كُتاب الرأي

زي ما تجي … تجي

زي ما تجي … تجي

علي محمد الماجد

لكي ترى العالم من أفقٍ مختلف، لا بد أن تقف يومًا وتسأل نفسك: ماذا كنتُ أفعل طوال تلك الأعوام التي خلت؟ ترسم الخطط الكبيرة، وتُحلِّق بالأفكار العظيمة، ثم فجأة تتحطم، كسفينة التايتنك حين ارتطمت بصخرةٍ عتيقة.
(وهنا أُذكّر: تكراري للتايتنك نابع من كوني مهندسًا، لا من إعجابٍ بذلك الفيلم المبتذل).

تلك الصخرة العتيقة لا تمثل شيئًا ماديًا، بل هي رمز لأفكارٍ مترسخة في عقول من حولك؛ معتقدات صلبة تُعيق تقدّمك. فتسأل نفسك بمرارة: هل يُعقل أن أكون على حق والجميع على خطأ؟ ومع ذلك تمضي في المحاولة، وكما نقول بالدارج: زي ما تجي تجي.

غير أن ما يصنع الفرق حقًا ليس العناد وحده، بل الكتب. الكلمات المدوَّنة هي التي غيّرت البشر منذ فجر التاريخ: من على الجلود والحصير وورق البردي وصولًا إلى صفحات “غوودريدز”. هي التي دفعت باخ إلى التلحين، وفان شيدل إلى الرسم، ومصطفى محمود إلى التفكر، وماري شِلي إلى كتابة فرانكشتاين. كيف لفتاة شابة أن تُبدع روايةً بقدرةٍ على تجسيد مخلوق بهذا القبح والعمق معًا؟ وكيف لكافكا أن ينفذ إلى قلب الغربة الإنسانية في المسخ حتى غدا نصًا مخيفًا وصادقًا في آن؟

لهذا يا عزيزي القارئ، إيّاك أن تحبس أفكارك في صدرك، فإنها قد تقتلك لو خنقتها. القراءة والكتابة هما أنفاسُ العقل، فدعها تنساب، واكتب دائمًا… زي ما تجي…تجي.

كاتب في الأدب الساخر 

المهندس علي محمد الماجد

أديب وكاتب في الأدب الساخر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى