المعلم المبدع سرّ التطوير ورسالة إدارة التعليم

المعلم المبدع سرّ التطوير ورسالة إدارة التعليم
تُعدّ إدارة التعليم والقيادة المدرسية من الركائز الأساسية في بناء بيئة تعليمية محفّزة، حيث يتجاوز دورها مجرد الإشراف الإداري إلى صناعة بيئة مهنية قادرة على إطلاق طاقات المعلمين وتنمية إبداعاتهم. فالمدرسة ليست مجرد مكان للتعليم، بل فضاء رحب يُنمّي الفكر، ويُحفّز التجديد، ويُتيح فرص الابتكار
أولا : دور إدارة التعليم في دعم إبداع المعلمين
– وضع السياسات المحفزة للإبداع : تعمل إدارات التعليم على صياغة اللوائح والبرامج التدريبية التي تتيح للمعلمين فرصًا للتجديد في طرق التدريس والأنشطة الصفية.
– توفير الموارد والإمكانات : فالإبداع يحتاج إلى بيئة غنية بالوسائل التعليمية والتقنيات الحديثة، وهو ما تسعى إليه إدارات التعليم عبر خطط التطوير والتحول الرقمي.
– تقدير الجهود وتحفيز المتميزين : إذ يُعدّ التكريم المعنوي والمادي وسيلة لتعزيز دافعية المعلم لمواصلة الإبداع والابتكار
– تفعيل الشراكات المجتمعية: من خلال ربط المدرسة بمؤسسات المجتمع، بما يثري التجربة التربوية ويفتح آفاقًا جديدة أمام المعلمين
ثانيًا : دور القيادة المدرسية في تنمية الإبداع
-.بناء بيئة عمل محفزة: القائد التربوي الناجح هو من يُهيئ أجواءً إيجابية تقوم على الثقة والتعاون، وتشجع المعلمين على تبادل الأفكار والتجارب
– تمكين المعلمين من اتخاذ القرار ، إشراك المعلمين في القرارات التربوية يُشعرهم بالمسؤولية ويمنحهم مساحة للتجريب والابتكار
– رعاية المبادرات التربوية: القيادة المدرسية تُعد الداعم الأول لمبادرات المعلمين الإبداعية، عبر تسليط الضوء عليها وتبنيها ونشر أثرها
– التطوير المهني المستمر: عبر التدريب وورش العمل والبرامج النوعية التي تفتح أمام المعلمين آفاقاً جديدة للتميز
ثالثًا : التكامل بين الإدارة والقيادة
إن الدور الحقيقي في تنمية إبداع المعلمين يتحقق من خلال تكامل إدارة التعليم مع القيادة المدرسية؛ فالإدارة توفر السياسات والموارد، بينما تقوم القيادة بتطبيقها ميدانياً بروح محفّزة. وبهذا التكامل يتحول المعلم من منفذٍ تقليدي إلى شريك فاعل وصانع للتغيير
رابعاً: شواهد من الفكر التربوي
– يشير جون ديوي إلى أن المدرسة هي “مجتمع مصغر للحياة”، مما يعني أن الإبداع فيها يتطلب قيادة حكيمة تُطلق طاقات المعلمين.
– ويرى أبو حامد الغزالي أن “العلم لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك”، مما يؤكد على أن القيادة والإدارة ينبغي أن تهيئا بيئة يُعطي فيها المعلم كامل طاقته الفكرية والإبداعية
– من أبرز المقترحات الداعمة لتنمية الإبداع عند المعلمين :
١- مختبرات الإبداع التربوي وذالك عن طريق تخصيص قاعة أو بيئة افتراضية تُسمى مختبر الإبداع، يُتاح فيها للمعلمين تصميم استراتيجيات تدريس مبتكرة وتجريب أدوات تقنية جديدة، مع توفير مساحات للتفكير الحر والتجريب دون قيود
٢- مسرح الأفكار التربوية “من وجهة نظري، يمكننا إحداث نقلة نوعية في بيئة العمل التربوي عبر إقامة أمسيات وجلسات مسرحية تربوية، أُتيح فيها للمعلمين فرصة عرض أفكارهم التعليمية المبتكرة بأسلوب قصصي أو تمثيلي، ليكون الإبداع تجربة حيّة يتفاعل معها الجميع.
٣- مجالس الحكمة والإلهام “من مقترحاتي التي أجدها ذات أثر فعّال عقد جلسات حوارية دائمة تجمع بين المعلمين ذوي الخبرة والمعلمين الشباب. فبرأيي، إن هذه اللقاءات تُحوِّل المدرسة إلى بيئة إبداعية ثرية، حيث يلتقي الماضي بالحاضر، وتتلاقح التجارب لتنتج أفكارًا مبتكرة.
٤-رحلات الإبداع التربوي“أجد أن تنظيم زيارات للمعلمين إلى المراكز العلمية والمتاحف ومعارض الابتكار، بل وحتى إلى مدارس في دول أخرى ـ سواء على أرض الواقع أو افتراضيًا ـ فكرة ثرية جدًا. فأنا أؤمن أن مثل هذه التجارب تفتح نوافذ جديدة في عقولنا، وتُحفّز خيالنا كمعلمين لنعود إلى طلابنا بروح مختلفة وإبداع متجدد.
٥- بنك الأفكار المفتوح “أرى أن يكون هناك فريق متخصص يتابع هذه المنصة بشكل دوري، يعمل على فرز الأفكار، وتقديم الدعم اللازم لها، وتحويل الأنسب منها إلى مبادرات قابلة للتطبيق داخل المدرسة. فبهذا الشكل لا تبقى الفكرة مجرد كلمات على شاشة، بل تتحول إلى عمل ملموس يُشعر المعلمين بأن صوتهم مسموع وجهدهم مقدَّر
٦- الاحتضان الإبداعي كما تفتح الجامعات ذراعيها لاحتضان المشاريع الناشئة، أتمنى أن تفتح المدارس ذراعيها لاحتضان مبادرات المعلمين الإبداعية. فأنا أؤمن أن فكرة صغيرة ـ كتطبيق تعليمي أو لعبة تربوية أو محتوى رقمي ـ إذا وُجدت لها بيئة حاضنة وموارد كافية، يمكن أن تتحول إلى إنجاز تربوي كبير يغيّر ملامح التعليم.
وأخيرًا إن تنمية إبداع المعلمين ليست خياراً ثانوياً، بل ضرورة تربوية تفرضها متطلبات العصر. فالمعلم المبدع هو أساس تطوير التعليم، وإدارة التعليم والقيادة المدرسية هما المحرّكان الرئيسان لإطلاق هذا الإبداع، عبر بيئة مهنية داعمة تُقدّر الجهد، وتُشجع المبادرة، وتُحقق التكامل بين السياسات والتطبيق.
بقلم أ/أماني الزيدان



