أقلام ناشئة

الصوت الذي غيرنا

الصوت الذي غيرنا

كنّا أطفالًا ..
وكانت الغرفة تضجّ بأحاديث صغيرة ، وضحكات لا تعرف حجم الدنيا، ولا قسوتها .
فجأةً … خيّم الصمت
رنين هاتفٍ واحد بدّل ملامح المكان ، وصوت خرج بعده كأنه يمزّق الهواء
ليس صراخًا … بل إعلان لفقدٍ لا يُحتمل
لم أفهم شيئًا ، ولم يُخبِرْني أحد ، لكن قلبي فَهِم …
شعرت بشيء ثقيل يسكن صدري ، وكأن العالم انكمش حولي فجأة .
همسات خافتة تدور حولي ، وأنا أُكذِّب ما لم يُقَلْ
أحدهم قال : “ ربما …”
فأجبت ، دون تفكير : “ لا، هذا مستحيل . ”
ثم جاءت الحقيقة ، دون أن تُعرِّف بنفسها …
جاءت في عيون ممتلئة ، في خطوات متعثّرة
في وجوه فقدت ألوانها .
أُخذت من مكاني ، حُملت إلى حضن الحقيقة
وهناك … رأيت ما لا يُنسى :
مَن لم تستطع ساقاها أن تحملاها
ومن كانت تصرخ وكأن قلبها يحترق

الموت …
حين يأتي فجأة ، لا يستأذن الطفولة ، ولا يطرق باب الفهم
الموت حين يأتي ، يخلع شيئًا من الروح
ويترك أثرًا لا يُشفى .
لكنه لم يكن فقط رحيل جسد …
بل بداية وعيٍ لم أكن مستعدّة له
بداية خوفٍ من أن أحب أحدًا بشدة
فيغيب دون إنذار .
وما يؤلم بعد الفقد … ليس فقط الغياب !
بل حين تبدأ تفاصيل الراحل بالتلاشي من الذاكرة
ملامحه ، صوته ، طريقته في الحديث …
وكأن العالم يسرقك منه مرتين

علّمتني تلك اللحظة أن الصدمة لا تأتي من الموت وحده
بل من الطريقة التي يخطف بها شخصًا … كنت تظنّه باقٍ

بقلم ✍🏻 ميعاد محمد الزهراني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى