زاوية ثقافة الطفل

دور المملكة في رعاية الطفولة وتعزيز الحماية

دور المملكة في رعاية الطفولة وتعزيز الحماية

بقلم الكاتبة/ جوهرة ال صالح

مقدمة
طالما أولت المملكة العربية السعودية اهتماماً بالغاً برعاية الطفل وضمان سلامته الجسدية والنفسية والاجتماعية، مستندة إلى قيمها الدينية والإنسانية، وإيمانها بأن الطفل هو حجر الأساس في بناء مجتمع متكامل ومزدهر. وقد تبلورت هذه الرؤية في العديد من السياسات الوطنية، والبرامج التعليمية المتخصصة الهادفة إلى حماية الطفل وتمكينه، لا سيما في ظل التحولات الاجتماعية والتقنية التي يواجها العالم اليوم.
الإطار التشريعي لحماية الطفل في المملكة
حرصت المملكة العربية السعودية على سن تشريعات صارمة تضمن حقوق الطفل وتحميه من كل أشكال العنف والإهمال والاستغلال. وأبرز تلك التشريعات:
نظام حماية الطفل الذي صدر عام 2014، والذي يحدد حقوق الطفل ويرسخ مسؤوليات الجهات الحكومية في توفير الحماية والرعاية الشاملة.
نظام مكافحة التحرش الذي يهدف إلى حماية الفئات الأكثر عرضة للعنف، وفي مقدمتها الأطفال.
التعديلات الدورية في الأنظمة الجنائية لضمان تغليظ العقوبات على مرتكبي الجرائم ضد الأطفال.
التوافق مع الاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية حقوق الطفل، مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصية المجتمع السعودي.
دور الجهات الحكومية والمؤسسات الوطنية
تتولى عدة جهات حكومية مهمة حماية الطفل وضمان حقوقه، من أبرزها:
وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية: تشرف على تنفيذ نظام حماية الطفل، وتدير خط المساندة للأطفال، وتتابع حالات الإساءة وتوفر خدمات الرعاية والدعم.
وزارة التعليم: تدمج مفاهيم حماية الطفل ضمن المناهج الدراسية وتطوّر برامج توعوية وتدريبية للمعلمين والإداريين.
وزارة الصحة: تقدم الرعاية الصحية للأطفال وتتابع حالات سوء التغذية والإساءة الجسدية أو النفسية.
اللجنة الوطنية لحماية الطفل، التي تضع السياسات وتتابع تنفيذ المبادرات الوطنية.
تفعيل برامج التعليم لدعم حماية الطفل
إدراكاً لأهمية المدرسة في بناء شخصية الطفل وحمايته، حرصت وزارة التعليم السعودية على تفعيل برامج تعليمية متخصصة تهدف إلى مساندة الطفل وحمايته من المخاطر، منها:
إدماج مفاهيم الحماية في المناهج الدراسية
تم تطوير المناهج الدراسية لتتضمن وحدات مخصصة عن حقوق الطفل، أساليب الحماية الذاتية، وكيفية طلب المساعدة عند التعرض للخطر. وتسلط هذه المناهج الضوء على:
أهمية احترام الذات والآخرين.
كيفية التعرّف على مظاهر الإساءة الجسدية أو النفسية أو الإلكترونية.
تشجيع الإبلاغ عن حالات الإساءة من خلال قنوات رسمية وآمنة.
برامج الإرشاد الطلابي والدعم النفسي
تعمل المدارس على تفعيل برامج الإرشاد الطلابي من خلال وجود مرشدين مدربين يتابعون حالات الطلاب ويوجهونهم في مواجهة المشكلات، كما يتم تنظيم جلسات دعم نفسي جماعية وفردية عند الحاجة، ويجري التعاون مع الأسرة بشكل مستمر لضمان الاستقرار النفسي للطفل.
خط المساندة للأطفال
بادرت المملكة بإنشاء خط المساندة للأطفال (
116111) الذي يتيح للطفل أو من يقوم على رعايته التواصل مباشرة مع مختصين في حماية الطفل، حيث يمكن الإبلاغ عن أية إساءة أو خطر، وتلقي المشورة والدعم الفوري.
برامج التوعية المجتمعية
تُطلق وزارة التعليم بالتعاون مع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية حملات توعوية منتظمة تستهدف الأطفال وأسرهم والمعلمين، لتعريفهم بحقوق الطفل وأهمية حمايته، إضافة إلى نشر ثقافة نبذ العنف بكافة أشكاله.
مبادرات رقمية لحماية الطفل
في ظل انتشار التقنية، تم استحداث برامج رقمية وتطبيقات ذكية تتيح للطفل الإبلاغ السريع عن أي اعتداء أو انتهاك، مع توفير محتوى توعوي رقمي مناسب لجميع الفئات العمرية، وتدريب الطلاب على الاستخدام الآمن للإنترنت والمنصات الاجتماعية.
التعاون الدولي والإقليمي
تشارك المملكة بفاعلية في المؤتمرات والبرامج الدولية والإقليمية الرامية إلى تعزيز حماية الطفل، وتستفيد من التجارب الناجحة في مختلف الدول، وتحرص على مواءمة سياساتها مع المعايير الدولية دون الإخلال بقيم المجتمع السعودي، كما تساهم في مبادرات أممية لحماية الأطفال في مناطق النزاع والكوارث.
التحديات والفرص
رغم الجهود الكبيرة، تواجه المملكة تحديات في حماية الطفل ومنها:
التغييرات الاجتماعية السريعة والتأثيرات التقنية.
الحاجة المستمرة لتطوير آليات الكشف المبكر عن حالات الإساءة خاصة في البيئات المغلقة أو الافتراضية.
تباين الوعي لدى الأسر حول حقوق الطفل وأهمية الحماية.
وتتجلى الفرص في توسيع نطاق البرامج التعليمية، وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص والجمعيات الأهلية، واستثمار إمكانات التقنية والابتكار في تطوير وسائل حماية الطفل.
التوصيات المستقبلية
لضمان حماية فعّالة ومستدامة للطفل في المملكة، يمكن اقتراح عدة توصيات:
زيادة الاستثمار في تدريب الكوادر التعليمية والإرشاد النفسي.
تطوير المناهج باستمرار لمواكبة التحديات الجديدة خاصة في مجال الأمن الرقمي.
تكثيف الحملات التوعوية في المجتمع وتشجيع مشاركة الأطفال أنفسهم في صياغة برامج الحماية.
تعزيز التعاون بين الجهات الحكومية والأهلية والدولية لوضع حلول شاملة ومبتكرة.
توفير مزيد من الدعم القانوني للفئات الأكثر عرضة للخطر.
خاتمة
تسير المملكة العربية السعودية بخطى ثابتة نحو تعزيز حماية الطفل وضمان رعايته في كافة الجوانب، من خلال سياسات متكاملة وبرامج تعليمية متطورة تستجيب لمتطلبات العصر وتحدياته، وتحرص على بناء جيل واعٍ قادر على حماية نفسه والمساهمة في بناء مجتمع آمن ومتماسك. إن استمرار تطوير هذه الجهود يمثل حجر الزاوية في تحقيق رؤية المملكة لمجتمع متكامل يضع الطفولة في صدارة أولوياته.

كاتبة رأى ومؤلفة

جوهرة حمزة آل صالح

كاتبة ومؤلفة ومشرفة ثقافة الطفل والقصص المتحركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى