كُتاب الرأي

حين يرحل الأحبّة

حين يرحل الأحبّة

الموت نافذة لا تُغلق، يطرقها كل حيّ في ساعة لا يعلمها إلا الله، فإذا رحل العزيز الذي كان لنا سندًا وملاذًا، اهتزّ القلب وانسكبت العَبرات، لكن سرعان ما يذكّرنا الإيمان أن الموت ليس فناءً بل انتقالٌ إلى حياةٍ أخرى.
حين يموت الأب أو الأم أو الأخ أو الصديق، لا يموت أثره، بل يبقى حاضرًا في نفوس من أحبّوه، في ذكرياتهم، وفي دعواتهم، وفي الخير الذي تركه بينهم، وما على الأبناء والأحباب إلا أن يكونوا أوفياء لذلك الراحل بعد موته، كما كانوا في حياته.
الوفاء له لا يكون بالدمع وحده، ولا بالحزن الذي ينهك الجسد، وإنما يكون أولًا بالدعاء الصادق؛ أن يسألوا الله له المغفرة والرحمة والدرجات العلى، ومن صور البرّ: صلة أرحامهما، وإكرام أصدقائهما، وتنفيذ وصاياهما المشروعة، والصدقة عنهما.
وعلى الأبناء والأحباب أن يتذكّروا أن أعظم ما يُهدى للميت عملٌ صالحٌ يستمرّ أثره، كصدقة جارية أو علمٍ ينتفع به أو دعاءٍ ولد صالح.
فليحرصوا على أن يكونوا هم ثمرة حياته، وأجمل امتدادٍ له في الدنيا، فيُشهد لهم بأن فلانًا لم يمت، إذ ترك أثرًا باقٍ في أولاده وأحبّته.
كذلك، لا ينبغي أن يتحوّل الفقد إلى يأسٍ أو انكسار، بل إلى دافعٍ يذكّر الأحياء بحقيقة الدنيا وزوالها، فيشدّهم إلى العمل للدار الباقية، ويجعلهم أكثر صبرًا وصلابة أمام تقلبات الحياة.
إن موت العزيز امتحان، وواجب الأبناء والأحباب أن ينجحوا فيه بالصبر، والرضا بقضاء الله، ومواصلة حياةٍ تليق بذكراه.
ولعل أجمل وفاء له أن يكونوا كما أحب أن يراهم: مستقيمين، متحابين، فاعلين للخير.
فالراحل يغيب جسده، لكن يبقى أثره… ويبقى السؤال للأحياء: هل سنكون نحن امتدادًا صالحًا لذكراه أم لا؟

بقلم: د. دخيل الله عيضه الحارثي

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى