كُتاب الرأي

منعطفٌ خطير وخيانة الأوطان

منعطفٌ خطير وخيانة الأوطان

جابر عبدالله الجريدي

بدأ الأمر صعباً عندما رأى شخصٌ أفعى عطشا تحتاجُ إلى الماء، يمتلك الماء وعنده العزيمة على أن يسقي الأفعى العطشا، ولكن طباعه تقول ان طبيعة تلك الأفعى عدوانية وأخاف ان تلدغني وأموت بسمها ولكن سأحاول أن اجرب الأمر قد يكون مختلفاً!
إقترب منها وهو يحمل بيده قنينة ماء ليرويها، بينما هو يغريها بتقطير الماء حتى أقبلت الأفعى إلى القنينة لتعيد الحياة إلى روحها فشربت حتى إرتوت، ظن الشخص أن الحب هو المسافة بينه وبين تلك الأفعى، فبعد أن روت نفسها أسرعت للدغ من سقاها، ونست ذلك المعروف الكبير الذي قدمه لها، وكان حقاً قول الشاعر :
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته
وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا

فأما المنعطف الخطير هو الظن أن هناك مساومة بين الحياة الكريمة والوطن، وكأنك جعلت هناك خياراً واحداً حياةً كريمة وبيع الوطن أو وطنٌ ونهاية الحياة الكريمة .. فهنا أنت أخطأت بأن جعلت تلك الأشياء أضداد إما أو ، الحقيقة أن الأمر تكاملي فلا يمكن أن تحصل على حياة كريمة إلا بالولاء للوطن، والوطن هو أساس الحياة الكريمة ، فالبعض يساوم الوطن بقطعٍ من الدراهمِ فيحرض عليه ويتآمر لإسقاطه قائلين له سنعطيك الحياة التي تريدها فيزهد عن الوطن طمعاً في الدراهم فتسقط كرامته ويبقى أسيراً للأوامر عبداً للدراهم.

المغريات من المتربصين، قد تكون هناك أجندات خارجية تريد أدوات محلية منتهيةٌ عندهم مبادئ الوطنية ليخططوا لتدمير وطنه العظيم الذي إحتضنه وأكرمه ورفعه ووفر له البيئة التي تناسبه ليحقق خططه وأهدافه ، بينما هو يعقد مؤتمراً ليلياً يساوم فيها على كرامته وحياة أهله ليحاول تدمير مستقبله ومستقبل أجياله ، تلك الدراهم لحظيةٌ بينما شعور المسؤولية بإتجاه الوطن مستدام ، كان من المفترض عليه أن يسأل نفسه سؤالاً لماذا يدفعون إلي الأموال لأهاجم موطني؟

الا يعلم أولئك الذين جعلوا مواقع التواصل الاجتماعي قاعدة تحريضٍ ضد الأنظمة وأجهزة الحكومة والدولة مسخراً ما يملك لتشويه صورة بلده الذي يحرض عليه أنه كذاك الرجل الذي دفعت إليه المنظمات السرية أموالاً باهضة ليذهب ويقتل والدته ! أي عقلٍ قد يتصور ذلك الأمر أن أحدهم قتل والدته لأن شخصاً وعده بأن يدفع إليه قيمة مادية ، وهل الأم قابلة للمساومة أصلاً حتى يضحي بها ! إلا أن هذا ديدن الخونة وشعار المردة فهم يشبهون تلك الأفعى التي قابلت جزاء المعروف بالنكران والإعتداء.

تخيل أن تسعى دولتك لتوفر أفضل بيئة مناسبة لك لكي تحقق أهدافك، وتشق طريقك للتقدم في المستقبل، وتسخِّر كافة الإمكانات اللازمة لتشعر بالأمان في بيتك ، وتبحث عن أحسن السبل لتوفر لك معيشةً كريمةً تناسبك ، هل نسي أولئك المعروف الذي قدمه الجنود البواسل في الحدود والثغور بعد أن تركوا من يحبون في سبيل أن تشعر بالإرتياح عندما تعود إلى المنزل من عملك ، تلك الدولة التي تدفع المليارات للمحاكم من أجل تنتصر لحقك وتكسب قضيتك ، مليارات تذهب إلى التعليم من أجل رفع نسبة العلم لديك وإنتشاء الجهل منك ثم تذهب بمعلومات تغالط بها وهي باطلةً للتحريض والتحريش على دولتك ، إن فضل الحكام والأوطان على الأفراد أبداً لا يحصى الا عند عالم الغيب ربنا سبحانه ، فبأي حق يتجرأ أولئك على أن يتطاولوا على من قدم معروفاً لن يقدمه أحد لهم بأن يتمردوا أو يخونوا ويكذبوا ويزوروا ويغالطوا لتدمير أوطانهم!

بالله إن الأمر يُحرقني عندما أجد أشخاصاً ذهبوا إلى دول أخرى خارج دولهم ليبثوا سمومهم تدميراً وتحريضاً على أوطانهم ، أولئك الذين دُفِع لهم مبلغاً قيمياً ليفرط بشيءٍ أساسياً مقروناً بشرفه وعزه وكرامته ، الا يسوئك ان يقال عنك “خائن”
الا يعلم أولئك أن المجرم الخطير جنكيز خان المغولي يعتبر الخيانة “ذنباً لا يُغتفر” بل وحتى المجرمين وأكابرهم يُأكدون على خطورة الخيانة وعظم جُرمُها وشرها المستطير.

إن البلاد العربية تمر بمنعطفٍ خطير يهدد قيمة الحياة في أوطانهم وهو التآمر على الدول تحت غطاء الحرية والثورة ومبدأ الديمقراطية ، إن حقيقة اللعنة في الحرية والثورة والديمقراطية التي يروج لها لن يدركها إلا من مر بها ، مزاعم تلك هي مجرد غِطاء شوكي لحقيقةٍ أشر من ذلك وهو التآمر على الأوطان تحت شعار “الحق المغلوط” و “الحرية المزعومة” ، إن بلادنا العربية تواجه تآمراً لم يسبق له مثيل عبر التاريخ.

كاتب رأي – اليمن 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى