كُتاب الرأي

العمل… نعمة لا يدركها إلا الممتن

العمل… نعمة لا يدركها إلا الممتن

✍️ سلوى راشد الجهني 

نستيقظ كل صباح محمّلين بجداول مزدحمة بالمهام والمسؤوليات. البعض ينظر إليها بقلق، ويشعر أن أثقالها تفوق طاقته، فيما يغفل أن هذا الانشغال نفسه نعمة عظيمة. فالفراغ لا يُثمر، والكسل لا يورث إلا الملل والإحباط، بينما العمل والعطاء هما سر الشعور بالقيمة والإنجاز.

قيمة الانشغال

من الجميل أن ينتهي يومك وقد أديت مهامك وحققت إنجازاتك، مهما صغرت، بدل أن تمضي الساعات بلا معنى سوى النوم والانتظار. ولذا قال الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «إني لأكره أن أرى أحدكم سبهللاً، لا في عمل دنيا ولا في عمل آخرة». فالانشغال علامة حياة، بينما الفراغ صورة من صور الموت البطيء.

الامتنان سر التفاؤل

حين تستشعر أن مسؤولياتك فرصة وليست عبئًا، يتغير كل شيء. منصبك، وظيفتك، الكرسي الذي تجلس عليه… كلها نعم يتمناها آخرون. فهناك من يبحث عن فرصة ليبدأ، وهناك من يتمنى القدرة على العمل بعد عجز أو مرض. الامتنان يجعل القلب أخف، والعمل أمتع، والنتائج أبهى.

بين متذمر ومتفائل

في كل بيئة عمل نلتقي شخصين مختلفين:

شخص يجرّ خطاه مثقلاً، يشعرك بالإحباط منذ أول كلمة تسمعها منه، وكأن الحياة لم تمنحه شيئًا.

وآخر يبتسم رغم ضغطه، ينجز رغم تعبه، ويزرع طاقة إيجابية فيمن حوله لأنه يرى في كل مهمة فرصة ليترك بصمة.

الفارق بينهما ليس في حجم المسؤوليات، بل في زاوية النظر إليها.
قصص ملهمة

أظهرت دراسة لمؤسسة Gallup (2024) أن الموظفين الذين ينظرون لأعمالهم بإيجابية ويشعرون بالامتنان لفرصهم، تزيد إنتاجيتهم بنسبة 21% مقارنة بغيرهم.

وقصة “جاك ما” مؤسس “علي بابا” خير مثال؛ بدأ حياته معلمًا متواضعًا للغة الإنجليزية، لكنه كان ممتنًا لكل عمل صغير أنجزه، فحوّل تلك البداية المتواضعة إلى صرح عالمي.

أقوال تضيء الطريق

قال رسول الله ﷺ: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه».

وقال ستيفن كوفي: «المفتاح ليس أن تقضي وقتك، بل أن تستثمره».

وكتب الرافعي: «إذا لم تزد على الدنيا كنت أنت زائدًا عليها».

فالختام
العمل ليس عبئًا يُسقطك، بل جناحًا يرفعك. وكل إنجاز مهما كان بسيطًا هو شاهد على قيمتك في هذه الحياة. استيقظ ممتنًا، ابتسم، وامضِ بخطى واثقة، فنعمة الانشغال والقدرة على العطاء لا يملكها الجميع، ومن يدرك قيمتها يعيش حياة أعمق، وأجمل، وأكثر أثرًا

كاتبة رأي 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى