عندما يهدد السعي للمكانة الوطن

محمد الفريدي
في الماضي، كانت مكانة الرجل تُقاس بمدى دوره وتأثيره في مجتمعه، سواء في محيط عائلته أو قبيلته، بغض النظر عن كونه مسؤولاً كبيراً أو عاملاً بسيطاً.
أما اليوم، فقد انقلبت تلك المفاهيم رأساً على عقب، وأصبحت مكانة الفرد مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمقدار ثروته، فمن يمتلك مالا أكثر يُعد ذا شأن ومكانة اكبر، حتى وإن كان عديم القيم والأخلاق والشرف.
هذا الانقلاب في المعايير دفع بعضنا إلى السعي المحموم نحو الثراء السريع بكل الطرق، حتى وإن كان عبر وسائل غير مشروعة أو محرمة، مما دهور مجتمعنا أخلاقياً، وهدد قيمنا التي هي اساس ترابطه واستقراره.
هذا السعي المحموم خلف المال أدى إلى مشاكل كثيرة في مجتمعنا، ودفع البعض ثمناً باهظاً في سبيل تحقيق ثروة سريعة، ودخل آخرون السجون، بسبب جرائم مثل تحرير شيكات بدون رصيد، وتراكم الديون، والاختلاسات، والرشاوي. بينما هرب البعض الآخر إلى الخارج عند أول فرصة سنحت لهم، تاركين خلفهم تاريخاً أسود من الخيانات الشنيعة التي لا تغتفر.
لقد عانينا لسنوات طوال من أسلوب التجاهل والإنكار، الذي لم يحل مشاكلنا بل أسهم في انهيار منازلنا وتصدع بنيتنا الفكرية، وحان الوقت لنتبنى نهجاً جديداً وجاداً يتضمن إعادة تقييم مناهجنا التعليمية، وصياغة مشروع فكري موحد يعالج قضايانا بعمق، ويقدم حلولاً عملية ملموسة لطلابنا ومجتمعنا، ويعزز نهج الولاء والانتماء للوطن، ويرسخ قيم وحدتنا واستقرارنا.
هدفنا هو بناء جيل قادر على التمييز بين الحق والباطل، جيل لا يسعى وراء الثروة بأي وسيلة، خاصة تلك التي تكون غير نظامية، وتؤثر سلباً على قيم مجتمعنا واستقراره.
هؤلاء شبابنا وأبناؤنا، ونحن مسؤولون عنهم، وأي انكسار يصيبهم هو في الواقع انكسار لنا جميعا، بل هو انكسار لمنظومتنا الوطنية.
هذه المنظومة التي تحتاج اليوم بشدة إلى حملة الأفكار النيرة، الذين يؤمنون بالإنسان السعودي، ومؤسساته، وتراثه، وقيمه، ودينه، ووطنه، ﻭ تتصدى بكل حزم وقوة لأي محاولة تستهدفهم أو تجعلهم لقمة سائغة للأفكار الهدامة، سواء تلك القادمة من الخارج أو المتسللة من الداخل.
تقع على عاتقنا، نحن المتقاعدين، مسؤولية كبيرة، وعلينا أن نقوم بالمبادرة، وتوظيف قدراتنا الفكرية لمواجهة الدعوات الهدامة والسلوكيات المنحرفة، بالكلمة الصادقة التي تخرج من القلب، وتصل إلى القلب، وأن نعمل بجد لمنع أي من أبنائنا من الانشقاق بدافع المغريات المادية أو بحثًا عن المكانة الزائفة.
واجبنا أن نكون قدوة ونموذجا يُحْتَذَى به في الثبات على المبادئ والقيم، وأن نؤكد بأفعالنا قبل أقوالنا أن المكانة الحقيقية لا تُنال بالمال أو الشهرة، بل بالالتزام بالصدق والإخلاص والعمل الدؤوب من أجل رفعة واستقرار هذا الوطن.
علينا أن ندرك أن المكانة الحقيقية لا تُقاس بالمال أو النفوذ، بل بالولاء والانتماء لوطن نعيش فيه جميعا بسلام، مثلما تعيش في أوطانها بسلام بقية الأمم.
فالمكانة تُبنى على حب الوطن والعمل بإخلاص من أجله، وليس على حساب القيم والأخلاق التي تجمعنا كمجتمع واحد يسعى للنهوض بوطنه.
ينبغي لنا أن نغرس في نفوسنا ونفوس أبنائنا مفاهيم التسامح والتعايش والحب غرسا، لأن العزة والكرامة والشرف الحقيقي تكمن في خدمة الوطن بإخلاص وتفانٍ، وليس في السعي وراء مكانة زائفة بطرق مشبوهة أو غير مشروعة على حساب كرامة متهالكة، فمهما بلغت مكانتنا، فلن نجد مكانة تعادل مكانة الانتماء للوطن، ولن نجد ثروة تقارن بثروة الانتماء إليه، حتى ولو بلغت ثرواتنا ما بلغته ثروة الوليد بن طلال و إيلون بن ماسك مجتمعة.
كاتب رأي
استاذنا المتألق الاستاذ محمد لافض فوك فعلا شبابنا في حاجة ماسه الى من يعيدهم الى الطريق الصحيح ، بدلاً من التطبيل لهم إن مالك هو مقياس إحترام وتقدير الناس لك حتى لو كنت ع خطأ
الأستاذة الفاضلة سلامة المالكي:
أشكركِ جزيل الشكر على كلماتك الراقية ومرورك الكريم، نحن بالفعل بحاجة إلى أن نكون مرشدين حقيقيين لشبابنا، وأن نساعدهم في فهم أن القيم الحقيقية لا تُقاس بالمال أو الشهرة، بل بالاستقامة والعمل الجاد، و دورنا ليس التصفيق لهم فقط، بل توجيههم نحو الطريق الصحيح الذي يخدمون به أنفسهم ومجتمعهم ، و تقبلي خالص تحياتي وتقديري.
أخوكم / أبو سلطان
[ السعي المحموم خلف المال أدى إلى مشاكل كثيرة في مجتمعنا ]
تقلقني هذه العبارة بل إنها تنخر في جسد الأمة والمجتمع فهذه الظاهرة التي أرست بكاهلها على الوعي المجتمعي منذ مايقارب نصف قرن وفرضت هيمنتها على المجتمع دون مقدمات بل تجاهلت كل نبرة واقعية بالرغم من جهود الدولة في الحد من زيادة أضرارها وأصبحت تشكل زيادة متسارعة وأكثر ضحاياها من فئة الشباب الذي يتطلع لتلبية احتياجاته مقارنة بالإفتاح العالمي وزيادة مستوى المعيشة وإنخفاض المردود المادي البون الشاسع بين خطط التنمية وواقع الحال فمن وجهة نظر شخصية لعلها تفي بالغرض إذ لابد من المكاشفة بين مجمل طبقات المجتمع بأساليب مقبولة وبرامج إعلامية وحلول اجتماعية ومشاركات إيجابية من قبل الوزارات المعنية وتوصيات من قبل رجال الفكر والرأي لك تحياتي أبا سلطان ودام قلمك بصوت الحق والشفافية.
أستاذي الكبير أبو معتز، كلماتك الرصينة تعكس بعمق ما يختلج في صدورنا جميعا من قلق تجاه هذه الظاهرة المدمرة التي نخرت في صميم مجتمعنا.
لا شك أن هذا السعي المحموم خلف المال لم يكن مجرد عارض مؤقت، بل تحول إلى واقع مؤلم فرض نفسه على فئة الشباب بشكل خاص.
ورغم الجهود المبذولة من الدولة، فإن الفجوة بين الطموحات والواقع باتت تتسع، وهو ما يجعل من المكاشفة الجادة بين جميع أطياف المجتمع ضرورة لا بد منها، و كما تفضلتم، نحن بحاجة ماسة إلى برامج إعلامية واعية، وحلول اجتماعية مبتكرة، وتوصيات من أهل الفكر والرأي لتحقيق التغيير المنشود.
أشكرك من أعماق قلبي على كلماتك النابعة من الحكمة، ودام قلمك مشعلا للنور والحق ، و تقبل أستاذي فائق تحياتي و احترامي.
أخوكم / أبو سلطان
استاذ محمد لافض فوك هذا مانتمناه في مجتمعنا ومايجب ان نسعى له حتى ترتقي عقول شبابنا إلى المستوى المتوقع منهم نظير كل مايقدمه الوطن لهم
الأستاذة الفاضلة الجوهرة، أشكركِ جزيل الشكر على كلماتكِ الطيبة، و ما تفضلتِ به هو بالفعل جوهر ما نطمح إليه، فالارتقاء بعقول شبابنا يجب أن يكون أولوية، خاصة في ظل ما يقدمه الوطن لهم من دعم وفرص، و علينا جميعا أن نعمل يدا بيد لتحقيق هذا الهدف النبيل، حتى نبني جيلا واعيا وقادرا على حمل المسؤولية، و تقبلي فائق تحياتي واحترامي.
أخوكم / أبو سلطان
عندما يكون بيننا من يفكر في اجيالنا ، لابد أن نصل إلى مرسى عظيم لاحلامنا ، ومدينة فاضلة بأهلها ، ونصنع قوارب متينة لاتغرق في اول الطريق او منتصفه . شكرا لك
الأستاذة الفاضلة آمنة يوسف..
كلماتكِ تفيض بالحكمة والرؤية الواضحة لمستقبلنا ومستقبل أجيالنا.
نعم، حين نمتلك تلك القوارب المتينة التي نبنيها بعقولنا وقلوبنا، سنتجاوز كل التحديات دون أن نغرق في بحورها إن شاء الله.
شكراً لكِ على هذه النظرة الملهمة التي تعزز فينا الثقة بأننا قادرون على تحقيق أحلامنا والوصول إلى المراسي الآمنة ، و تقبلي تقديري واحترامي.
أخوكم / أبو سلطان