صلاة العصر وفن الجنرالات

بقلم / د.هشام محفوظ
قطعت الشك باليقين بعدما تأكدت أنني لم أصل العصر وكان موعد أذان المغرب سيحين بعد أقل من 10 دقائق فهرعت إلى الوضوء لأصلي ركعات العصر ، بينما كنت أغسل يدي فاجأني خاطر لكتابة قصة قصيرة.. أخذت أمنع نفسي من الاسترسال في التفكير فيها لأتفرغ لإنهاء الوضوء فأداء صلاة العصر قبيل أذان المغرب.. ازداد الهاجس لدرجة أنني تشككت في أنني مسحت على رأسي بالماء لأقوم مرة أخرى بإعادة الوضوء إلى أن وصلت لغسل قدمي ..
لم اجفف يدي ووجهي من الماء خشية أن يكون الوقت قد داهمني فأتفاجأ بأذان المغرب ..نويت الصلاة رافعا صوتي بقولي : الله أكبر ٠٠مستعينا بالله لكي أركز لأنني أعلم أن الفكرة حينما تصل إلى هذا المستوى من الإلحاح فإنها تصرفني عن التفكير في اي شيء آخر وهذا ما كنت أفكر فيه عقب نطقي حرفَ الراء في عبارة “الله أكبر” فقلت : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم٠٠ بسم الله الرحمن الرحيم٠٠ وأخذت أقرأ الفاتحة فاستغرقني الصراط المستقيم.. فعشت مشاعر من الفزع والرعب من دقة ورهافة هذا الصراط ، وازداد في الوقت ذاته إلحاح فكرة النص.. فتخيرت سورة الناس لكي أقرأها عقب سورة الفاتحة
كنت كمن يقوم بعملية عسكرية لابد أن يتم تنفيذها باستراتيجية واضحة لتنفيذها و أصررت على انتفاء احتمالية إخفاقها ، موقنا أن تبعات تلك العملية بعد التنفيذ بكفاءة ستكون ثقيلة على الشيطان الذي كان لا يكف عن حبك خطط صد الهجوم المضاد لما أقوم به من أجل تنفيذ العملية . كنت أراقب بعمق عمليات المواجهة التي يشنها على رأسي و أعصابي، ركزت على أن أقوم بالعمل على حماية العمق الاستراتيجي لنفسي وعقلي وقلبي وروحي و أعصابي، مع عدم السماح لوسوسته بالاقتراب من أعماقي، لحماية قراري أن أكون بين يدي الله ، تابعت خططه البديلة، كان الوسواس الخناس يركز على المنشآت الحيوية في كياني ليضربها ، و أنا أصد بمحاولة التركيز في الكلمات وفي حركات الصلاة مع التركيز على أن يكون هناك بقلبي احتياطي ضخم مما يشبه الذخيرة الحية بالخوف الشديد من الله ومن السقوط من على هذا الصراط المستقيم ..
نعم هو حقيقة لأن الحق ذكره في كتابه العزيز وقد تحدث عنه حبيبه وحبيبنا أبو القاسم..
أبو الزهراء كان من أسلحتي لردع هذا العدو ، كنت أنفذ وصاياه ونصائحه بالاستعاذة بالله من أبي مُرة مع توفير احتياطي من الأمل في العفو و العون الإلهي لمواجهة اي حصار٠٠٠٠٠٠٠٠٠
المفاجأة.. وأنا على خط المواجهة معه وقد كنت في الركعة الثالثة او الرابعة، بدأ أذان المغرب يملأ الأرجاء لتوفير التأمين الكامل لها ..
الحروب مخاطرها لا توصف، حتى الآن ، أحاول ويحاول المواجهة بأهم الخطط وكل منا يحاول وضع خط لنهاية العمليات الحربية من أجل تحقيق الهدف ..كل منا في حالة الهزيمة يعمل على الخروج بأقل خسائرممكنة ..
وتلك هي الاستراتيجية التي أتبعها معه ويتبعها معي حتى الآن ..هي ما يشبه استراتيجية “فن الجنرالات”؛ ذلك المصطلح الذي ظهر في الحرب العالمية الثانية بالاتفاق غير المعلن بين الشيطان و من كانوا آنذاك قائمين بالاتصال!
28من شهر الله المحرم 1446هـ
3 – 8 – 2024 م