قاتل يهدد أمننا الوطني

محمد الفريدي
منذ دخول الإنترنت إلى بلادنا، ظهرت بشكل واضح ظاهرة تعرف بظاهرة (الإعلامي القاتل)، ومع تسارع انتشار الأخبار بجميع أشكالها، المكتوبة والمسموعة والمرئية، لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دورا محوريا في تعزيز انتشار الشائعات والمعلومات المغلوطة، مما أثر سلبا على وعي المواطنين، وزاد من صعوبة التحقق من صحة الأخبار.
أحيانا، تُنشر بين الحين والآخر أخبار كاذبة تتعلق بقرارات حكومية، أو تغييرات وزارية، أو اقتصادية، أو مكرمات ملكية، أو زيادات في مرتبات الموظفين، تثير الغضب أو الفزع أو الارتباك بين المواطنين، خاصة في أوقات الأزمات السياسية أو الاقتصادية أو الحروب، ويضخمها الإعلام غير المسؤول الذي يزرع بذور الشك والريبة بين الناس، ويزيد التوترات والانقسامات داخل المجتمع.
هذا الشائعات تشكل تحديا كبيرا لاستقرارنا وأمننا الوطني، وتعمل على تقويض الثقة في المؤسسات الحكومية والدوائر السياسية على المدى القريب والمتوسط والبعيد، وتضعف الترابط الاجتماعي، وتعمق الجراح والفجوات بين أفراد المجتمع والحكومة.
لذلك، من الضروري ان نتصدى لهذه الظاهرة بمسؤولية إعلامية أكبر، وبجهود وأفكار صحافية أقوى، وتوعية فعالة تهدف إلى تعزيز الوعي المجتمعي بأهمية التحقق من مصادر المعلومات، والحد من انتشار الأخبار المضللة التي تهدد استقرار المجتمع وتماسكه.
(الإعلامي القاتل) مصطلح يُطلق على كل من يقوم بنشر شائعات أو أخبار مضللة، أو يتسبب في بث الذعر والقلق والخوف بين الناس، وقد يكون من الإعلاميين المدفوعين برغبة في تحقيق سبق صحفي أو إعلامي أو التأثير على الرأي العام لتحقيق أهداف شخصية أو سياسية، وفي بعض الحالات، يكون ناتجا عن جهل أو عدم اهتمام بمصداقية المعلومات التي يتم نشرها، مما يعزز الفوضى، ويضعف الثقة في الإعلام والمجتمع على حد سواء.
وفي عصر المعلومات الرقمية، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي مصدرا رئيسيا للأخبار، حيث يمكن لأي شخص يمتلك هاتفا ذكيا أن يصبح كاتبا، وصحفيا، وإعلاميا، ومصدرا للمعلومات. وقد أسهم هذا التطور بشكل كبير في تسهيل عملية نشر الأخبار الكاذبة والشائعات، مما أدى إلى انتشار واسع للمعلومات المغلوطة والمغرضة.
ومع سرعة انتشارها يصبح من الصعب تصحيح المعلومات المغلوطة، مما يزيد من التحديات التي يواجهها المجتمع السعودي في التمييز بين الحقيقة، والمكذوبة، والمفبركة، ويجعل من الصعب تقديم الحقيقة في الوقت المناسب، وتؤثر سلبا على استقرار المجتمع.
الإعلامي القاتل، بغض النظر عن دوافعه، يلعب دورا مدمرا في المجتمع، ويسهم في خلق أجواء من عدم الثقة والخوف، مما يؤدي إلى نتائج خطيرة، وعواقب وخيمة مثل زيادة التوتر والتأثير السلبي على الصحة النفسية للأفراد، ويفاقم من مشاعر القلق والارتباك بين الناس، ويضعف التماسك المجتمعي، فلذلك، من الضروري التحقق من صحة المعلومات ومصادرها قبل نشرها، وتوعية الناس والطلاب من الجنسين بخطورة الأخبار غير الصحيحة، وتحذيرهم من تأثيرها المدمر على الصحة النفسية واستقرار المجتمع.
والسلبيات الناتجة عن هذا القاتل كارثية وكثيرة وخطيرة للغاية، منها ان يؤدي نشره للأخبار المكذوبة إلى فوضى اجتماعية عارمة، ويتفاعل الناس معها بشكل عاطفي، مما يخلق حالة من الذعر والاضطراب، ﻭ الشعور بخيبة الأمل، فعلى سبيل المثال، الشائعات التي تنتشر حول انتشار أوبئة أو كوارث في المملكة قد تتسبب في تدافع غير مبرر على الموارد والمطارات والمنافذ، مما يؤدي إلى تفاقم الأزمات وزيادة معاناة الأفراد بشكل مباشر.
إضافة إلى ذلك، تسهم الشائعات المتعلقة بحكامنا في خلق احتقان الشارع، وزيادة حدة توتره يوما بعد يوم، ومعلوم ان تراكم المعلومات السلبية والمغلوطة يؤثر سلبا على الرأي العام، ويخلق فجوة بين القيادة والمواطنين، ويعزز مشاعر الانفصال والشك والريبة، وهذا الوضع لا يهدد فقط استقرار مجتمعنا، بل يحمل عواقب وخيمة على المستويات الاقتصادية والأمنية والسياسية، ويجعل من الصعب استعادة الثقة بين قيادتنا وشعبها، وبالتالي، يتطلب الأمر جهدا كبيرا لإعادة الأمور إلى نصابها، وتوعية المجتمع بخطورة التعامل مع الأخبار غير الموثوقة.
كما تؤثر بشكل سلبي على الثقة العامة في وسائل الإعلام، فعندما نتعرض لسلسلة من الأكاذيب والمعلومات المضللة من الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، تتقلص ثقتنا في المصادر الإعلامية الموثوقة، مما يؤدي إلى أزمة ثقة شاملة. تصبح بعدها عملية التمييز بين الأخبار الحقيقية والمزيفة صعبة للغاية، مما يعزز الشكوك وشعور الخوف والقلق في المجتمع، ونميل مع الوقت للتشكيك في كل ما يرد إلينا من أخبار، حتى وإن كانت من المصادر التي كنا نعتبرها سابقا موثوقة، فتتعطل بالتالي عملية تدفق المعلومات الدقيقة، وتزداد صعوبة تقديم الحقيقة وإيصالها إلينا، مما يسهم في استمرار الفوضى وغياب الاستقرار الإعلامي والاجتماعي والسياسي.
وتؤدي الأخبار المضللة إلى تصعيد التوتر وتعميق الانقسام، والتلاعب بالرأي العام لتعزيز أجندات معينة على حساب الحقيقة، وتسهم في تفاقم الأوضاع بشكل سريع بدلا من التخفيف منها، وتؤثر سلبا على الصحة النفسية للمواطنين، مما يزيد من مستويات القلق والتوتر لدى الأشخاص الذين يتعرضون بشكل مستمر لهذه المعلومات المغلوطة. مما يؤثر بشكل مباشر على جودة حياتهم، ويزيد من الضغوط النفسية في حياتهم اليومية.
ولمواجهة مشكلة التضليل الإعلامي، وهذا (القاتل الخفي)، يجب تعزيز ثقافة العمل المهني بين الإعلاميين من خلال تعليم المبادئ الأساسية للتقارير الدقيقة والشفافية، وتحسين جودة العمل الإعلامي باستخدام التكنولوجيا، والكشف السريع عن الأخبار المكذوبة قبل نشرها، والتعاون بين وسائل الإعلام، والمنظمات غير الحكومية، والحكومات، والمؤسسات التعليمية لخلق جبهة موحدة لمواجهة الأخبار المكذوبة والقاتل المستتر.
والقيام بحملات توعوية مشتركة، والتعاون مع منصات وسائل التواصل الاجتماعي لمراقبة وتحليل الأخبار لضمان عدم انتشار المعلومات المضللة.
فمن خلال تنفيذ هذه الحلول بدقة، أرى أنه يمكننا مواجهة الإعلامي القاتل الداخلي والخارجي والأخبار المضللة بفعالية وسهولة في آن واحد، وضمان وصول المعلومات الدقيقة والموثوقة للمواطنين في الوقت الصحيح، وتعزيز قدرة المجتمع على التصدي للأخبار المكذوبة والملفقة، وتحقيق مصداقية معلوماتنا، واستقرار مجتمعنا في هذا العصر الخطير.
كاتب رأي
صدقت أستاذ محمد
هذا الإعلامي القانل موجود في كل مكان وينبثق من كل جهاز أصبحنا نتردد في قبول بعض الأخبار ونشرها
خوفا أن نكون ضحية هذه الشائعات وهذهِ الأخبار الكاذبة المفتعلة
نسأل الله الرشد والوصول للصواب دائما
تحية لقلمك المتميز وفكرك الراقي
لافض فوك أستاذنا المبدع محمد الفريدي👍
وقد أعجبني كثيرا إطلاقك لوصف ( القاتل )
وصف جدا مناسب وفي محله👍 فهذا الإنترنت له أضرار قاتلة في تفكيك المجتمع ومن ثم تهديد أمنه وأمانه ، مالم نكن يقضين وحذرين ..
سابقا قبل وصول الإنترنت كان العدو يجد صعوبة في تدمير المجتمع من الداخل ،
ويتطلب ذلك أموالا طائلة وجهود كبيرة جدا حتى يستطيعوا فقط إقناع المجتمع بأمر ما ..
ولكن مع دخول الإنترنت تيسر وسهل وصول العدو لقعر منازلنا فما كان عسيرا بالأمس صار الآن سهلا ميسرا بلا وقت ولا جهد ولا أموال ..
فكان العدو يستهدف شبابنا الصغار لقلة خبرتهم ويدس لهم السم عبر الأجهزة التي بين أيديهم مالم يتم تحذير النشء بالتسلح باليقضة والعلم ،
لذا لابد من تكثيف الجهود الكبرى بضرورة اليقضة والتحذير والتثقيف والتنبيه عبر جميع مؤسسات الدولة وأبرزها قطاع التعليم لغرس الحذر في نفوس النشء ومعرفة عدوهم الحقيفي .
حقا أنه قاتل👍
شكرا أستاذ محمد على هذا الموضوع المثري والقيم 👏👏👏👏
أستاذة ابتسام، أشكرك جزيل الشكر على وصفك الدقيق للإنترنت بـ”القاتل”، فالأضرار التي يسببها بالفعل باتت تشكل تهديدا حقيقيا لأمن مجتمعنا واستقراره، وكما تفضلتِ، كانت العوائق أمام الأعداء في السابق ضخمة، ولكن جاء الإنترنت وجعل الأمور أكثر سهولة وخطورة ، لذا فإن دورنا اليوم، كأسر ومنظومات تعليمية وكتّاب رأي، يتطلب يقظة أكبر وجهودا مكثفة في التربية والتعليم والإعلام لرفع الوعي بين الأجيال الصاعدة.
شكرا لكِ أستاذة على مشاركتك القيمة، ودمتِ دائما بخير وإبداع.
أبو سلطان
اهنئك على اختيار الموضوع، وطريقة سرده المشوقة، اجدت واتحفت.
أستاذة آمنة، شكرا جزيلا لكِ ، و سعيد جدا أن الموضوع وطريقة سرده نالا إعجابك.
أخوك / أبو سلطان
فعلا أ محمد .. الانترنت دخل وأدخل معه أدوات ذات حدين ولابد من تقنين استخدامها وقصرها على المصداقية حتى لايقوم ضعاف النفوس بأذية المجتمع ومن فيه بمسمى ( الإعلام )
دمت ودام قلمك الرائع
شكرا جزيلا أستاذة فتحية ، أتفق تماما معك في أن الإنترنت هو سلاح ذو حدين، ويجب علينا جميعا أن نكون على قدر المسؤولية في استخدامه بما يخدم المجتمع ويعزز من قيمه الإيجابية ، و دور الإعلام في هذا الجانب حساس للغاية، وعلينا أن نعمل جميعا على ترسيخ المصداقية والابتعاد عن ما قد يضر بالآخرين ، أسعدني تفاعلك ووجودك دائما مصدر إلهام ، دمت بخير وعطاء.
أخوك / أبو سلطان