كُتاب الرأي

المسؤولية

 

لا تطيب الحياة عامة ولا متعة للفرح بالإنجازات والإبداعات إلا أن تكون تلك الإنجازات والإصدارات والإبداعات أنت الذي حققتها وأنت الذي صنعتها ! وكنت المسؤول عنها ! وأنت من تحملت التحديات والصعوبات والعقبات حتى وصلت في آخر المشوار إلى الفوز والنجاح وتحقيق البطولة.

إن من أبجديات الرجولة والأنوثة المسؤولية وتحمل الأعباء والأتعاب والهموم والغموم والآلام والآمال والأحزان والأفراح والأتراح ، والسير رغم ما في الطريق من أشواك وأسلاك حتى الوصول بالنفس وبالأسرة وبالمؤسسة أو الشركة أو الأدارة إلى تحقيق الأهداف والمقاصد العالية والوصول بها إلى بر أمان الإنجاز .

العجيب الغريب من بعض الناس أفرادا وجماعات ،
أن يطلب الفوز بلا عمل و لا بذل جهد ! والإنجاز بلا استعداد ! والبطولة بلا جودة ولا تخطيط و لا حتى تنفيذ ولا متابعة ولا مراجعة ولا تطوير جيد !

أن يُنصّب في أعلى المناصب وهو يرى نفسه المؤهل لكل منصب كبير وهو الجدير بذلك ؛ وما أهل نفسه ! ولا استطاع قيادة نفسه فنجح في قيادتها !
وما طورها ! ولا نجح في إلزامها بالمهام والمسؤوليات المنوطة بها !

وهؤلاء حالهم كالذين يطلبون الأولاد بلا زواج ! والشهادات العليا بلا دراسة! والفردوس الأعلى بلا عمل ولا إيمان ولا مجاهدة في سبيل الله تعالى !

إن المسؤولية تعني إتقان الواجبات التي أوجبها عليك الشارع أو العمل أو التخصص أو الدور أو الدرجة التي أنت عليها ، وعدم التفريط في تلك الواجبات والأعمال مهما كلفك ذلك الأمر ! والنظر بالعين الفاحصة إلى عواقب الإهمال والإغفال لها ! .

بعض الأنماط من الشخصيات الكبيرة ترى المسؤوليات متعة ورحلة واكتشاف للقدرات والمهارات والطاقات والمواهب ولذا تقدم في هذه التجارب النماذج الفريدة

والمميزة والأسوة والقدرة الحسنة ! وكم يعرف الجميع
ممن تحملوا تلك المهام والمسؤوليات والأدوار ! وكيف أرتقوا وجودوا وأبدعوا أيما إبداع في تلك المجالات التي كلفوا بها .

وتتعدد المسؤوليات حسب الأفراد والمؤسسات ، وحسب الأهداف والمقاصد وحسب القدرات والطاقات والمواهب والملكات للقائمين عليها ، فما هو من واجبات الحارس ؟ غير ما هو من واجبات المدير ؟ ومسؤوليات الحراسة غير مسؤوليات الإدارة ؟ وإن كان الجميع مسؤول عن هذه الإدارة بحسب موقعه ! ومهامه وأدواره !.

المسؤولية الفردية قيام كل فرد بما فرض عليه من الواجبات الفردية أو العينية ، وما ألزم نفسه به أو ألزمه به نظام العمل ! وقوة نجاح الأفراد في تحقيق المسؤولية هو في الحقيقة قوة نجاح المجتمع!
ومظهر من مظاهر الفوز والنصر والتفوق.

ومتى ما عظّم الناس مسؤوليتهم عن أنفسهم؟ وعن حياتهم وعن معاشهم؟ وعن تربية أولادهم؟! و عن
تحقيق أعلى المستويات في درجات العلم والعمل والإنتاج ؟! متى ما فعلوا ذلك ؟! وصلوا إلى أعلى درجات الإنسانية الملهمة الحقة والتي يريدها الله تعالى أن تكون خليفة في الأرض .

فالنجاح والتفوق والتميز والإبداع البشري يعني القيام بالمسؤولية كاملة ؛ والتزام الخطوات الواضحة الموصلة إلى تلك النجاحات والإنجازات الكبيرة!

المسؤولية تعني قبول النتائج مهما كانت ! لأنك رضيت من البداية بقبول تلك المهام وتلك الأعباء وتلك المسؤوليات!.

والمسؤولية قد تكون فردية وقد تكون جماعية وكلاهما يتكاملان ويتعاوننا في الرقي والتقدم والتحضر بالمجتمع المبارك العظيم !

وحقيقة المسؤولية هي الإلتزام بالتكاليف بالمهام والأدوار المنوطة بالأفراد والجماعات ، وعليهم القيام بها وأداء تلك الواجبات والأعمال بأكمل وأفضل وأحسن وجه .

وكلما استشعر الأفراد وكذلك الجماعات عظم المسؤولية وأجرها عند الله تعالى وخطورة التواني والتساهل في أداءها على الأفراد وعلى الجماعات
كانوا جميعاً في مستويات عالية من الإنسانية الأصيلة الملهمة الواعية المتقدمة والمتطورة .

فالمسؤولية عموماً ، تعني العمل الدؤوب من أجل مستقبل واعد .
المسؤولية تعني بذل الجهود الكبيرة لتحقيق الأهداف .
المسؤولية تعني إتقان الواجبات المعنوية والمادية .
المسؤولية تعني القيام بكل ما يتطلبه الموقف الحالي.
المسؤولية تعني الشجاعة والإقدام في تحقيق الأحلام.
المسؤولية تعني قيادة فرق العمل بالمحبة والإنجاز.

المسؤولية تعني الإحسان إلى الله تعالى وإلى النفس.
المسؤولية تعني السعادة والتفاؤل والحياة الطيبة.
المسؤولية تعني الإنجاز في العمل والوقت .
المسؤولية تعني صناعة الشخصية البشرية من جديد.
المسؤولية تعني كمال الحب وكمال العمل الحقيقي.
والمسؤولية تعني الحياة الآمنة المستقرة والسعادة المستمرة.
المسؤولية تعني التغيير والتطوير للأفضل والأحسن
القادم بإذن الله تعالى.

المسؤولية تعني أنك مسؤول عن نفسك وعن أهلك وعن أولادك وعن عملك وعن الوصول بحياتك
إلى درجات الخير والفضل والصلاح والبركة.
يقول شاعر العربية الكبير أبو الطيب المتنبي رحمه الله تعالى :

إِذا غامَرتَ في شَرَفٍ مَرومٍ
فَلا تَقنَع بِما دونَ النُجومِ

فَطَعمُ المَوتِ في أَمرٍ صَغيرٍ
كَطَعمِ المَوتِ في أَمرٍ عَظيمِ

وَكُلُّ شَجاعَةٍ في المَرءِ تُغني
وَلا مِثلَ الشَجاعَةِ في الحَكيمِ

وَكَم مِن عائِبٍ قَولاً صَحيحاً
وَآفَتُهُ مِنَ الفَهمِ السَقيمِ

وَلَكِن تَأخُذُ الآذانُ مِنهُ
عَلى قَدرِ القَرائِحِ وَالعُلومِ !

المصلح والمستشار الأسري
د. سالم بن رزيق بن عوض.

د. سالم بن رزيق بن عوض

أديب وكاتب رأي وشاعر ومصلح ومستشار أسري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى