السندرلات السعوديات ﻭ الساحرات المغربيات

محمد الفريدي
في مدينة مراكش الساحرة، يعيش رجل سعودي مسن تجاوز السبعين من عمره، لكنه يشع حيوية ونشاطًا، وكأنه في ريعان شبابه، اختار قضاء سنوات تقاعده في هذه المدينة الخلابة، مستمتعًا بحياة هادئة في حي راقٍ، محاطًا بجيرانه الذين يحبونه لطيبته وحيويته التي لا تنضب.
للرجل خمسة أبناء ناجحين في السعودية؛ اثنان منهم طبيبان، ومهندس، ورجل أعمال يدير شركة تكنولوجيا، وأستاذ جامعي، يحرصون جميعا على زيارته كل صيف، حاملين الهدايا وقصص حياتهم، ليستمتعوا بوقتهم معه في مراكش.
يستيقظ الرجل مبكرا كل صباح ليمارس هوايته المفضلة، المشي في الهواء الطلق، ويجوب شوارع المدينة مسلماً على المارة بابتسامته الدافئة وكلماته الطيبة.
زوجته، (فاطيما)، امرأة مغربية حكيمة ورحيمة، تقف إلى جانبه منذ أربعين عامًا، تدير شؤون أسرته بحب وكفاءة.
في إحدى زياراته القصيرة للسعودية، التقى مع جار قديم له، وأثار انتباهه نشاطه وحيويته رغم تقدمه في السن فسأله بفضول: “ما سر هذه الحيوية التي لا تنضب؟ “.
ابتسم الرجل بهدوء، وأجاب: “فاطميا … إنها سر سعادتي، وسر كل شيء في حياتي، تعتني بي وبكل شيء يُحيط بي، وهي جداري الذي استند إليه، ويستند إليه بيتنا”.
كانت فاطمة حجر الزاوية في الأسرة، تدرك احتياجات الجميع، وتحرص على أن تكون أجواء منزلها دافئة ومليئة بالحب والحنان.
تجمع أبناءها حول مائدة الطعام كلما حلّوا بالسعودية، وتحادثهم برقة، وتنصت إليهم بعناية، كأنها تُحيطهم بهالة من الأمن والراحة والحب والانسجام.
أدرك الجار أن سر حياة جاره السعيدة لا تكمن في عمله أو أبنائه الناجحين فقط، بل في زوجته المغربية التي كانت سندا له طوال هذه السنوات الماضية، وتغدق الأسرة بحبها وتفانيها. فتمتم الجار وقال في نفسه: “إذاً سرُّهم في زوجاتهم المغربيات! “، ومضى إلى حال سبيله، وعندما عاد إلى منزله، حكى لزوجته ما سمعه من جاره عن سر نشاطه وحيويته، وذكر لها دور زوجته المغربية في ذلك، فجاء ردها مفاجئًا:
(هذا سحر … أكيد المغربية ساحرته، انتبه لا تروح له ثاني مرة، لا يسحروك أنت كمان، ماني ناقصة وجع رأس).
في الحقيقة يجسد هذا الحوار البسيط اعتقادا شائعا عند بعض (السندريلات السعوديات)، حيث يعتقدن أن النساء المغربيات يسحرن ازواجهن، وهذا الاعتقاد في ظني ناتج عن عوامل اجتماعية وثقافية متعددة، ولا تنتشر هذه الأفكار إلا في المجتمعات التي تكثُر فيها الأحاديث عن السحر والشعوذة والدروشة، خاصة حين يتعلق الأمر بالزواج والحب والعاطفة.
ومن جهة أخرى قد يعكس هذا الاعتقاد الحالة التنافسية بين نسائنا والنساء الأخريات القادمات من ثقافات مختلفة، حيث لا يزلن لا يعترفن بعض (السندريلات) أن النساء المغربيات يمتلكن مهارات وقدرات خاصة في التعامل مع أزواجهن، سواء من خلال طبيعتهن الحنونة أو براعتهن في الطهي والعناية بالمنزل والأطفال، مما يمنحهن مكانة خاصة في قلوب أزواجهن.
قد يبدو اعتقاد السحر مبالغ فيه وغير منطقي، ولكنه يُسلط الضوء على تأثير الأفكار المجتمعية والثقافية على تصرفات الناس وسلوكياتهم، فالزوجة السعودية التي تخاف أن يُسحر زوجها من امرأة مغربية، قد تكون تُعاني من مخاوف أعمق تتعلق بالحفاظ على حياتها الزوجية، والتوازن المفقود داخل الأسرة، وعدم قدرتها على القيام بدور الزوجة المغربية.
على أي حال قوة العلاقة بين الزوجين تعتمد على الاحترام المتبادل والحب والتفاهم، وليس على السحر والشعوذة، فالزوجة التي تُخلص لزوجها، وتُحبه، وتحرص على سعادته وراحة باله، ستظل دائما شريكته الحقيقية و ان امتد بهما العمر، بغض النظر عن جنسيتها أو أصلها أو ثقافتها.
وربط سعادة الرجل السعودي الذي يعيش في المغرب او يتردد عليه بـ (السحر) واعتباره بين الأسرة (رجلا مسحورا )ما هو إلا انعكاس لمعتقدات اجتماعية وثقافية راسخة في أذهان (سندرلاتنا) فقط.
ولهذا يجب أن نذكرهن في هذا المقال بأهمية التركيز على الجوانب الحقيقية والملموسة في علاقاتنا الزوجية، بدلاً من الانصياع لمعتقدات غير منطقية قد تؤدي إلى نتائج عكسية، و (اتركونا نعيش بصراحة .. ذبحتونا).
كاتب راي
جميل طرحك استاذنا الفاضل
فعلا هذه نظرة مجتمعنا بأكمله وليس السندريلات فقط .
جاءت هذه النظرة من الانقياد التام و الولاء و الثناء للزوجة الأجنبية مقابل قيامها بأساسيات واجباتها وهي ملكة منزلها وطلباتها مجابة .
لو سمعت قصص السندريلات االسعوديات اللاتي احرقن شموع أعمارهن في الواجبات المنزلية والزوجية والتضحيات بأبسط حقوقهن إلى جانب الاحتراق الوظيفي دون أدنى درجات التقدير .
لما تعجبت من كثرة الأمراض النفسية و الجسدية بين سندريلات مجتمعنا .
أستاذة شقراء، شكرا لتفاعلك الراقي وتعليقك العميق ، بالفعل، ما ذكرتِه يعكس واقعا مؤلما تعيشه كثير من السعوديات اللواتي يجدن أنفسهن عالقات بين واجباتهن المنزلية، والتزاماتهن الوظيفية، وتوقعات المجتمع، وهذا الضغط المستمر، دون أي تقدير يُذكر، يؤدي إلى احتراق نفسي وجسدي كبير، ما يؤثر سلبا على حياتهن وصحتهن.
من المؤسف أن تتكرر هذه التجارب، حيث نجد أنفسنا في مجتمع ينظر إلى الزوجة الأجنبية بنوع من التبجيل، بينما يُنظر إلى تضحيات “سندريلاتنا” وكأنها شيء مُسلَّم به لا يستحق الثناء أو التقدير.
لعلّ هذه المعايير المزدوجة هي جزء من المشكلة التي نحتاج إلى تسليط الضوء عليها والعمل على تغييرها.
أعتقد أن الوقت قد حان لنبدأ حوارا جادا حول كيفية دعم المرأة السعودية وتقديرها بشكل صحيح، سواء في المنزل أو في مكان العمل، لأنها تستحق كل الاحترام والتقدير على جهودها العظيمة.
تقبلي تحياتي واحترامي.
أخوكم
أبو سلطان
بارك الله قلمك استاذنا الفاضل
شكراً جزيلاً استاذة و بارك الله فيك و في علمك.
تحياتي
تقبل اصدق دعوات السندريلات لك بالسعادة في الدارين يابو سلطان .
نتمنى لك مزيداً من التألق في سماء الإبداع .
أستاذ أبو رائد ، أشكركم من أعماق قلبي على دعواتكم الطيبة وكلماتكم المشجعة، و أسعدني كثيرا ما تفضلتم به، وأتمنى أن أكون دائما عند حسن ظنكم.
إن الإبداع رحلة طويلة لا تكتمل إلا بدعم الأصدقاء والزملاء المخلصين أمثالكم.
أتمنى لكم التوفيق والسعادة في جميع مساعيكم، وأن نواصل معًا مسيرة الإبداع والتميز.
تحياتي وتقديري لكم.
أخوكم
أبو سلطان
رائع
👏👏👏👏
جميييييييييييل استاذ محمد👌👌👌