كُتاب الرأي

رحلة برفقة العدو

 

د. أميرة محمد
متى شعر المرء بضيق وتعب وملل؛ نتيجة لقيام الانسان بالأنشطة اليومية، التي تصبح في الغالب نتيجة لتكرارها بشكل شبه يومي لروتين ثابت، قد يؤثر على حياة الانسان بالسلب، كذلك قد يمر الانسان بأزمات وضغوط، تؤثر على صحة الانسان النفسية والجسدية، ومن هنا تكون الحاجة ماسه وضرورية للقيام بشيء جديد في محاولة لتغيير الواقع من الأسوء إلى الأفضل، وتتعدد السبل التي يستطيع من خلالها الانسان تغيير واقعه للأفضل، ومن ابرز تلك السبل، هي الرحلة أو النزهة.
لكن هناك رحلات لا تقام بغرض النزهة والترويح عن النفس، رحلات ربما يقوم بها الانسان رغما عنه، فلا سبيل له في الحياة سوى القيام بهذه الرحلة، تلك التي لم يختر وجهتها ولا يدري كم ستكون مدة هذه الرحلة، بل والاغرب أن الانسان سيقوم بهذه الرحلة مع عدو له، وهذا أمر في حد ذاته مثير للدهشة وللعجب.
فحقا هذه الرحلة ذات طبيعة من نوع خاص وفريدة جدا من نوعها، وقد يعود الانسان منها أكثر إفادة واشد صلابة أو قد لا يعود منها للأبد، إنها الرحلة مع المرض، ذلك الطارق الغريب الذي يدق أبواب الكثيرين دون سابق إنذار، حاملا معه آلام ومعاناة ليس فقط للمريض بل لعائلة المريض، لكن الحق يقال وهو أن تأثير المرض يكون اشد وطأ واكثر ألما على المريض، وهذا هو ما اردت التركيز عليه هنا هو رحلة المريض مع المرض.
والكتب الطبية لا شك أنها مكتظة بالتعليمات، التي من الواجب على المريض اتباعها؛ لتقليل مضاعفات مرض ما.
ولست بصدد الحديث عن الطرق المثلى للعناية الصحية ، لكني اثرت الحديث عن المرض من الناحية الاجتماعية والإنسانية البحتة.
ولابد من النظر للمرض على أنه عدو مصاحب لك في رحلة عمرك التي وإن طالت قصرت، من ثم لابد من تحضير متاع يناسب هذه الرحلة ويتفق ولو عقليا مع ذاك العدو، وهذا المتاع له أنواع عديدة، سأتحدث عن متاعين في نظري أنهما هما الأهم؛ وذلك لأن باقي الامتعة تنبثق منهما، وهذان المتاعان هما:الايمان والمال ولا يوجد ثالث لهما في تلك الرحلة الفجائية المريرة.
فأما الإيمان: فلا يختلف اثنان، على أنه المتاع الأهم لهذه الرحلة؛ فلو آمن المريض أن هذا هو قدر أفضل له لرأيته واثقا من نفسه ومن الاخرين، ووجدته صابرا ومتخليا عن كل ما يؤذيه؛ من ثم تولد لديه القوة الضرورية واللازمة لحربه ضد المرض.
أما المال: فلا احد ينكر أن المال ضروري لجل مناحي الحياة، ولاسيما وإن تعرض الانسان لمرض وإن كان بسيط فهو في حاجه للأموال ؛ لأجراء الفحوصات وشراء الادوية، وهنا لابد في التفكير بنظرة عقلية ممزوجة بالرحمة والشفقة، والعمل على مساعدة هؤلاء فهم الاحق بالمساندة.
فالعاقل من يحسن اختيار رفيقه هفي رحلة الأيام، والأجدر أن يكون ممن حرموا من السلام، وفقدوا الأمان، وحرموا من الأوطان، وهاجمتهم الاسقام، فهم حقا في صحوة والناس نيام.

m.amira150m@gmail.com

د. أميرة محمد علي

اكاديمية _ وكاتبة صحيفية _ واديبة مصرية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى