الحقيقي الغواية والضلال والتدليس والإغراء والإغواء وهو يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير.
لكن فئام من بني آدم عليه السلام يمتهنون مهنة إبليس فيسعون في النفوس البشرية بنشر الكآبة والهموم والغموم والآلام والأحزان والمصائب والنكد فلا
يجلسون مجلساً إلا بثوا فيه من سمومهم وأفكارهم الضغيفة وأبصارهم الكليلة ولا يلقون أحدا إلا نشروا فيه ما يعتقدون أنه الحق والعدل والإنصاف والتفاؤل والأمل والحبور والسرور من وجهة نظرهم وهو في الحقيقة الموت الفاقع والسم الناقع!
سفراء الشر والهموم والغموم والآلام والأحزان والمصائب والنكد حقيقة هم سفراء فوق العادة للنوايا السيئة يدفعون بها بين الناس ويحرسون تلك الوسواس وتلك الأحزان وهم ينقلونها بين الناس بإحترافية عالية ويحرسون على متابعتها وبلوغها الغاية والهدف منها .
والحقيقة أن بعض الناس يعانون من آثار سموم السلبين وما يترتب على ذلك من آثار مدمرة على حياتهم الشخصية والحياة العملية والحياة والاجتماعية على حد
سواء.
فقد أثروا حتى على الثقافة العملية وحب الناس للعمل وحرصهم عليه وشرخوا بعض العلاقات الاجتماعية بين الناس وحفر بعضهم الخنادق والأنفاق بين بعضهم بسبب أؤلئك.
ومن الصور والأشكال السلبية المفرطة التي يتركها ممن يعمل في نشر السلبية بين الناس ويكون في يومه وصفحة نهاره من السفراء فوق العادة للنوايا
السيئة :
اولاً: رسم التصورات السلبية عن كل شيء يرونه من وجهة نظرهم هم .
ثانياً: التركيز في كل مجالات الحياة المختلفة على تلك الصورة السوداوية المفرطة.
ثالثاً: أن الحقيقة المطلقة والمحضة هي ما يرونها هم ! أو ما يصورنها هم فقط .
رابعاً: على الجميع الإستسلام أمام الصورة السلبية التي يرسمونها ؛ فهم لا حول ولا قوة لهم في تغييرها وتحويلها .
خامساً: لا وجود للتفاؤل والإيجابية والقدرة على التغيير والتطوير عندهم .
سادساً: عليك وعلى غيرك قبول الأمر أو النهي كما هو دون السعي للتغيير أو النقاش فيه .
سابعاً: حرصهم وحبهم للضرر الإضرار وملحقاته وما يتركونه من آثار سلبية في نفوس الناس .
ثامناً: لا يحسنون العمل ؛ وحقيقة لا يحبونه لذلك ينفرون غيرهم منه ومن العطاء والبذل والتضحية والإيجابية والصبر والتحمل والمحبة والرأفة والسلامة.
تاسعاً: يسعون بين الناس إلى قبول الدون والألم والحزن والمرض والفقر والجهل دون الفهم والعلم والدراية والعمل في سبيل العلم والرفعة والصحة والعافية.
عاشراً: قد ينفقون من أوقاتهم أو أموالهم في سبيل بقاء الناس مرضى وجهله وفقراء وحزانى وليس بالإمكان خير مما كان وخير مما هو كائن .
إننا أمام ظاهرة اجتماعية وقد يكون مرضاً اجتماعياً يجب تحديدها بعناية ووصف العلاج الناجع لها وإلا زادت العلاقات الاجتماعية سمومية مع إهمال التشخيص الدقيق والعلاج المناسب والسعي الدائم والمستمر للوقاية من السلبية السوداوية والسلبيين.
قال شاعر العربية الأول
ابو الطيب المتنبي
إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه !
وصدق ما يعتاده من توهم !
وعادي محبيه لقول عداته
وأصبح في ليل من الشك مظلم
المصلح والمستشار الأسري
د. سالم بن رزيق بن عوض .