من أمانة الأجداد إلى خيانة الأحفاد

بقلم/ محمد الفريدي
خيانة الأوطان من أفظع الأفعال التي يمكن أن يُقَدَّمُ عليها الإنسان، فهي ليست مجرد انتهاك للثقة وحسب، بل هي فعل شنيع يهدد سلامة المجتمعات، ويقوض امنها واستقرارها، ولخيانة الأوطان أشكال متعددة، ولكل شكل منها تأثيرات سلبية على الوطن والمواطن ونحن لا نشعر، وتُضعف مؤسساتنا الحيوية، وتحقن الفساد بإكسير الحياة، وتُزرع بذور الفتنة بين أبناء الوطن الواحد، وَتَدَهْوُرُ القيم والمبادئ التي تُعزز اللحمة الوطنية، ولمواجهة هذه الآفة الخطيرة يجب ان نعزز اولا الانتماء والولاء للوطن، لأن حمايته مسؤولية جماعية تتطلب تضافر الجهود وتكاتف أبناء الوطن الواحد.
والسيادة الوطنية من أهم الأسس التي تقوم عليها الدول، فعندما نفرط بالخيانة بهذه السيادة مثلا، يصبح وطننا عرضة للتدخلات الخارجية، ونضعف من قدرة مؤسساته الدفاعية، والأمنية، والسياسية، ونفتح المجال أمام أعدائنا للانقضاض على مقدراتنا، وتتآكل قدرة الدولة على حماية حدودنا، ورعاية مصالحنا، وتنشأ حالة من عدم الثقة بيننا وبين حكومتنا، وتتزعزع ثقتنا بأنفسنا، ونخلق حالة من الفوضى التي تهدد استقرار مجتمعنا.
هذه الفوضى هي التي يسعى لتحقيقها أعداؤنا، لهذا يتطلب الوضع منا جميعًا الوعي التام، والتحرك المدروس لحماية سيادتنا وكرامتنا، وأي خيانة للوطن تُعتبر استهدافًا مباشرًا لسيادتنا الوطنية، ودعوة مفتوحة لأعدائنا للتدخل في شؤوننا.
فكيف نعزز من قيم الولاء والانتماء، ونتكاتف لمواجهة هذه التحديات، ونحن لم نعمل من الأساس على تعزيز سيادة الوطن، ونكتفي فقط بدروس التربية الوطنية التي تحتاج إلى إعادة صياغة ثم نطالب طلابنا بان يحافظوا علي مقدرات الوطن؟!!
الحفاظ على سيادة الوطن ليست مجرد دروس او واجبات مدرسية، بل هي مسؤولية جماعية تتطلب تضافر الجهود لحماية الوطن من كل خطر يحيط به، وكل فرد في هذا المجتمع، مهما كبر او صغر، له دور في هذا الصراع الوجودي، ومن خلال الوعي والعمل الجماعي يمكننا بناء مستقبل آمن ومزدهر لأجيالنا القادمة.
ويُعتبر الفساد السياسي أحد أبرز مظاهر الخيانة للوطن وأخطرها، خاصة عندما يتم استغلال المناصب العليا لتحقيق المصالح الشخصية على حساب مصلحة المواطن والوطن، البعض يشتري ذمم البعض، ويتجاوزون بلا خوف ولا مبالاة حدود الأخلاق والنظام، ومنها ظاهرة تعيين أشخاص غير مؤهلين في مناصب حساسة، والتي وحدنا نتميز بها من بين دول العالم، وتُعد من أكبر كوارثنا التي أدت إلى تدهور حياتنا الاجتماعية والاقتصادية من قبل، فعندما نمنح الفرص لأشخاص غير أكفاء، فإنه يتراجع مستوى الأداء الحكومي، وتفقد مؤسساتنا القدرة على القيام بدورها المطلوب، ونسهل عمليات بيع وشراء الذمم، والمتاجرة بها، ونسهم في نشر ثقافة الفساد المالي والإداري، وهذا من وجهة نظري هو قمة الخيانة للوطن التي يجب القضاء عليها اولاً، لأن آثارها خطيرة، ولا تظهر إلا على المدى الطويل مما يجعل من الصعب محاسبة المتسببين فيها، وفي كثير من الأحيان تحال قضايا فساد من هذا النوع إلى النيابة، ولكن بعد ان تكون الأضرار قد تفشت في المجتمع، وانتهى الأمر.
لقد أدت هذه الظواهر في الماضي إلى تفشي المحسوبيات والفساد، وتشكيل التكتلات داخل مؤسساتنا الحكومية لتحقيق مصالح خاصة، وزيادة معدلات الاستياء بين المواطنين، وإفقادهم الثقة في نظامنا السياسي، وتجلت النتائج السلبية لهذه الخيانة في إضعاف انتمائنا لوطننا، وإضعاف قدرة وكفاءة إداراتنا الحكومية، وتدني مستوى الخدمات المقدمة لنا، وزيادة الفجوة بين الحكومة ومواطنيها.
ولهذا يتطلب الأمر منا جميعًا تعزيز مبدأ الشفافية والمساءلة في جميع مؤسساتنا الحكومية، وتطبيق قوانين صارمة لمكافحة هذا النوع من الفساد، وتوفير آليات فعالة لرصد أداء المسؤولين، الكبار منهم قبل الصغار، وبناء نظام رقابي قوي يلتزم بالأخلاق والقيم، ويعمل على استعادة ثقة المواطنين في حكوماتهم، ويقضي تماما على تكرار هذه الظاهرة وعودتها للظهور مرة أخرى.
ومن خلال تضافر الجهود نستطيع مواجهة هذا النوع من الفساد وتعزيز الولاء والانتماء للوطن، ونسهم جميعا في بناء مستقبل أفضل لأجيالنا القادمة.
فالفساد السياسي عندنا لم يعد مقتصرا على الأفراد فحسب، بل كان يمتد ليشمل مؤسسات بأكملها، مما زاد من حالة الإحباط فيما بيننا، ودفعنا إلى الانسحاب من المشاركة في الحياة الاجتماعية، وفي كل يوم كانت تتعقد المسألة ويستعصي علينا الوصول إلى حل.
أما التعليم فهو أحد أهم الركائز التي تُبنى عليها المجتمعات والدول، وفي إضعافه استهداف مباشر لمستقبل أجيالنا، فعندما نهمل مؤسساتنا التعليمية، فأننا نحرم شبابنا من فرص التعلم والتطور، والإبداع، ونضعف من قدرتهم على مواجهة الصعاب، وبناء وطنهم بالشكل الصحيح.
إضعاف التعليم يؤدي إلى خلق جيل غير مؤهل، ويزيد من فرص التحاق شبابنا بالتنظيمات المتطرفة، والرغبة في الالتحاق بما يسمى بالمعارضة، وهذا ما لا نتمناه ابدا، والاستثمار الصحيح في التعليم استثمار في مستقبل الوطن، ويجب أن يكون من أولوياتنا الوطنية لضمان استدامة التنمية، والحفاظ على أمن وسلامة الوطن.
والخيانة الاقتصادية نوع آخر خطير من الخيانات للوطن، فهو يؤدي إلى إهدار مواردنا وثرواتنا، وإفقار المواطنين، فعندما تُسخر الإمكانيات لخدمة مصالح فردية، أو لخدمة جماعة معينة منا على حساب بقية المواطنين، ومصالح الوطن، يتحول اقتصادنا إلى سلاح يستخدم ضدنا، ويتركنا من الطعنات نعاني من الفقر، وسوء الظروف المعيشية، ونشعر كمواطنين بمشاعر الإحباط والاحتقان، بينما هذه الفئة، وتلك تزداد قوة و بطرا وغطرسة، وتلعب بمقدرات الوطن الاقتصادية كما يحلو لها لامتلاكها المال، والجاه، والنفوذ، والسلطة التي لا نملكها.
ان الاقتصاد القوي يعكس قوة الوطن وقوة المجتمع، ولا تعتمد قوته على تكاثر هذه الفئة حتى نطلق عليه مجتمع قوي، فعندما يفشل نظامنا الاقتصادي لا قدر الله فأول من نتأثر هو نحن، وجميع جوانب حياتنا الأخرى، ونحن وحدنا من سنعاني من نقص الخدمات الأساسية، وتفشى الأمراض الاجتماعية، وارتفاع معدلات الفقر، والحرمان، والجوع، والجريمة، وهنا يبرز دور الحكومات في حماية مواردها الاقتصادية، بما فيها حكومتنا، من تسلط هذه الفئة، وضمان استخدامنا لها الاستخدام الأمثل.
ان الخيانة بجميع أنواعها تسعى إلى تمزيق الوطن وتمزيق وحدتنا، ونشر الفوضى، وزرع بذور الفتنة بين أفراد مجتمعنا، ليصبح الجميع ضد الجميع، وتتلاشى قيم التعاون والمحبة والتسامح، ونهدد امننا واستقرارنا بسكوتنا، ونزيد من حدة صراعاتنا وتشرذمنا، ونفكّك نسيجنا الاجتماعي بأيدينا، ونفقد هويتنا الوطنية بعدم وضع إصبعنا علي المكان الذي يؤلمنا، و بالتالي يصبح من الصعوبة بمكان ان نعمل معًا من أجل تحقيق الأهداف المشتركة التي رسمتها لنا حكومتنا.
إن تعزيز الوحدة الوطنية يتطلب جهودًا مضاعفة من جميع فئات المجتمع، ومن مؤسساته الأهلية والوطنية، بدءًا من التعليم، ومرورًا بالسياسات الحكومية العامة، وصولاً إلى الإعلام، كلنا يجب أن نعزز قيمنا الإنسانية وتسامحنا الذي عرفنا به بين أفراد المجتمع، حتى يتمكن الوطن من التغلب على صعوباته وتحدياته في هذه المرحلة، ونمنع بتعاوننا هذا نشوء بيئة تحتضن العملاء والخونة.
فالخيانة بجميع أشكالها تهديد حقيقي للوطن والمواطن، وآفة يتطلب التصدي لها بتضافر جهود جميع فئات المجتمع، وتعزيز قيم المواطنة الحقيقية، والتحلي بالإخلاص في السر والعلن، والوعي الكافي لمواجهة هذه الصعوبات، وحماية وطننا من كل ما يهدد أمنه واستقراره، وان نعمل بجد واجتهاد على بسط سيادتنا الوطنية على كامل تراب أراضنا الطاهرة، ونحارب الفساد بجميع أنواعه، ونستثمر التعليم كأداة فعالة لبناء جيل قادر على مواجهة التحديات، ونحمي اقتصادنا من كل من يعبث به، حتى لو كان من أصحاب المناصب العليا، لأن حماية وطننا أسمى من أي مصلحة.
ما شاء الله تبارك الرحمن
أحسنتم أستاذنا الحبيب
عندما يستشعر المواطن حُب وطنه يظهر في أقواله وأفعاله
بورك بنانكم وسلم فكركم
أشكرك من القلب أستاذ سلطان على كلماتك الطيبة التي أسعدتني كثيراً.
حب الوطن يا سيدي هو ما يجمعنا ويحفزنا دائماً على العمل من أجله بكل إخلاص، وكلماتك شهادة أعتز بها خاصة و انها سطرت بأنامل فنان مبدع مثلك.
أسأل الله العلي العظيم أن يديم علينا نعمة الامن الامان ، و هذا الوطن الغالي ، وأن نكون دائماً عند حسن ظن الجميع ، و تقبل تحياتي وتقديري .
أخوكم / أبو سلطان
مقال يضع النقاط على الحروف ..عندما يسلم الامر لغير أهله تكون النتائج كارثية .. وعندما تتدخل المحسوبيات والمجاملة في أي قطاع او مؤسسة من مؤسسات الدولة يبدأ الفساد يتمدد وتتعمق جذورة مما يصعب القضاء علية مستقبلاً بكل سهولة ..
السؤال العريض الذين يجب أن نتساءله كيف وصلنا لهذا ومن الذي أوصلنا لذلك ؟ .
إذا توصلنا للإجابة ، نبدأ بوضع الحلول التى تمنع من تفشي هذه الظواهر السلبية بالمجتمع ..
في الاونة الاخيرة بدأت الدولة وولاة أمرنا حفظهم الله بالالتفات لمثل هذه الظواهر السلبية ودراستها ووضع الحلول كما ضربت بيد من حديد على المفسدين وأصحاب الثروات الطائلة ..
وأخيراً صدر القرار الذي أفرحنا جميعاً وهو ( من أين لك هذا ؟ ) والذي يشمل الموظف وأقرباءه من الدرجة الاولى .. وهذه القرارات والاوامر سيكون لها الاثر الايجابي في الحد كثيراً من انتشار الفساد والمحسوبيات .. لا اريد أن أطيل وأسهب بالكلام لضيق المساحة ..
قلمك رائع وينبض بالوطنية التى نتمناها في قلم كل كاتب وكل معلم وكل موظف أينما وجد ..
شكراً مرة أخرى ابا سلطان حفظك المولى .
وتقبل تحيات اخوك ابو عبدالله .
أشكرك جزيل الشكر على كلماتك الراقية يا أبا عبدالله، بمداخلتك هذه وضعت يدك على الجرح بكل دقة .
لا شك أن المحسوبيات والتدخلات غير المهنية هي من أخطر ما يواجهه أي مجتمع، ويجب أن نكون واعين بأن السكوت عليها سيكلفنا الكثير في المستقبل.
و الحمد لله أن قيادتنا بدأت باتخاذ خطوات جادة وحازمة للتصدي لهذه الظواهر، ونحن جميعاً نؤمن بأن القرار الأخير سيكون له دور كبير في مكافحة الفساد وتعزيز النزاهة في مؤسساتنا.
أقدر دعمكم وكلماتكم النبيلة، وأتمنى أن أكون عند حسن ظنكم دائماً وابدا ، و تقبل فائق تحياتي واحترامي.
أخوكم/ أبو سلطان.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صبحكم الله تعالى بالخيرات والبركات
والمسرات والفل والكاذي والياسمين
حبيبنا الغالي أبا سلطان
لا فض فوك ؛ ولا عاش حاسدوك …
تقول بارك الله فيكم ولكم:
( إن تعزيز الوحدة الوطنية يتطلب جهودًا مضاعفة من جميع فئات المجتمع، ومن مؤسساته الأهلية والوطنية، بدءًا من التعليم، ومرورًا بالسياسات الحكومية العامة، وصولاً إلى الإعلام، كلنا يجب أن نعزز قيمنا الإنسانية وتسامحنا الذي عرفنا به بين أفراد المجتمع، حتى يتمكن الوطن من التغلب على صعوباته وتحدياته في هذه المرحلة، ونمنع بتعاوننا هذا نشوء بيئة تحتضن العملاء والخونة).
أحسنتم أحسنتم أحسنتم..
عرض نفيس وكريم للحال والحلول والتحديات والعقبات والمساهمة في إيجاد الحلول الشافية والكافية.
شكرا شكرا شكرا لكم أبا سلطان
على مقالكم الجميل
وإلى الأمام دائما وابدا…
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
صباحك معطر بالخير والبركات والمسرات، دكتورنا العزيز أبو عبدالرحمن.
كلماتك تلامس القلب وتزيدنا إصرارا على مواصلة الطريق، ونحن جميعا نحمل مسؤولية كبيرة تجاه هذا الوطن الغالي، ونعلم أن التحديات كبيرة، ولكن بالإيمان بوحدتنا وتضافر جهودنا، سنتمكن من تجاوز كل العقبات.
شكرا لك من القلب على تشجيعك ودعمك المتواصل، وأدعو الله أن يبارك فيك وفي علمك، وأن يوفقنا جميعا لما فيه خير وطننا الحبيب ، وتقبل فائق تحياتي واحترامي.
أخوكم / أبو سلطان
أستاذنا الفاضل محمد..
للقلم رسالة وللكتابة صوت والأجمل توجيههما لما فيه مصلحة الوطن والمواطن ..
أفدت وأوحزت ووضعت يدك على جانب أساسي وموضوع مهم متى ماتم الإهتمام به وعلاجة برأ المجتمع من داء عضال ..
بارك الله فيك وجعل ماتقدمه في ميزان حسناتك
أستاذتي الفاضلة فتحية :
كل الشكر والتقدير لكلماتك الرائعة والراقية والنبيلة، بالفعل، القلم أمانة، وصوته يعلو بما يخدم مصلحة الوطن والمواطن.
نسأل الله أن يوفقنا جميعاً لتحقيق الخير لهذا الوطن العزيز على قلوبنا ، وأن يكون ما نكتب نافعاً وصادقاً، ويخدم قضايانا الهامة.
بارك الله فيكِ، وجعل دعمك، وحسن ظنك في ميزان حسناتك.
أخوكم / أبو سلطان
محتوى فائق الأهمية👍
يعجبني دائما غيرتك على الوطن الغالي ، أسأل الله أن ينفع بك وبعلمك المسلمين .💐
أستاذة إبتسام، شكرًا جزيلًا على كلماتك الطيبة وتشجيعك المستمر، وغيرتي على وطني تأتي من إيماني العميق بضرورة العمل الجاد والمخلص لخدمته.
أسأل الله العظيم أن يجعلنا جميعا من الذين يسهمون في رفعة هذا الوطن الغالي ، ويبارك في جهودك وعلمك.
دمتِ بخير ونجاح دائم و تألق.
أخوكم / أبو سلطان
قرأت المقال وجدته في منتهى الجمال وقمة المسؤولية.
أبا سلطان شكرا لك على هذه المنظومة الفكرية الوطنية.
شكرا من القلب على كلماتك المحفزة وتقديرك لما أكتب، وشهادتك هذه وسام أعتز به، فأنت دائمًا نموذج للفكر الراقي والمسؤولية الوطنية، ويسعدني أنك وجدت في المقال ما يعكس حرصنا جميعا على خدمة الوطن وأهله.
حفظك الله وسدد خطاك، ودمت مصدرًا للإلهام والفكر المستنير.
اخوكم / أبو سلطان