أقلام ناشئة

الحياة تمضي ولا تنتظر أحدًا

الحياة تمضي ولا تنتظر أحدًا

تمضي وكأنها تخبرنا أن التغيّر هو القاعدة الوحيدة التي لا تتبدّل.
الجميع يسير في طريقه، والقلوب تحمل ما مضى.
نتذكّر من رحل، ومن غاب دون وداع، وتركوا خلفهم فراغًا لا يُسدّ، وذكرياتٍ لا تُنسى.

الفقد سنةٌ من سنن الحياة، يأتي ليعلّمنا قيمة ما فقدناه، وأن لا أحد سيدوم للأبد.
وفي تلك اللحظات تهدينا الحياة بداياتٍ جديدة: زواجًا، مولودًا، أو لقاءً يعيد الدفء لقلوب أنهكها الغياب والبعد.
هذه الحياة تأخذ منّا وتعطينا، تغلق بابًا وتفتح نافذةً يشعّ منها النور.

كم من مرة قلنا إن الألم لا ينتهي، ثم استيقظنا في يوم جديد وابتسمنا رغم كل ما مررنا به!
الحياة ربّتْنا على الصبر، وعلّمتنا أن لكل فقدٍ عوضًا، ولكل دمعةٍ ابتسامة، وأنك مهما سقطت ستقف من جديد.

تمضي السنين وتتغيّر الوجوه، نضحك مع من بقي لنا، وفي داخلنا حنينٌ لمن رحلوا.
نعم، نشتاق، لكننا نعلم أن الحنين لا يعيد أحدًا.
وأجمل ما نفعله أن نحمد الله على جميع الأحوال.
هذا هو مطلب الحياة: ألا نتوقّف عند الوجع، بل نكمل خطانا برضى، وتسامح، وحب.

علينا أن نقدّر كل لحظة قبل أن تصبح ذكرى، فما أشدّ الندم على أوقاتٍ رحلت دون أن نشعر بقيمتها:
على حديثٍ لم نكمله، وابتسامةٍ لم نبادلها، ووجودٍ ظننّاه سيدوم للأبد.

تمرّ الأيام لتخبرنا أن لا شيء سيبقى كما هو.
كل ما حولنا يتبدّل، حتى نحن نتغيّر دون أن نشعر.
تتساقط منّا أجزاء صغيرة مع كل خيبة وفقد، ونكبر مع كل صبر، ونتعلّم من كل خسارة أن البقاء للأقوى قلبًا لا جسدًا.

الحياة لا تنتظر من يتوقف عند الألم، بل تدفعنا بقوة لنمضي ونتخطّى، حتى وإن غلبتنا الذكريات.
ومهما ضاق بنا الطريق، هناك دائمًا نورٌ في آخره ينتظرنا.

قد لا نفهم حكمة كل موقف نمرّ به، لكننا ندرك أن لكل ما حدث سببًا في نضجنا، وفي معرفتنا بأنفسنا وما نستحقه.
فكل فقدٍ زرع فينا درسًا، وكل وداعٍ أيقظ وعينا بقيمة اللحظات.

هذه سنة الحياة:
نُولد لنكبر، نلتقي لنتغيّر، ونفقد لنشعر.

وهكذا تستمر الحياة…
تأخذ منّا وتعطينا، تُبكينا وتضحكنا، تسلب منّا أشخاصًا وتمنحنا آخرين.
لكنها ربّتْنا على الرضا، وذكّرتنا أن لكل نهاية بداية.

لذلك نحمد الله على ما مضى وما سيأتي، ونسامح، ونحب، ونترك أثرًا طيبًا أينما مررنا.
فما أجمل أن نمضي مسالمين مطمئنّين، ونحن ندرك أن البقاء ليس بالأجساد، بل بالأثر.

بقلم ✍🏻 ميعاد الزهراني

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى