كُتاب الرأي
محبة من يكرهك

محبة من يكرهك
كلنا نعلم أن حياة الإنسان بشكل عام تتراوح بين حدين أحدهما إيجابي والآخر سلبي، فتارة تراه فرحًا وتارة أخرى تجده حزينًا، يمرض أوقاتًا ويتمتع بالصحة والعافية أوقاتًا أخرى….
وكما أن هناك حبًّا فهناك أيضًا كره، لكنك أحيانًا تجد شخصًا ما لا يحبك من دون أي سبب، فقط لا يحبك، بل يكرهك ويحقد عليك.
صحيح أن لكل منا محبين وكارهين، لكنك أنت كشخص تعامل الناس بما يظهر منهم فلا تستطيع بطبيعة الحال أن تعرف ما تكنه صدورهم ولا تستطيع أن تجزم بحبهم لك مئة بالمئة.
ومع ذلك فأنت تحب أن يحبك الناس، والذي لا يحمل غير حسن النية تجاه من حوله فإنه يحبهم وإن لم يتأكد من حبهم له.
إن محبة الشخص للآخرين دليل على نقاء قلبه، إذ تجده مسالمًا محبوبًا متواضعًا ولا يحمل في قلبه أي غِلٍّ أو حقد أو كره لأي شخص أيًّا كان ما في قلبه، وهذا ما سنسلط عليه الضوء في مقالنا هذا.
إن إرضاء الناس غايةٌ لا تُدرَك، فأحبَّ الجميع وإن كانت هناك قاعدة تقول: اكره من يكرهك. لكن أن تكون مسالمًا مع الجميع ولا تكره أحدًا أو تتمنى له الشر على الأقل هذه في حد ذاتها تعد احترامًا لنفسك وحرصًا منك على المحافظة على سلامك الداخلي.
إن كره أحدهم لك قد يكون بسبب قلبك الطيب، أو معاملتك الحسنة، قد يكون بسبب رزق أنعم الله به عليك، أو منصب لا يستطيع هو الحصول عليه، أو ميزة أحبك الكثيرون بسببها، أو أن تكون شخصًا اجتماعيًّا، شخصًا لا يُنسى بسهولة ويدخل القلب بسرعة.
امضِ في حياتك زائرًا لطيفًا لا يحمل غلًّا لأحد ولا يتمنى الشر لأحد، قد يكون قلبك الطاهر أكثر ما يميزك عن الغير، قد يكون سببًا في سعادتك ورضاك.
لا تربط قيمتك بعدد محبِّيك، ولا تسعَ لإرضاء الجميع؛ فقد يكون إرضاء هؤلاء هو أن تحزن بقية عمرك وتنطوي على نفسك، لذا لا تُلْقِ لهم بالًا ولا تشغل نفسك بهم.
عامل الناس بأصلك الطيب وبطيب خاطر، واعلم أن محبتهم هي نعمة من الله وإن كرهك بعضهم، فمحبتهم لم تكن الهدف الأساسي من البداية، والمحبة لا تكون غصبًا، ومريض القلب يبقى مريضًا حتى يأذن الله بشفائه.
في النهاية، لا بد من أن نذكِّر الكارهين أن كرهكم لا يغير حياة ذلك الشخص إلى الأسوأ ولو حاولتم أن تعكروا صفو حياته فبدلًا من أن تسعوا إلى تخريب حياة من كرهتموه، أليس من الجدير أن يسعى كل منكم إلى أن يحب نفسه ويسعدها؟!