شعب لا يعي من تاريخه إلا كنا وكنا

محمد الفريدي
فوجئت، كما فوجئ غيري، من كمية الانحلال والابتذال التي صاحبت الاهتمام الكبير بزيارة إحدى المشهورات إلى مدينة سعودية، وفي سناب آخر مجاور كان أحد المشاهير يتباهى بإنجازات تاريخية مبالغ فيها، ولا أخفيكم القول أنني شعرت بالغثيان من رؤية مشاهد المشهورة، ومشاهد التفاخر التي تستهلك وقتنا واهتمامنا (على الفاضي)، بينما نحن في أمس الحاجة إلى الاحتفاء بإنجازاتنا التاريخية الحقيقية.
لا تبرروا لي بأن المواطن السعودي البسيط ضحية لآلة إعلامية خارجية ضخمة تروج للتفاهات، وتقلل من أهمية قضايانا الجادة بهدف غسل دماغه، فالآلة التي تستهدف عقول الناس في الغرب أشد قوة وتأثيرًا وخطرًا من الآلة التي تستهدف عقول أبنائنا في الداخل، ولكن الفرق بيننا وبينهم كبير جدا، وواضح وضوح الشمس، فهم تعلموا وضع الأمور في نصابها الصحيح، زيارات المشاهير، وتشجيع مباريات كرة القدم، والحفلات الصاخبة لا تُلهيهم أبدًا عن قضاياهم الأساسية والمصيرية والإنسانية، فها نحن نجد شوارعهم وساحاتهم مليئة بالفعاليات المتنوعة، ومع ذلك تبقى ساحات نضالهم نشطة للدفاع عن قيمهم وحريتهم وسياسات دولتهم، وحقوق الإنسان المسحوق في كل أنحاء العالم بدون تمييز، وحتى في قضيتنا الأولى، فلسطين، كانوا أكثر دعمًا منّا، وناصروها أكثر منا، وتنادوا لها من كل فج عميق، و ملؤا الشوارع والميادين بالمظاهرات، والصحف بالمقالات، ﻭ وسائل التواصل بالتنديد والاعتراض على الأفعال الإجرامية والمشينة التي ترتكبها إسرائيل بحق أطفال ونساء وشيوخ غزة، والذين يتم إبادتهم على مرأى ومسمع من العالم المتحضر الذي يدّعي زيفًا حماية حقوق الإنسان، أما نحن، فلم نجد حتى “سنابي” واحدًا يُندد بما تقوم به إسرائيل من إبادة جماعية لشعب مسلم أعزل، وكأن الأمر لا يعنيهم من قريب او بعيد .
مشاهير السناب في الغرب أغلبهم يتميزون بالرقي والفهم العميق، ويعبرون عن قضايا وطنية حقيقية، بينما العديد من مشاهيرنا ينشغلون بالتفاهات التي تؤدي إلى تشتيت انتباهنا عن قضايانا المهمة، وتحتاج منا إلى صبر وصدق ورجولة، ولا يعرفون الفرق بين الحرية والاستبداد، وأن الحرية، وإن لم تصلح حال الشعوب، لا تفسدها، بينما الاستبداد يسلب الإنسان كرامته، ويجرده من قيمه الإنسانية.
وفي حين تسعى الشعوب الأخرى لتحقيق مطالبها ونيل حقوقها من الدول العظمى ومجلس الامن والأمم المتحدة، نجد أنفسنا مشغولين بأمور تافهة تُنسينا تاريخنا وأمجادنا وقضايانا ذات الأهمية القصوى .
زيارة مشهورة واحدة إلى إحدى مدننا تشغلنا عن الاحتفاء بإنجازاتنا التاريخية الحقيقية، والمطالبة بحقوقنا، والدفاع عن إخواننا في فلسطين، وتحول اهتمامنا إلى تفاهات لا تفيدنا، ولا تفيد بلادنا بشيء يذكر؟!!
من المحزن فعلا أن نرى شعبًا كان رمزًا للعزة والكرامة يتحول إلى مجتمع تائه لا يعرف أولوياته. وأي شعب لا يعرف تاريخه محكوماً عليه بتكرار أخطائه، وأي شعب يجهل أولوياته يعني بقاءه في ذيل قوائم الأمم.
نحن بحاجة إلى شخصيات (سنابية) ملهمة تقودنا نحو مستقبل مشرق، وتمنحنا حرية التفكير والنقد وإثبات ذواتنا، وتدرك أن مستقبلنا في أيدينا، وأننا قادرون على تغيير واقعنا بالوعي والإدراك والعزيمة والوطنية، وتعيد ترتيب أولوياتنا، وتوجيه اهتماماتنا نحو قضايانا الكبرى التي تهمنا، وتهم أجيالنا القادمة.
فالصعوبات التي نواجهها ليست مستعصية، ولكنها تتطلب منا جميعًا أن نكون على قدر كبير من المسؤولية، وأن نتخذ خطوات مدروسة، فمثلا يمكننا الانخراط في الأنشطة المجتمعية التي تهدف إلى تحسين واقعنا، وبناء مجتمع أكثر وعيًا وتماسكًا لنواجه به التحديات المستقبلية بفعالية.
نحتاج إلى دعم التعليم الجيد الذي يبني عقولًا ناقدة مبدعة، لا عقولًا مبرمجة تعمل كآلات، فالتعليم مفتاح تطوير الشعوب، وبناء أجيال قادرة على مواجهة التحديات ﻭ الصعوبات، تعليم يركز على تنمية النقد والإبداع، ويفتح آفاقاً جديدة، ويحفز على الرقي والابتكار.
والتغيير المنضبط يبدأ من داخلنا نحن، فإذا أردنا رؤية تغيير حقيقي في مجتمعنا، يجب أن نبدأ بتغيير أنفسنا أولاً، وأن نكون أكثر وعيًا بقضايانا الوطنية، وأن نتحلى بالعزيمة في مواجهة التحديات لكي نبني مجتمعا قويا متماسكا يحقق الأمن والاستقرار والازدهار لبلادنا عند الحاجة إليه، ويعيد لأمتنا أمجادها، ونكون شعباً حراً يفتخر بتاريخه وماضيه، ويسعى لتحقيق مستقبل أفضل له بوعيه وعزيمته، ويصبح نموذجًا يُحْتَذَى به، ويحقق آمال أفراده وحكومته، ويواجه التحديات التي تمر به بكل اقتدار وثقة.
فعلا أستاذ محمد للأسف
واقع فرض علينا و انساق وراؤه الصغير والكبير
حتى أصبح السواد الأعظم منا دمى تحركها تلك الشخصيات بيومياتها التافهة .
بارك الله قلمك
بارك الله فيك أستاذة شقراء و في قلمك .
أحسنتِ وصفاً لهذا الواقع المؤسف الذي فُرض علينا، وانساق خلفه الكثير دون وعي.
نسأل الله أن يهدي الجميع ، و ان يرشدهم إلى الطريق القويم.
أسعدني مرورك الكريم وكلماتك الداعمة، حفظك الله وبارك في قلمك النبيل، ﻭ تقبلي فائق تحياتي.
أخوكم
أبو سلطان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حبيبنا الغالي الأستاذ العزيز أبا سلطان
محمد بن علي الفريدي
بارك الله فيكم ولكم ولكم
أحسنتم أحسنتم في مقالكم …
( والتغيير المنضبط يبدأ من داخلنا نحن، فإذا أردنا رؤية تغيير حقيقي في مجتمعنا، يجب أن نبدأ بتغيير أنفسنا أولاً، وأن نكون أكثر وعيًا بقضايانا الوطنية، وأن نتحلى بالعزيمة في مواجهة التحديات لكي نبني مجتمعا قويا متماسكا يحقق الأمن والاستقرار والازدهار لبلادنا عند الحاجة إليه، ويعيد لأمتنا أمجادها، ونكون شعباً حراً يفتخر بتاريخه وماضيه، ويسعى لتحقيق مستقبل أفضل له بوعيه وعزيمته، ويصبح نموذجًا يُحْتَذَى به، ويحقق آمال أفراده وحكومته، ويواجه التحديات التي تمر به بكل اقتدار وثقة).
وإلى الأمام دائما وابدا…
أستاذي الغالي الدكتور سالم بن رزيق.
جزاكم الله خيرا على كلماتكم المشجعة ودعمكم الدائم.
نعم التغيير الحقيقي يبدأ من الداخل، من أنفسنا أولاً ، فبالتزامنا ووعينا يمكننا ان نبني مجتمع متماسك يحقق الأمن والاستقرار لوطننا الغالي، ويعيد لأمتنا مجدها وعزها. نسأل الله أن يوفقنا جميعا لتحقيق ذلك، وأن نكون دائما عند حسن ظن وطننا وحكومتنا ، و دمتم بخير و عافية.
أخوكم
أبو سلطان
بارك الله فيك أستاذ محمد 👍👍
أصبت وأجدت ..
فهذا بحق واقع مر … تنسجه أيادي خفية …
إذا لم تكشف حقيقته فسيكون تيارا جارفا
إلى هاوية الضياع وفقدان الهوّية …
شكرا جزيلا لكِ أستاذة خديجة على كلماتك الطيبة ، و أسعدني كثيرا أن رأيكِ يتفق مع ما طرحت.
بالفعل، تلك الأيادي الخفية تعمل بلا كلل و لا ملل، وإن لم نكن واعين لحقيقتها، فقد نجد أنفسنا في مواجهة تيار مدمر، حفظنا الله جميعا من هذا الضياع و حفظ بلادنا من كل سوء، ووفقنا للتمسك بهويتنا وقيمنا ، و تقيلي تحياتي
أخوكم
أبو سلطان
لافض فوك أ .محمد👍
المقال الذي كتبته مهم جدا ، يسلط الضوء على مسألة مهمة تتعلق بانشغال المجتمع بالأمور الثانوية بينما يتجاهل قضاياه الأساسية.
يُعَد هذا المقال دعوة قوية للتفكير في الأولويات والاهتمام بالمسائل الجوهرية التي تؤثر على المجتمع بشكل أكبر.
وكلامك يااستاذ محمد يعكس وعياً عميقاً وحرصاً على تحسين وضع المجتمع من خلال تعزيز الوعي التاريخي والاجتماعي ، ويشجع على تطوير التعليم ورفع مستوى الوعي الوطني.
وتحليلك للأوضاع يعكس رغبتك الحقيقية والجادة في إحداث تغيير إيجابي ،
أعجبني جدا تشديدك على أهمية التركيز على القضايا الكبرى والعمل على تحقيق أهداف حقيقية تعود بالنفع على المجتمع والأجيال القادمة👍.
وأكرر لافض فوك
👏👏👏
أستاذة ابتسام، من دواعي سروري أن أكون جزءا من هذا الحراك الثقافي المثمر الذي يسعى إلى تسليط الضوء على القضايا الأساسية في مجتمعنا.
تعزيز الوعي الوطني والاجتماعي مسؤولية تقع على عاتقنا جميعا، وأتمنى أن يسهم هذا المقال في تحقيق ولو جزء بسيط من التغيير الإيجابي الذي ننشده.
تحياتي واحترامي.
أخوكم
أبو سلطان
هذا هو الواقع المؤسف
العالم يغرق في مشاكل تحتاج للحل أو على الأقل تسليط الضوء والتفكير بالحلول والنقدواعطاء رأي والدعم للمجيد لعل وعسى
وهولاء في عالم آخر ينحدر لمستوى متدني من السخف والابتذال والتفكير السطحي
نسأل الله السلامة والصحوة
شكرا لك ، ومزيد من التميز بمثل هذا الطرح الراقي
تقبل تحيتي وتقديري 🌹
أستاذة نعيمة، شكرا جزيلا لك على كلماتك الرائعة، بالفعل، العالم يمر بمرحلة حرجة تتطلب منا جميعا التركيز على الحلول الفعالة، والدعم المستمر للمبدعين، نسأل الله أن يوفقنا جميعا في تسليط الضوء على القضايا الهامة، ورفع مستوى الوعي.
تقديري واحترامي لك.
اخوكم
ابو سلطان