لمعة زائفة وجوهر لا ينطفئ

لمعة زائفة وجوهر لا ينطفئ
لم يعد يشدني البريق فقد سقط وهجه وتعلمت أن ما يلمع ليس بالضرورة ذهبا بريق مشاهير الصدفة والتافهين ولمعة النحاس لن يصبحوا ذهبا مهما علت أسماؤهم أو ازدادت شهرتهم لأن الجوهر الحقيقي لا يُصنع بالمظاهر أو صدى الشهرة الزائف النجاح الحقيقي ينبع من الصدق مع النفس واختيار ما يضيف قيمة لحياتنا
في عالم تغمره المظاهر تتعدد مصادر البريق الزائف من وسائل التواصل الاجتماعي إلى الإعلانات الباهرة وأحيانا العلاقات الاجتماعية المبنية على الانبهار فالتعلق بما يلمع يهدر الوقت والطاقة ويبعدنا عن الجوهر بينما التركيز على الجوهر يمنح وضوح الرؤية والقدرة على اتخاذ القرارات الصحيحة ويحفزنا على تطوير مهاراتنا وبناء علاقات أعمق وأكثر صدق
التجربة الشخصية تعلمنا أن الانبهار بالمظاهر قد يؤدي إلى خيبة الأمل وفقدان الطاقة بينما التمسك بالحقائق والجوهر يمنحنا الاستقرار النفسي والقوة الداخلية فالوعي الذاتي هو المفتاح لفهم ما يضيف قيمة لحياتنا وما يجب تجاهله وما يستحق اهتمامنا فعندما نختار الصدق مع أنفسنا نصنع بريقنا الخاص الذي لا يخبو
المجتمعات التي تقدر الجوهر على البريق الزائف تكون أكثر مرونة وتماسكاً فهي تبني ثقافة قائمة على الكفاءة والمعرفة والأخلاق وليس على الانبهار بالمظاهر المؤقتة فالنجاح الحقيقي لا يقاس بالسطوع المؤقت او الشهرة بل بما يقدمه الفرد لمجتمعه من قيمة وأثر ملموس القيم الحقيقية تكمن في اختيار ما يستحق التفاني والاهتمام وفي الجرأة على مواجهة الحقائق والتخلي عن ما يلمع بلا جوهر
على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، المبادرات التي ترتكز على الجوهر تثمر أفضل النتائج لأن التركيز على الأسس الصحيحة يعزز التنمية المستدامة ويمنح الأفراد القدرة على الابتكار واتخاذ قرارات مبنية على المعرفة والوعي وليس الانبهار بالمظاهر الزائفة فالنجاح المستمر يحتاج إلى رؤية واضحة وثقة بالقدرات الذاتية لا إلى صدى الشهرة أو بريق الصدفة
وفي النهاية، البريق الحقيقي ليس لمعة مؤقتة ولا صدى الشهرة الزائف بل ما ينبع من قناعاتنا وأفعالنا الصادقة ومن اختيار طريق ينعكس خيره على أنفسنا ومن حولنا فالقوة تكمن في الجوهر لا في السطح، وفي الصدق مع الذات لا في بريق مشاهير الصدفة أو التافهين أو لمعة النحاس التي لن تصبح ذهبا البريق الذي يدوم هو ما نصنعه بأنفسنا عبر الاختيارات الصادقة والالتزام بالقيم الحقيقية التي تمنح حياتنا معنى وعمقا.
أ / تركي عبدالرحمن البلادي
كاتب صحفي وباحث تربوي