كُتاب الرأي

معاشر المعلمين عوداً حميداً …

د. سالم بن رزيق بن عوض

يعد التعليم اليوم أحد الركائز المهمة في تقدم دول العالم وأحد المعايير والمقاييس العملية التطبيقية التي يعتمد عليها عند تقييم أي شعب من الشعوب وهو عنوان الرقي والتقدم في أقطار العالم المتقدمة .

وعندما أرادت الدول أن تتنافس وتتصدر غيرها من الأمم فرضت التعليم على الجميع وجعلت كل ما يقدم للناس فيه مجانا ، وزودت المنشاءات التعليمية بالدعم المادي الكبير و بالكوادر المؤهلة، والخطط التربوية والنفسية العظيمة .

لا يختلف الناس اليوم في أهمية التعليم والتعلم وصناعة المحاور والخطط والأدوات والبيئات المناسبة ، ومحاولة بذل الغالي والنفيس في سبيل تذليل كآفة الصعوبات والتحديات لأجل وصول التعليم إلى الأرياف والقرى والهجر والمسافات الشاسعة البعيدة عن العاصمة وعن المدن المختلفة .

إن من أعظم قرارات التأريخ بركة وأثراً وخلوداً بعد الحريات والعدالة والمساواة بين البشر هي قرارات محو الجهل ورفع الأمية عن الناس جميعاً في الأقطار والدول ؛ وإنه ليشبه إلى حد كبير أحياء الأراضي الميتة وإيصال الخدمات إليها كالكهرباء والمياه والهاتف والصرف إلى سكان الأرض ، ويشبه كثيرا أمداد الناس بالغذاء والدواء ومحاربة والفقر والمرض .

هذه القرارات التي نقلت البشرية إلى مستوى الإنسانية الملهمة التي يريدها ربها أن تكون خلقاً جديداً.

البشر بفطرتهم يحبون ويجلون العلم والعلماء ويبذلون الغالي والنفيس من سبيل رفع الأمية واكتساب المعلومات والمعارف والمهارات الحياتية والتي تصنعهم صناعة جديدة …

أ رأيتم المصابيح الجميلة في المنازل او في الشوارع
كيف يكون حالها عندما تنطفئ الكهرباء عنها ؟! إن أهمية العلم للناس لا يقل عن أهمية الماء والغذاء والدواء والكساء لهم !!.

ولذا كان للقائمين – المعلمون – على تعليم الناس الخير الأجر العظيم عند الله تعالى ، والمعلم في حقيقته يجمع ما تناثر من الفضائل ليتحلى بها النشء والجيل وهو القدوة والأسوة لهم في سمته وحديثه في جده وهزله في غضبه ورضاه .في واقعيته وطموحه .

المعلمون يملكون أدوات صناعة الأمم وتغيير واقعها وتحقيق أحلامها وآمالها وجعل الرؤية الغيبية واقعاً مشاهداً ملموساً
ومما يتفوقون به ما يملكون من قدرات ومهارات على رسم القناعات والمبادىء والخلفيات وتغييرها إلى الأفضل والأحسن وأمتصاص حنق وغضب طلابهم والقدرات العالية على التأثير فيهم وفي عقولهم وقلوبهم وإكسابهم المهارات والقدرات والملكات المناسبة .. وصناعة المستقبل الواعد لهم .

إن الذي نقل دول وأقطار الشرق كالصين واليابان وماليزيا وسنغافورا وإندونيسيا وكوريا إلى ذاك التقدم والازدهار المذهل وفي جميع مجالات الحياة المختلفة هو العلم والتعليم والمعلم ، كذلك الذي نقل جميع دول أوروبا وأمريكا الشمالية كندا وأمريكا إلى الدول الكبرى والعظمى هو العلم والتعليم وقدرات وطاقات ومهارات المعلمين.

إننا بإذن الله تعالى بالاهتمام بالعلم والتعليم والتنشئة والتربية وطاقات ومواهب وقدرات ومهارات المعلمين العظام قادرون على النهوض والسير إلى تحقيق الأهداف والمقاصد الوطنية والرؤية العظيمة 2030 .

ولذا نظراً لما يقدمه هؤلاء المعلمين من العطاءات والبذل والتضحيات والجهود المميزة والرائعة في سبيل صناعة أولادنا الصناعة التي تخرج لنا جيلا صالحاً مصلحاً في بيته وأسرته في حيّه في مدينته في قطره ودولته
كان لزاما علينا أن نضع بين يدي هذه الفئة الغالية جملة من الوصايا ومنها :

الوصية الأولى : إن العمل الذي يقومون به هو عبادة وقربة وجهاد كبير وصناعة نفيسة للنشء غداً والمستقبل الواعد.
والله تعالى يرى مكانهم ويحفظ أعمالهم ووظائفهم وأعمالهم
وسوف يعطيهم من واسع الفضل والعطاء .

الوصية الثانية : يحتاج هذا العمل إلى رفع شعار الإخلاص لله تعالى حتى يقبله من الجميع ؛ فالعمل في الأصل لله تعالى ومن أجل الله تعالى لوجه الله تعالى وفي سبيل الله تعالى.

الوصية الثالثة : الإستمساك بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في تعليم النشء الخير والحرص عليهم والتودد لهم .

الوصية الرابعة : معرفة الواجبات والمهام والمسؤوليات المنوطة بهم ، وهذا من أوجب الواجبات وأفرض الفروض أن يعرف ويتعرف المعلمون على واجباتهم وأدوارهم ومهامهم ومسؤولياتهم.

الوصية الخامسة : الإتقان الإتقان الإتقان في التخصص الذي عقدتم العقد عليه مع الوزارة لتدريسه وتعليمه والقيام به خير قيام وعلى أكمل وأتم وجه .

الوصية السادسة : أستخدام الوسائل التعليمية والتربوية المناسبة والحديثة وتنفيذها في حجرة الدرس مع الطلاب فذلك ليس ترفاً علمياً وإنما هو من أوجب الواجبات .

الوصية السابعة : أستخدام طرق وأساليب تدريس فعالة وحديثه ليكسب من خلالها الطلاب المعلومات والمعارف والمهارات الحياتية والقيم التربوية والنفسية.

الوصية الثامنة : أستخدام أساليب وطرق التقويم المناسبة للوقوف على المستويات الحقيقية للطلاب وقياس كآفة المعلومات والمعارف والمهارات والقيم التي حصل عليها الطلاب.

الوصية التاسعة : الرفق والإحسان والرحمة بهؤلاء الطلاب مهما كانوا صغارا في المراحل الطفولة المبكرة والابتدائية والمتوسطة ، أو كباراً في المرحلة الثانوية والجامعية
ومهما كان الحدث والجرم عظيماً .

الوصية العاشرة : تذكّروا معاشر المعلمين قول الله تعالى :
( كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا ) سورة النساء .
لقد ممرتم وممرنا جميعاً على تلك المراحل الدراسية المرحلة
الابتدائية والمتوسطة والثانوية والمرحلة الجامعية ، وبقيت في الذاكرة صورتان اثنتان تؤثران فينا جميعاً :
الصورة الأولى :
المعلمون الذين لم يحسنوا إلى أنفسهم وإلى وموادهم التدريسية ولم يحسنوا حتى في التعامل مع طلابهم فتركوا أثراً سيئاً سلبياً ! غفر الله تعالى لنا ولهم !.

الصورة الثانية :
المعلمون الفضلاء الكرماء الذين أحسنوا التعامل مع الطلاب والطالبات وأحسنوا في موادهم التدريسية فتركوا أثراً إيجابياً وبصمة جميلة ورائعة ومؤثرة ومشرقة!
المعلمون والمعلمات أثر وتأثير إيجابي في صناعة وصياغة النشء والجيل والمواطن السعودي الصالح.

فأي الصورتين تريد أن تبقى في ذاكرة وقلوب ونفوس طلابك بعد تخرجهم ثم وهم يمارسون رجالاً ونساء أعمالهم وتخصصاتهم
في الحياة العملية !.

نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يوفق جميع المعلمين والمعلمات لما يحبه ويرضاه.

مصلح ومستشار الأسري

د. سالم بن رزيق بن عوض

أديب وكاتب رأي وشاعر ومصلح ومستشار أسري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى