السلام الملكي وحذاء أمي

أمي حفظها الله أمية، وفي التسعين من عمرها، وكانت، وأنا في المرحلة المتوسطة عام ١٩٧٣ م، تقذفني بالحذاء عندما أبدا بالإعتراض على أداء الحكومة، أو أقلد كلام الملك رحمه الله، وهو يخطب بالشعب خطبه الحماسية .
ﻭ تثني عليه و على حكومته، وتقول :
(هذا الملك فيصل، لا يستطيع أي ملك في العالم أن يفعل مثلما يفعل للسعودية، والسعوديون، وللعالم العربي، والعالم أجمع، ويوم يلقي خطبه، أو يتجول بين أبناء شعبه هو يوم عيد وفرح عند الكبار والصغار)، وبعد هذا تضيف قائلة: (سامع، وإلا منت سامع يا …. !).
ولا يعيبها بالطبع ان أقول بأن أمي كانت أمية.
المهم، في أحد الأيام، قررت من شقاوتي أن اختبر حدود صبرها، ويا ليتني ما فعلت، كان ذلك على ما اذكر في أيام عيد الفطر المبارك، والملك يلقي خطابًا حماسيًا في التلفاز عن مستقبل السعودية، وبدافع من روح المرح، و (اللقافة) المعهودة عني، بدأت اقلد كلامه رحمه الله، وصوته وطريقة كلامه وحركاته، ولكن أمي لم تتحمل مني هذا السلوك الذي نهتني عنه مراراً وتكراراً من قبل، ولم أنته، فأمسكت بالحذاء، وهذه المرة، لم تقذفه علي من بعيد كعادتها بل اقتربت مني، وضربتني به علي وجهي وفمي، وجُرحتُ من ضربها فوق حاجبي، ولا يزال موجودا، ويذكرني كل يوم بهذه الحادثة، ونزفت من أنفي دم، وذهبت وتركتني مع أخي الأصغر مني سناً انزف دماً، وأبكي، وهو يهدئ من روعي، ونمت تلك الليلة بدون عشاء، و بدون أن تتحدث معي، أو تعود مرة أخرى لتطمئن علي، و من بعد تلك (العلقة الساخنة) لم أعد اقلد الملك، أو أردد كلماته كالببغاء إرضاءاً لأمي التي كانت تعتقد بأنني كنت أسخر منه.
من تلك الحادثة، أدركت أن أمي ليست مجرد أم فقط، بل حامية للوطن، وحارسة للعرش، وأنها لن تتردد لحظة واحدة في الدفاع عن الملك والوطن حتى لو كان المعتدي عليهما أو المستهزئ بهما هو فلذة كبدها، وأصبحت أكثر احترامًا للملك وللخطابات الملكية، ولم أعد أقلده، بل أصبحت أنصت باهتمام شديد لكل كلمة يقولها، فوجدت نفسي مع الوقت أتأثر بِخطاباته الحماسية، وأكثر وطنية، وإخلاصًا للوطن، وبدأت اهتم بالشأن الوطني والسياسي، واقرأ عن تاريخ بلادي، وأحاول فهم التحديات التي كان يواجهها الوطن.
إلى جانب ذلك، أصبحت أكثر تقديرًا لأمي التي أدركت أخيراً إنها ليست مجرد أم، بل رمزا للوطنية، والولاء، والحماية، ﻭ المحبة، ﻭ المحافظة علي سلامة الوطن.
ومع ذلك كانت حفظها الله كلما كان الملك يخطب خطبة ، كانت تجلس أمام التلفزيون، مُتَوَتّرة، تحمل حذاءها في يدها لإلقائه علي لو (خربتها) وعدت لتقليده مرة أخرى .
وكانت تقول لي إذا مر الأمر بسلام :
(يا بني الوطن عزيز، فلا تقلد الملك بهذه الطريقة ، فهذا التقليد يعد استهزاء به، وخروج عليه، ونحن بايعناه ملكا علينا، وطاعته، واحترامه، واجب شرعي نُؤْجَرُ عليه).
بعد ذلك أصبحت كلما أشاهد خطاباً لملك منّ ملوكنا، أتذكر تلك الحادثة، وأتذكر حذاء أمي، والإصابات البليغة التي أصبت بها، وأتذكر أن الملك ليس مجرد شخص عادي نقوم بتقليده، بل هو رمز للوطن، وعلينا أن نحترمه ، و ان نكون مواطنين صالحين، و ان ندافع عنه، و عن الوطن ما حيينا.
وكلما شاهدت علم بلادي يرفرف عاليا، أتذكر تلك الكلمات البسيطة التي كنت أسمعها من أمي، وتلك اللحظات القاسية التي مررت بها، وأتذكر حذاء أمي، واشعر بأن الوطن بالفعل ليس مجرد مكان فقط نعيش فيه، بل هو مجموعة مشاعر، وذكريات، وأحاسيس تجمعنا جميعا بين أحضانه إلي الأبد، وأتذكر مسؤولياتي تجاهه، وواجب التضحية من أجله كما كانت تقول لي أمي، وبذل قصارى جهدي لأن أكون جزءًا من مسيرته لا جزء من همومه ومشكلاته، و ان أسهم في بناء مستقبله، وانثر قيمه الوطنية في كل مكان ليزدهر الوطن.
وقد زاد من حماستي أن كل كلمة من الملك كانت تحمل معنى عميقًا، وكنت أركز على تفاصيل خطابه، وأحاول ان استوعب القيم التي يمثلها، وفي كل مرة، كنت أرى في عيني أمي نظرات الاعتزاز والفخر بي، و هذا ما جعلني أتعهد لها بعد ذلك بأن أكون ابنًا بارا للوطن الذي استحق منها هذا الولاء و هذا الحب، و هذا الاحساس الوطني الجميل الذي لا ينتهي.
كنت أشعر بعبء المسؤولية، وأعلم أن المستقبل يعتمد علينا آنذاك، و لهذا، كنت أحلم في المرحلة الثانوية بأن أكون جزءًا فعالًا في بناء وطن يليق بتضحيات جيل أمي والأجيال السابقة ، و عاهدت نفسي بان أكون صوتًا للحق مهما كان الحق مرا، وأن أسهم في رفع رايته عالياً، وان تصادمت مع الكل، ثم دخلت كلية قوى الأمن الداخلي، وتخرجت بعد ثلاث سنوات من الاجهاد والتعب، والمعاناة التي لقيتها كبقية زملائي، برتبة ملازم ثان، و كل يوم أقف فيه لتحية العلم، ومع بدء عزف السلام الملكي ، اتذكر حذاء أمي.
محمد الفريدي
حفظ الله والدتك ورحم والدتي ..
كانت وما زالت الأسرة هي خط الدفاع الأول عن الوطن،
ونحمد الله على هذا الفضل الذي من به الله علينا، فنحن أحوج إلى الوطن من الماء والغذاء
الوطن هو الأمن، وهكذا صنفه إبراهام ماسينلو، في سلمه الشهير، الأمن أولا والغذاء ثانيا.. ثم تأتي
بقية الحاجات الإنسانية.
أمك، هي أمنا جميعًا، وتمثل كل أم في هذا الوطن الشامخ.
بلغك الله رضاها كاتبنا النبيل
إبراهيم الدعجاني
أستاذي الشاعر الكبير، أبو فهد.
كل الشكر والتقدير لما خطه قلمكم الكريم من كلمات بلسمية أسعدتني وأثلجت صدري.
الوطن والأم استاذي الكريم كلاهما ملاذ آمن، وموئل حنون، وكلاهما يحتضن أبناءه بالحب والحنان، ويحميهم من أهوال الزمان، والأسرة السعودية منذ القدم هي الحصن الآمن، وخط الدفاع الأول عن الوطن، حفظ الله لنا وطننا وحكامنا، و غفر لوالدتكم وادخلها الفردوس الأعلى من الجنة، و جعل أيامنا كلها وطنا وأمنا.
واخيرا بوركتم أستاذي على هذا القلب الكبير، وهذه الروح الوطنية، وتقبلوا أسمى آيات المودة والتقدير.
أخوكم/ أبو سلطان
بارك الله فيك وفي قلمك المميز أستاذ محمد ، مقال مؤثر وجميل في آن واحد 👍لافض فوك ورحم الله والدتك وأسكنها فسيح جناته .
أستاذتي الفاضلة، ابتسام الجبرين.
كل الشكر والتقدير لكلماتك الرقيقة، وذوقك الرفيع ، سررت بإعجابك بالمقال، وهذا يشعرني بقيمة ما أكتب، ويدفعني لتقديم المزيد.
كما يسعدني أن أوضح لك أن والدتي– حفظها الله- ورعاها- ما زالت بيننا، تدعو لنا بالخير والتوفيق.
أشكرك جزيل الشكر مرة أخرى على مشاعرك الطيبة، ودعواتك الصادقة.
دمت بخير و تقبلي فائق تحياتي
المعذرة منك أستاذي ، كنت أقرا موضوعين في آن واحد ، ربما التبس علي الأمر .. أسأل الله العظيم أن يحفظها ويطيل بعمرها على الصحة والعافية اللهم آمين 🤲
حفظها الله وبارك لها في عمرها ومتعها بالصحة والعافية
جميل ما سطره بنانك وفاح به شذى مقالك
لعمري إن والدتكم (حفظها الله) فخر لنا جميعاً
حاولت معك مراراً وتكراراً .. فاض بها عدم اهتمامك لتحذيراتها العديدة .. أخذتها العاطفة بفطرتها وعفويتها بعد أن تخطيت الخطوط الحمراء .. فكان لزاماً عليها إيقافك مهما كان الثمن .. وقلبها الحنون لم يحتمل رؤيتك فتركتك وذهبت .. لو أنها لم تغادر لرق قلبها واحتضنتك وكأن شيء لم يكن ولم تصل إلى ما صرت إليه من حُب وإخلاص ودفاع عن الوطن الغالي.
لله درها .. حفظها الله لكم
أستاذي الفاضل، سلطان عبد الرؤوف حلمي، أعتز بكل كلمة خطها قلمك، وأقدر لك مشاعرك النبيلة.
صحيح أن قلوب الأمهات أوسع من أن توصف، وحبهن لا ينضب ولا يعرف الحدود ، ووالدتي، حفظها الله، ليست استثناء، لكنها عندي مثال للحب والعطاء والتضحية والحنان.
أقدر لكم حرصكم علي ونصائحكم الغالية، وأعلم أن كلا ما فعلته كان بدافع الحب والخوف على. واسأل من الله أن يتم عليها نعمه ويبارك في عمرها ويديم عليها الصحة والعافية.
و تقبل تحياتي
شرفت بكم وكلي اعتزاز وفخر بشخصكم الكريم
بارك الله فيكم وفي جهودكم
وحفظ الله تعالى لكم سيدتي الوالدة ولا حرمكم الله بركة دعواتها
لله در أمهاتنا وأطال الله في أعمارهن ، أميات نعم لكنهن قدوات ومعلمات ومربيات ومدبرات ، غرسن في أعماقنا بذور الاحترام والتقدير والمسؤولية وكن ولازلن عونا لنا وسراجا منيرا ..
موضوع مميز وأسلوب ممتع . بورك المداد
أ محمد
صدقت أستاذتي الفاضلة، فمهما خطت الأقلام وأبدعت، تبقى كلماتنا عاجزة عن توصيف فضل أمهاتنا ودورهن الكبير في حياتنا.
فهن نبع الحنان والمدرسة الأولى التي تخرج أجيال محبة لعلمها وطنها.
أسأل الله أن يبارك في أعمارهن ويجزيهن عنا خير الجزاء.
تحياتي
موضوع جميييييل وكفى أن الدرس جاء من الأم التي تبني وتحافظ وتغرس..
مبدع قليلة في وصف كلماتك
كما قلت سابقاً أنت ذخيرة الوطن بقلمك وعلمك َومبادئك أستاذ محمد… اقف اجلالاً لمقالك.
استاذة زايده ، أشكركِ جزيل الشكر على كلماتكِ الرقيقة، والتي تُشعرني بالفخر وتزيدني إصراراً على العطاء.
فما أنا إلا مُتعلمٌ في مدرسة الحياة، و مازلت أستقي من معلماتي الأولى، اطال الله بعمرها لي معانيَ الحب و العطاء والحفظ والبناء.
دمتِ بخير، وأسأل الله أن يُبارك في علمنا جميعاً ويجعله خير زادٍ لنا في الدنيا والآخرة.
تحياتي
ما أجمل اسمه أبا سلطان
المملكة العربية السعودية
ما أجمل شعاره أيها المسكون بالوطنية
لا إله إلا الله محمد رسول الله.
ما أجمل ذلك السيف الذي يدل على العدل .
ما أروع تلك النخلة التي تدل على العطاء.
صحيح، اسم يحمل المهابة والعزة، ومملكة تشرّفت بحمل رسالة الإسلام ورعاية الحرمين الشريفين.
شعارها عقيدة وطريق، ورمزاها عدلٌ وخيرٌ لا ينضب. حفظ الله لنا المملكة وحفظ أبناءها الأوفياء.
تحياتي