كُتاب الرأي

الفيلم (FILm)

 

مشاهد الحياة اليومية في جميع الجوانب والمجالات المختلفة والمتباينة من قيام الناس بأعمالهم والحركة في منافعهم وشؤونهم والذهاب والإياب والاتفاق والاختلاف وصور الأفراح والأتراح والآمال والآلام وما يرسمه الناس على وجوههم حين يقفون أمام بعضهم بعضاً ! كأنهم أمام مرايا الحياة المختلفة، كل تلك المشاهد والمناظرة والصور المتحركة ؛ هي في الحقيقة أفلام حقيقية ! .

وربما صنع المرء من أحداث حياته في يومه من نهاره وليله مشاهد عظيمة لشخصية عظيمة ! أو مشاهد مروعة لشخصية مروعة ! ، وقد تغلب على الإنسان هذه المشاهد التي لا يحسن غيرها ! أو هكذا يظن أن تلك هي حياته الأزلية القدرية التي لن ينفك عنها ، ولن تنفك عنه ! فهو فيها مسيّر في حياة يراها هو بائسة ! .

بينما يملك من الطاقات والمواهب والقدرات والملكات ما تجعله قادراً على صياغة يوميات جميلة ورائعة

لنفسه وللناس من حوله ، وقد يرسم إن شاء صوراً جميلة ورائعة وساحرة وحقيقية لحياته اليومية!

إن الطاقات والقدرات والملكات والمواهب والإمكانات التي يملكها الإنسان الحقيقي في حقيقتها وواقعها كبيرة وعظيمة ويستطيع إن أراد أن يصنع منها فردوساً جميلاً وعالماً عظيماً ، وحياة كريمة مقدسة!

يمكن للمرء أن يصنع من حياته اليومية فِيلماً ( FILm) جميلاً بجماله هو ! ويحسن إخراجه ومنتاجه وتقديم الصورة المشرقة الطيبة الجميلة عن نفسه للناس .

بعض الناس يملك المادة العملية و الأسرية والاجتماعية والثقافية الفريدة التي يستطيع أن يرسم ويصور ويصنع من حياته الشخصية والأسرية شيئاً عظيماً ! بيد أنه لا يحسن رسم الخيوط السحرية لفيلم حياته ؛ فحياته مشاهد عظيمة لكنها مقطعة غير موصولة فيها صور مشاهد تستحق حسن الإخراج والمونتاج لكنه لا يعبأ بها فتمر تلك اللحظات هكذا كسائر اللحظات العادية العابرة .

نحن نشاهد اليوم وعبر وسائل التواصل الاجتماعي من يكون المحتوى لحياتهم التي نحن شاهدناها ضعيف أو عديم الفائدة أو ربما ضرره أكبر بكثير من نفعه على الناس!

أو ربما يكون بعض المحتوى والمضمون من التفاهة والسذاجة بمكان !

ومع ذلك هم يحسنون ربط خيول فيلم حياتهم ويحسنون المونتاج له ! ويحسنون والإخراج !
ويحسنون اختيار التوقيت الزمني الذي يقدمون فيه هذه المادة الفيلمية للناس والعالم ، ثم يرسلونها ويقدمونها للناس من المتابعين المشاهدين أو السامعين لترى العجب العجاب في الإقبال عليها والتأثر بها ومحاولة محاكاتها وحتى التسويق لها ونشر نسخاً منها في صور شتى في بقاع الأرض ، وباللغات المختلفة والمتباينة .

إننا أمام مشاهد فيلمية حديثة متطورة مبتكرة – اتفقنا أو اختلفنا مع أصحابها – أحيانا نستطيع الوقوف أمامها للمشاهدة والترفهية ، وأحيانا أخرى ربما كنا مشغولين عنها ! أو لم تكن تلك المشاهد وصناعتها قادرة على أن تلفت إنتباهنا إليها وإلى ما فيها من عمل مميز مبدع رغم ما صُرف ودُفع فيها من المال والجهد والوقت ! .

إن حياة كل إنسان اليومية والأسبوعية والشهرية وعلى مدار السنين ؛ ما هي إلا فيلم جميل طويل ! والإنسان حقيقة هو الذي يكتبه ويمثّله ويحْبُك أدواره فيه ، فهو حقيقة الكاتب لفيلم لحياته ، والممثل البطل لفيلم لحياته ، والمصور لفيلم لحياته ، والمنتج والمخرج لفلم لحياته ، والمقدم العارض لفيلم لحياته ! أمام المشاهدين والمتلقين من الناس والشعب في طول الأرض وعرضها وفي الحياة الدنيا الجميلة كلها !.

أما يجدر بكل إنسان كيس فطن لبيب أن يُحسن وأن يُبدع في إنتاج فيلم عالمي أسطوري لنفسه ولأهله ولمجتمعه ووطنه .

قال شاعر العربية الكبير أبو الطيب المتنبي رحمه الله تعالى رحمة واسعة :

الرَأيُ قَبلَ شَجاعَةِ الشُجعانِ

هُوَ أَوَّلٌ وَهِيَ المَحَلُّ الثاني

فَإِذا هُما اِجتَمَعا لِنَفسٍ حُرّةٍ

بَلَغَت مِنَ العَلياءِ كُلَّ مَكانِ

وَلَرُبَّما طَعَنَ الفَتى أَقرانَهُ

بِالرَأيِ قَبلَ تَطاعُنِ الأَقرانِ

لَولا العُقولُ لَكانَ أَدنى ضَيغَمٍ

أَدنى إِلى شَرَفٍ مِنَ الإِنسانِ !

المصلح والمستشار الأسري
د. سالم بن رزيق بن عوض.

د. سالم بن رزيق بن عوض

أديب وكاتب رأي وشاعر ومصلح ومستشار أسري

‫5 تعليقات

  1. أما يجدر بكل إنسان كيس فطن
    لبيب أن يُحسن وأن يُبدع في إنتاج فيلم
    عالمي أسطوري لنفسه
    ولأهله ولمجتمعه ووطنه .
    (( «اعملوا فكل ميسر لما خلق له» ))
    تقبل مروري …شكرا القلم الجميل..

    1. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      شكرا شكرا لكم أستاذة شقراء طالبي
      على مروركم الجميل على المقال .
      وشكرا لكم على كتاباتكم الجميلة .
      وإلى الأمام دائما وابدا…

    1. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      شكرا شكرا لكم على مروركم الجميل
      أستاذتنا القديرة الأستاذة ابتسام
      هذا بعض ما عندكم من التفاؤل والأمل
      جزاكم الله تعالى عنا خيرا…
      وإلى الأمام دائما وابدا….

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى