زاوية ثقافة الطفل

تجربة البداية وبناء الذكريات الأولى

بقلم الكاتبة / جوهرة ال صالح

تجربة البداية وبناء الذكريات الأولى

يمثل اليوم الأول في الروضة محطة فارقة في حياة الطفل والأسرة على حد سواء. فهو ليس مجرد بداية مرحلة تعليمية، بل هو انطلاقة لعالم جديد مليء بالمغامرات الصغيرة واكتشاف الذات والاندماج الاجتماعي. وبين مشاعر الفرح والقلق، يمر الطفل وأسرته بلحظات تستحق أن تُروى وتُحفظ في ذاكرة الأيام.
ما قبل اليوم الأول: التحضير النفسي والعملي
يبدأ التحضير لليوم الأول في الروضة قبل فترة من دخوله الفعلي. وتلعب الأسرة دوراً محورياً في تهيئة الطفل لهذه التجربة الجديدة التي قد تكون غامضة أو مثيرة للقلق في نظره.
يُنصح بالتحدث مع الطفل عن الروضة وما سيجده هناك، كوجود أطفال آخرين وألعاب ونشاطات ممتعة، لكسر حاجز الخوف والرهبة.
زيارة الروضة قبل اليوم الأول تساعد الطفل على التعرف إلى المكان ومحيطه، مما يمنحه شعوراً بالألفة والارتياح.
اختيار الأدوات المدرسية والملابس والحقيبة بالتشارك مع الطفل يعزز شعوره بالاستقلال والجاهزية.
البدء في تنظيم وقت النوم والاستيقاظ قبل أيام من بدء الدراسة ليتأقلم الطفل مع الروتين الجديد.
مشاعر الطفل في اليوم الأول
تتباين مشاعر الأطفال في اليوم الأول بين الحماس لاكتشاف الجديد والقلق من الفراق عن الأهل. وقد يبكي البعض عند الوداع أو يظهر عليهم التوتر، بينما يشعر آخرون بالفضول والانطلاق نحو مغامرة جديدة. كل هذه المشاعر طبيعية وتعبير عن تعاطيهم مع التغيير.
الشعور بالغربة: من الشائع أن يشعر الطفل بغربة المكان والوجوه، وعدم الأمان في اللحظات الأولى.
الاعتماد على المألوف: قد يحمل الطفل معه لعبة أو غرضاً محبباً من المنزل ليشعر بالأمان.
الانجذاب إلى الأنشطة: مع الوقت يبدأ الطفل بالانخراط في الأنشطة والألعاب، مما يخفف حدة القلق تدريجياً.
دور الأهل في دعم الطفل
يُعتبر دعم الأهل عاملاً محورياً في جعل اليوم الأول في الروضة تجربة إيجابية.
توديع الطفل بهدوء وتفاؤل مع وعد بالعودة في نهاية اليوم يمنحه الطمأنينة.
تجنب إطالة الوداع أو إظهار القلق أمام الطفل حتى لا تنتقل له مشاعر التردد والخوف.
الاستماع للطفل عند العودة إلى البيت، والسماح له بتفريغ مشاعره والتعبير عن يومه.
تشجيع الطفل على تكوين صداقات جديدة والانخراط في الأنشطة الجماعية.
دور المعلمات والإدارة
تلعب المعلمات في الروضة دور الأم الثانية، حيث يعمدن إلى احتواء الأطفال الجدد وتقديم الدعم النفسي والعملي لهم. يستقبلن الطفل بابتسامة دافئة، ويساعدنه على التعرف إلى زملائه، ويوفرن جواً من الأمان والطمأنينة. كما تهتم الإدارة بتوفير بيئة آمنة وجاذبة، مزودة بالألعاب والألوان الزاهية، وبرامج يومية متنوعة تراعي رغبات واحتياجات الأطفال.
جدول اليوم الأول
عادة ما يكون اليوم الأول في الروضة أقصر من الأيام الأخرى، ويركز على تعريف الطفل بمرافق الروضة، مثل الفصول والحديقة والساحة الخارجية. يشمل اليوم أنشطة خفيفة، كالرسم والألعاب الحركية، وسرد القصص الجماعية. يتم التركيز على الأنشطة التي تعزز التعارف وإذابة الجليد بين الأطفال.
مشاكل شائعة في اليوم الأول وحلولها
قد يواجه الطفل بعض التحديات، مثل البكاء المستمر أو رفض الانخراط في الأنشطة. وهنا تظهر أهمية التعاون بين الأهل والمعلمات في:
البقاء بعض الوقت في الروضة إذا لزم الأمر، حتى يطمئن الطفل.
منح الطفل الوقت الكافي للتأقلم وعدم الضغط عليه للانخراط الفوري.
التواصل الدائم بين الأهل والمعلمات لمتابعة حالة الطفل وتقديم الدعم اللازم.
نصائح لليوم الأول في الروضة
تجهيز الحقيبة مع الطفل ووضع بعض الحاجيات المحببة إليه.
توديع الطفل بابتسامة وحديث إيجابي عن تجربة الروضة.
التواصل مع العاملين في الروضة حول أي أمر يخص الطفل، كالحساسية أو الحاجة للعناية الخاصة.
منح الطفل الوقت والمساحة للتعبير عن مشاعره بعد العودة للمنزل.
ذكريات اليوم الأول وأثرها المستقبلي
تظل الذكريات الأولى في الروضة محفورة في وجدان الطفل والأسرة. فهي تشكل ركيزة لمشاعر الثقة والانتماء، وتعد أساساً للعلاقات الاجتماعية المستقبلية. وغالباً ما تتحول مخاوف اليوم الأول إلى قصص لطيفة يتذكرها الطفل لاحقاً بابتسامة فخر وحنين.
إن اليوم الأول في الروضة هو بداية رحلة جديدة في حياة الطفل، تملؤها التجارب والمواقف والمشاعر المتباينة. ويكمن سر النجاح في هذه الرحلة في الدعم المتواصل من الأهل، والبيئة الحاضنة في الروضة، وإتاحة الفرصة للطفل ليكتشف ذاته ويكوّن صداقاته ويعبّر عن نفسه بحرية وارتياح. فكل بداية قد تبدو صعبة، لكنها غالباً ما تكون البذرة التي تنمو وتزهر في قلوب أطفالنا.

كاتبة رأي

جوهرة حمزة آل صالح

كاتبة ومؤلفة ومشرفة ثقافة الطفل والقصص المتحركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى