الموت بين فِيتُوُ الْقَرَاصِنَةَ ومحكمة الظلم الدولية

في عالم تتزايد فيه التحديات والصراعات، هناك قوى خفية تسعى للسيطرة على إرادة وقرارات الشعوب باستخدام أدوات قانونية مزيفة، والغرب وجهاز الموساد هما أبرز من يروج لهذه الأدوات التي تتخفى خلف ستار العدالة والمساواة، ولا تحقق الأمن والاستقرار لهذا لعالم ابدا .
وتعتبر محكمة العدل الدولية مِثَالًا صَارِخًا على هذا التلاعب والتظاهر بالعدالة، وهي في الواقع أداة في يد القوى الاستعمارية الجديدة، ولا تختلف كثيرا عن التحالفات التي أنشأها (جورج بوش) تحت شعار مكافحة الإرهاب، وهدفها الحقيقي، تدمير الشعوب العربية، واحتلال ثرواتها وأراضيها.
هذه المحكمة، التي يُفْتَرَضُ أنها نزيهة لأنها تابعة للأمم المتحدة، لم تقدم للشعوب سوى القليل، ولم تحقق العدالة لشعب من الشعوب العربية، ولم تقف في وجه الظلم والظالمين، ولم تردع المحتلين المتغطرسين، ولم تنصف المساكين والمظلومين، فكيف نثق بمحكمة تدعي العدل بالله عليكم، ونحن لا نرى أي أثر للعدل فيها؟!
آلاف الشهداء يسقطون أمام أعين أعضائها كل يوم في الضفة الغربية وغزة دون أن يحركوا ساكنا، ولا يستخدمون إلا لغة الكلام التي لا تغني، ولا تسمن من جوع.
لماذا تنتظر هذه المحكمة العمياء، والميتة دماغيا، الأدلة على المجازر والإبادات الجماعية التي تحدث في غزة، وهي تري العدو الإسرائيلي الغاشم يقوم بجرائمه على الهواء مباشرة؟!
كيف يمكن لهذه المحكمة المؤدلجة أن تساوي بين أصحاب الأرض ومن جاء إليهم غازاً بمعاونة الغرب، واحتل أراضيهم؟!
كيف يمكن لهذه المحكمة الجوفاء أن تساوي بين الضحية والجلاد، وكيف تسمح للحقير (ابن غفير وسموتريتش) بالاعتداء على قدسنا وأقصانا؟!
نعلم أن من يحاول من أعضائها قول الحقيقة سيواجه التصفية الجسدية من جهاز الموساد الذي يستمد شريعته من سيوف و خناجر القراصنة، ولهذا فضلوا الصمت خوفا على حياتهم ومراكزهم من أن تطير مع أشلائهم إلى العالم الأخر.
ما الفائدة إذن من وجود (محكمة عدل دولية)، في ظل التهديدات، وتكميم الأفواه، والفيتو الجائر الذي يعطل كل قرار ضد الاحتلال الصهيوني وجرائمه التي لا تنتهي، ويحميه (الفيل) تارة، وتارة أخرى (الحمار الأمريكي)؟
العدل، إن كنا نريد العدل يا من لا تعرفون العدل، هو عدم الاعتراف بالاحتلال أساسا، العدل هو عدم مساواة المحتل بصاحب الأرض الحقيقي، لا يمكننا أن ننتظر العدل من محكمة مؤسسها (قرصان) لا يعرف إلا لغة السطو والقتل والسرقة، ولا يمكننا أن ننتظر الفرج من الذين اعتدوا علينا، وعلى أراضينا، ومقدساتنا، باسم حروبهم الصليبية المقدسة، لا يمكننا أن ننتظر العون من الذين نهبوا ثرواتنا، ودنسوا مقدساتنا، وسلبوا حقوقنا.
الله الحكم العدل لا إله إلا هو، هو القادر على إنصاف المظلومين، وإعادة الحقوق إلى أصحابها، وعلينا أن نثق به جل جلاله في علاه، وأن نعمل من أجل تحقيق العدالة، ونستمر ككتاب رأي في النضال بأقلامنا حتى يتحقق النصر، والله غالب على أمره، ولو كره الكافرون ، ومن يدور في فلكهم ليوم الدين.
والتاريخ مليء بأمثلة للشعوب التي انتصرت على الطغيان والظلم، واستعادت حقوقها، ونحن قادرون على أن نكون مثلها وأفضل منها، إذا ما توحدنا، واستمدينا قوتنا من إيماننا، ونضالنا من أجل حقنا، وحق دماء أطفالنا واخواننا و اخواتنا.
هذا الكلام يعكس الكثير من آرائنا ومشاعرنا التي يشعر بها معنا الكثيرون تجاه محكمة الظلم الدولية، والعدالة الدولية بشكل عام، إن السعي لتحقيق العدالة وإنصاف الضحايا يبقى تَحَد كَبِيرٌ في وجه التدخلات السياسية، والقوى الخفية التي تشوب عملية العدالة الدولية، ومع ذلك، فإن القوة الحقيقية تكمن في توحدنا ونضالنا المستمر من أجل تحقيق العدالة، واستعادة حقوقنا و اراضينا المغتصبة، والتاريخ يشهد بأن الشعوب التي نجحت في تحقيق العدالة والحرية هي التي تستمد قوتها من إيمانها بالله وبقضيتها وتضحياتها التي تقدمها.
إن موت العرب بين حق الفيتو الأمريكي والأوروبي، ومحكمة العدل الدولية، ومجلس الأمن، ودهاليز الأمم المتحدة المظلمة، يجب ألا يستمر، وعلينا أن نرفع صوتنا عاليا أمام هذا الظلم والتلاعب الذي يحدث في العالم العربي بواسطة أدوات قانونية مشوهة صنعها قراصنة مستعمرين جاؤوا إلينا من غياهب القرون الوسطى، واحتضنها الـ (قرصان) الأكبر الذي نراه اليوم بعد كل جريمة إسرائيلية يأخذ بالأحضان دولة الظلم والاستبداد، ويقول لنا:
_ من حقها المسكينة أن تدافع عن نفسها وشعبها، ولو أبادت جميع من في الشرق الأوسط.
لا بأس، سنظل متمسكين بالله ثم بالأمل، وبالثقة في قدرتنا على تحقيق العدالة لشعوبنا العربية المضطهدة، وسنبني يوما ما عالم أكثر عدلا وسلاما من عالم القراصنة واليهود الذين اثبتوا للعالم بعد جرائمهم في غزة أنهم ليسوا بشرا ابدا، بمساعدة مجلس الأمن ومطرقة محكمة الظلم الدولية، و الـ (قرصان الأعمى) الذي يعطي لنفسه دائما حق استخدام الفيتو مع أنه يري بأم عينه ما يفعله رَبِيبُهُ الصهيوني الحقير من مجازر يَشِيبُ لها الْوَلَدَانُ بحق أهلنا في غزة.
محمد الفريدي