الصهيونية منظمة ارهابية
الصهيونية منظمة ارهابية
محمد الفريدي
ليست الصهيونية فكرا سياسيا، ولا مشروعا دينيا، بل رخصة رسمية للإبادة موقعة من القوى الغربية.
تُمنح باسم «الحق التاريخي»، لتمارس على أرض فلسطين أبشع صور القتل تحت شعار “الدفاع عن النفس”.
ليست فكرة، بل آلة قتل تمشي على قدمين، تغذيها البنوك والسياسات الغربية، وتحرسها جيوش من المرتزقة، بينما يبيع الإعلام الأخلاق بثمن الفيتو الأميركي.
يرى العالم المشهد الفلسطيني عاريا من كل غطاء، أطفال يُقتلون تحت الركام، وتُصوَّر أمهاتهن كأنهن “خسائر جانبية”.
أي ابتذال للإنسانية هذا، حين يصبح القتل مبررا، لأن القاتل يحمل تصريحا باسم “إسرائيل”؟
الصهيونية ليست مشروعا لليهود، بل مشروعا استعماريا لليهود باسم الغرب، وللغرب ذاته.
استخدمتها أوروبا لتصدير عقدها التاريخية بعد الحرب العالمية الثانية.
فأنشأت أسطورة «المحرقة» لتغسل بها ذنبها، ولتبرر ولادة كيان مسلح يحول شعور الذنب إلى تفويض للقتل.
الغرب الذي يتغنّى بحقوق الإنسان، هو نفسه الذي يمدّ “إسرائيل” بصواريخها الموجَّهة بالذكاء الاصطناعي، وبقنابلها العنقودية.
وهو نفسه من يقطع بثَّ القنوات التي تفضح جرائمها، ويحذف صور الأطفال الفلسطينيين المذبوحين، لأن ظهورهم على الشاشات يفضح موت الإنسانية تحت شعار الصهيونية.
تعمل الصهيونية اليوم كطابور خامس في جسد العالم، الاسم الرسمي للابتزاز السياسي الغربي.
من يعترض على الإبادة في غزة يُتَّهَم بمعاداة السامية، ومن يطالب بحق الفلسطينيين يُصنَّف خطرا على الأمن العالمي.
حتى الذكاء الاصطناعي — لعنة الله عليه — تحوّل إلى أداة رقابية بيدها، يُعيد صياغة الحقيقة على مقاس روايتها.
واللهِ، ليست مبالغة؛ فالغربُ يرى في الصهيونية ذراعَه القذرة التي تنفّذ ما لا يريد أن يُلوِّث يديه به. فحين يريد تدمير بلدٍ عربيّ، يُسلِّح إسرائيل، وحين يريد إخضاع الشعوب، يُطلِق من خلالها خطاباتِ التخويفِ والتحريض.
ليست كيانا دينيا، بل مؤسسة إرهابية، تحتمي بزيف القداسة، وتستقوي بموت الضمير وانعدام الإنسانية.
ما يجري في فلسطين جرائم إبادة تُرتكب على الهواء مباشرة، وليست جريمة واحدة.
يُقطع الماء والدواء عن غزة، بينما تكتفي الأمم المتحدة ببيانات القلق.
لفظة “القلق” صارت مهزلة، حين تُستخدم لوصف ذبح أمٍّ وأطفالها في بيت واحد.
لأن القاتل صهيوني، فالقتل عند الغرب حقٌ في الوجود، حتى لو كان ثمنه دفن جميع الفلسطينيين أحياء.
وفي سوريا، تتكرر الصورة نفسها: غارات تمحو قرىً كاملة بحجة “الدفاع المسبق”. فمن فوّض هؤلاء الصهاينة بحق تقرير من يعيش ومن يُباد؟
الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا ليست داعمة لإسرائيل فقط، بل شريكة في جريمة الإبادة حتى النخاع.
كل صاروخ يُلقى على غزة يحمل شعار شركة غربية، وكل طلقة تُطلق على أجساد العزل تحمل رقم شحنة خرجت من ميناء أوروبي.
ومع ذلك، يحدثوننا عن السلام وحقوق الإنسان والديمقراطية… هزلت! أقسم بالله، هزلت!
يرسلون مبعوثين “لتهدئة التوتر”، بينما مصانعهم تعمل ليلا ونهارا لصناعة قنابل جديدة لجيش الاحتلال يلقِيها على رؤوس العزل في غزة.
ما يجري ليس دفاعا عن إسرائيل، بل دفاعا عن منظومة استعمارية بنت مجدها على النهب والسرقة والبلطجة والإبادة.
في نظر الغرب، الفلسطيني ليس إنسانا، بل مقياس ولاء: هل تقف مع إسرائيل أم تقف ضد حضارتهم؟
هي معادلة السيف: إما أن تصفّق لقاتلك، أو تُتَّهم بالارهاب والتطرّف.
إن أخطر ما فعلته الصهيونية هو تحويل الضحية إلى مجرم، والمجرم إلى ضحية.
الإعلام الغربي يصوّر الصهيونية كلاجئةٍ مطاردةٍ تبحث عن الأمان بين شعوبٍ متوحشة،
بينما هي التي تطارد شعبًا أعزلَ بأحدث أنواع الأسلحة.
جدار الفصل العنصري ليس مجرد سياج أمني، بل قبر جماعي طويل، حيث يُعاد اليوم كل ما فعله النازيون بالأمس بأيد صهيونية، وتحت إشراف من أقسموا أن مآسي الإبادات لن تتكرر.
أين الأمم المتحدة؟
وأين المحكمة الجنائية؟
كلاهما يتفرج، لأنهما شريكان في الصمت، ويريان الإعلام الغربي بأمِّ عينيهما يسرق الصور ليقلب الحقيقة.
الحقيقة البسيطة أن الغرب منح الصهيونية رخصة القتل دون حساب، فصار قانون القوة بديلا عن قوة القانون، ومن يملك المقاتلات هو من يحدد لنا وللعالم معايير العدالة.
المعركة ضد الصهيونية ليست للفلسطينيين فقط، بل هي معركة الإنسانية كلها ضد مشروع إلغاء الإنسانية من الوجود.
تُختبر ضمائر العالم في فلسطين: كل صمت في أي مكان جريمة، وكل حياد خيانة مكتوبة في سجل التاريخ.
الصهيونية لن تسقط بنداءات السلام، بل بكلمة الحق والوعي، حين يُقال دون خوف إن هذا الكيان كاذب، إرهابي، يعيش على الدم؛ حينها يبدأ السقوط الحقيقي والنهائي.
ما يجري في غزة مرآة تكشف الوجه الدموي العاري للغرب، حيث تمثل الصهيونية وجهه الرسمي، وهو من منحها رخصة مفتوحة لقتل العرب، ومسح الذاكرة، وإعلان إفلاس الإنسان الغربي أخلاقيا.
وما لم يتحرك ضمير العالم، سيظل الدم الفلسطيني شاهدا على أن العدالة لم تعد سوى شعار بلا قيمة.
وإن صمت العالم، فلتعلم البشرية كلها أن الظلم لن ينجح في طمس الحقيقة، وأن صوت الحق سيبقى أشد قوة من كل سلاح.
لم تنتهِ الحكاية بعد، ولن تنتهي ما دام العالم يرى أن الدم الفلسطيني أرخص من دبابة إسرائيلية واحدة.
هذه ليست حربَ حدود، بل صراعُ حضارتين: إحداهما تقدّس الحياة، والأخرى تقدّس القوة كما تمليها مصانع السلاح في واشنطن ولندن وباريس.
الغرب الذي يخطب فينا عن التسامح، يغضّ الطرف عن الأجنة الممزقة بين الأنقاض، ويكفي أن تقول: “أنا ضد الإبادة في غزة” لتُتّهم بمعاداة السامية.
صار العالم كله رهينة للصهيونية، يقوده الذنب التاريخي، ويُسكت بمنع النقد، والمسألة لا تكمن فيما تفعله إسرائيل، بل في سبب سماح العالم لها بإبادة الفلسطينيين.
والحق لا يُسكت، والضمير لا يُقهر، وسينتصر الصوت الحر مهما طال صمت العالم الذي اختار أن يغضّ الطرف عن الدم الفلسطيني، وتواطأ مع الظلم، وغاب عن نصرة المظلوم.
أصلُ الجريمة في العقل الغربي، الذي يعتقد أن كل ما تفعله الصهيونية هو ردٌّ على اضطهاد قديم.
تلك المظلومية الصهيونية المزيّفة تحوّلت إلى درع أخلاقي للدمار، تُطلَق من خلفه الصواريخ، وتُحرَق من خلاله المدن والمدارس والأرواح، وتُبرَّر جرائم الإبادة بأنها “ضربات دقيقة”!
نرى اليوم أرخبيلا من الجثث، يقدّمه الإعلامُ الغربي بوصفه “عمليات دفاعية”، ولا يرى في الفلسطينيِّ إلا حشرة يجب سحقُها.
لقد أقنعتِ الصهيونيةُ العواصمَ الكبرى بأنها معيارُ الأخلاق،فأصبحتْ معارضتُها خيانةً “للقيمِ الديمقراطيّة”.
لكن تلك القيم نفسها قناعٌ للاستعمار، والديمقراطية التي يباركها الغرب في تل أبيب، ويرفضها في فلسطين حين يُعبّر الشعب الفلسطيني عن رأيه بما لا يُعجبه.
والحرية عندهم ليست صوتا للحقيقة، بل قيد يُغلِق فم الصحفي إن كشف جريمة، وأما العدالة فلا تُولَد في المحاكم، بل تُصنَع في وزارات دفاعهم. فليست الصهيونية “حقا في الوجود”، بل نفي متواصل لحق الآخرين في الحياة.
ومن يغضّ الطرف اليوم سيجد القاتل غدا على بابه، باسم الأمن العالمي وإسرائيل الكبرى وأرض كنعان ومكافحة الإرهاب
الإبادة في فلسطين ليست حدثا محليا، بل بروفة لمستقبل البشرية تحت سلطة الذكاء الاصطناعي الإسرائيلي-الأميركي، حيث تُمارس المراقبة والتلاعب ومحو الأمم والبشرية باسم الأمن والاستقرار.
من هنا، يصبح الوقوفُ ضدَّ الصهيونيةِ دفاعا عن الإنسانيّةِ جمعاء، لا عن الجغرافيا التي نعيش فيها فقط؛ فهي مشروعٌ للهيمنةِ على وعي البشر واحتكار تعريف الخير والشرّ، ومن يستحق الموت ومن يستحق الحياة.
ورغم كل ذلك، أعاد الشعب الفلسطيني تعريف الكرامة، فهو لا يقاتل دفاعا عن الأرض المقدسة فقط، بل عن جوهر الحق نفسه وعن بقاء الإنسانية.
كل بيتٍ يُقصف شاهد على أن الحقيقة يمكن أن تُحاصر، لكنها لا تُقتل. فالصهيونية قائمة على الكذب، والحقيقة ستبقى سلاحها القاتل، وضمائر الأحرار ستظل تفضح الظلم مهما حاولت القوة الغاشمة إسكات صوتها بالقوة.
ولهذا دمّرت إسرائيل الكلمة: والأقلام، والكاميرات، والمستشفيات، والمقار الإعلامية، والصحفيين والمراسلين، لأن صورة طفل مقتول وحدها كافية لكشف الأكاذيب.
ولكن الحقيقة أقوى من كل القنابل، وصوت الضمير لن يُسكت، والعدالة ستنتصر مهما طال الصمت، وعمّ الظلم وانتشر الظلام.
أما الذين يتسترون على الإبادة فهم الأخطر. أولئك الذين يصدرون بيانات “الحزن المتوازن”، ويتحدثون عن “الطرفين”، بينما من يُدفن طرفٌ واحد فقط.
إنها فضيحة العصر: أن تُصبح الإنسانية وجهة نظر.
ما يحدث في فلسطين امتحانٌ للضمير العالمي، وللفلسفات التي تغنّت طويلا بالعدالة، وباعت أخلاقها مقابل تفوقها العسكري، وتركت أطفالا يواجهون أعتى آلات الحرب.
لكن صرخة طفل فلسطيني واحد ستكشف زيف القوى العظمى المتواطئة، وتثبت للعالم أن الحق لا يموت، وأن العدالة، مهما تأخرت، ستُستعاد بصوت المظلوم وعزيمته التي لا تُقهر.
وحين يصرخ هذا الطفل ويقول تحت القصف: “لن نرحل”، سيفهم العالم معنى جديدا للبطولة. والصهيونية الخبيثة تعجز عن هزيمته، لأنها تجهل كيف تُقاتل، وأن إرادة الحرية لا تُقهر مهما تكاثرت من حوله الأسلحة.
يمكنها أن تسجن المدن، وتهدم البيوت، وتقتل النساء والأطفال، لكنها لن تستطيع إسكات الصوت الذي يقول: “لن نرحل ”.و سيأتي يومٌ وينهار فيه الصمتُ الغربي المموّل، وتُكشفُ لشعوبِ الأرضِ الحقيقة.
وحين تصحو الشعوب، لا بالحزن بل بالفهم، سيُكتب على جدار من دمٍ لا من حبر: هنا، في غزة، سقطت أقنعة الصهيونية، وانكشف وجهُ الغربِ الحقيقي؛ فلا حريةَ مع القاتل، ولا حضارةَ تُبنى على الإبادة.



