كُتاب الرأي

الألم درب الصابرين إلى أبواب النور

الألم درب الصابرين إلى أبواب النور

✍️سلوى راشد الجهني

﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [الزمر:10] وقال رسول الله ﷺ: «ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى حتى الشوكة يشاكها إلا كفّر الله بها من خطاياه» [رواه البخاري ومسلم].

الحياة ليست طريقًا مفروشًا بالورود، بل هي مزيج من الأفراح والأتراح، والسراء والضراء. وقد جُبِل الإنسان على مواجهة الابتلاءات؛ فهي سنة الله في خلقه، وميزان لاختبار الصبر والرضا. وما من أحدٍ في هذه الدنيا إلا وذاق مرارة الألم بصورة أو بأخرى: فقدٍ، أو مرضٍ، أو ضيق رزق، أو همّ يثقل صدره. غير أن هذا الألم، مهما تنوعت صوره، يظل متشابهاً في أثره، ولا يخرج عن كونه باباً إلى رفعة الدرجات إذا ما قابله المؤمن بالصبر واليقين.

وجوه الابتلاء
حين يشتد الوجع، يتوجب على الإنسان أن يتأمل في معاناة الآخرين؛ فهناك يتيم فقد والديه أو أحدهما، وهناك من حُرم من عاطفة الأم أو حنان الأب، وآخر يعيش بغير جارحة أو يعاني من مرض مزمن يقلب حياته. وهناك من فقد عزيزاً أو يلازم مريضاً حبيباً لا حيلة له في شفائه. هؤلاء جميعاً يواجهون صوراً شتى من الابتلاء، لكن الله جل وعلا وعد الصابرين بأجر عظيم لا يُقدّر بثمن.

سرّ الرضا والصبر
قد نرى في حياتنا أشخاصاً يبدون في كامل سعادتهم، مبتسمين لا يشكون هماً، لكن الحقيقة أعمق من المظهر؛ فخلف ابتسامتهم حكايات من فقد وألم وصبر مرير. غير أنهم اختاروا أن يظهروا الرضا، وأن يستودعوا همومهم عند الله، فوهبهم السكينة وألبس قلوبهم نور الطمأنينة.

سبيل النجاة
إن أقصر الطرق لمواجهة الألم هو الالتجاء إلى الله بالدعاء والتوكل. فالدعاء باب عظيم يرفع البلاء، والصبر سلاح المؤمن في مواجهة الشدائد. وقد أمر الله نبيه ﷺ منذ أول لحظة بالقراءة: “اقرأ”، لتكون القراءة نورًا للعقل ودواءً للقلب، إذ تُخفف الحزن، وتمنح البصيرة، وتُلهي النفس عن الهموم بما ينفع ويثري.

الألم ليس نهاية المطاف، بل بداية لطريق جديد يُقرّب العبد من ربه، ويزيده يقينًا بأن بعد العسر يسراً. فاصبر واحتسب، واعمُر وقتك بالذكر والقراءة والعمل الصالح، فكل وجع يمضي، ويبقى الأجر مضاعفاً عند الله. وما الحياة الدنيا إلا دار ابتلاء، وأما دار الجزاء فهي عند من لا يضيع أجر الصابرين.

كاتبة رأي 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى