التواضع زينة الكبار والتكبر ستار الصغار

التواضع زينة الكبار والتكبر ستار الصغار
التواضع ليس خُلُقًا عابرًا يمر في سلوك الإنسان، بل هو مرآة لليقين الداخلي والثقة الراسخة بالنفس.
لا يتواضع المرء إلا حين يكون ممتلئًا باليقين من قيمته، عارفًا بمكانته، مدركًا أن النقص لا يُسدُّ بالتعالي، وإنما يزداد الكمال إشراقًا حين يلبس ثوب التواضع.
الإنسان الواثق بنفسه لا يحتاج إلى صخب، ولا إلى مباهاة، فهو يملك يقينًا بأن الجبال لا تهتز إذا مرّت الرياح حولها.
ترى المتواضع رزينًا، مطمئنًّا، يبتسم لمن دونه، وينحني برفق لمن حوله، لأن ذاته شامخة بما يكفي فلا يخشى أن يُنتقص منه شيء.
أما المتكبر، فليس سوى إنسانٍ مثقلٍ بنقصه، يحاول أن يُخفي هشاشته وراء جدران الوهم. التكبر غطاء هشّ، يخدع صاحبه قبل أن يخدع الناس؛ إذ ما إن تهبّ رياح المواقف حتى يتكشف ضعفه ويظهر خواؤه.
قال أحد الحكماء: المتكبر كمن يرفع قامته على رؤوس أصابعه، يظن أنه طال، وما زاد إلا تعبًا ووهنًا.
التواضع رفعة في أعين الخلق، وسمو في ميزان الحق، به تشرق النفوس وتُرفع المقامات، وما زاد الله عبدًا بتواضع إلا عزًّا، فالمتواضع يصعد سلّم المجد بخطوات ثابتة، بينما المتكبر يهبط في دركات الاحتقار وإن ظن أنه ارتفع.
فيا لَجمالِ قلبٍ عرف وزنه، فخفَّ على الناس تواضعًا، وثقلَ في ميزان الله وقارًا، ويا لسوء حال من جهل نفسه، فلبس رداء الكبر، فإذا هو بين الخلق صغير، وبين يدي الحق حقير.
ولعل أصدق ما يوجز هذه الحقيقة قول الشاعر:
ملءُ السنابلِ تنحني بتواضعٍ
والفارغاتُ رؤوسُهنَّ شوامخُ
✍️ د. دخيل الله عيضه الحارثي