منى البدراني (شاعرة المدن)

منى البدراني (شاعرة المدن)
في كل قصيدة تنثرها، تتحوّل الشاعرة منى البدراني إلى صوت الوطن النابض، وإلى لحنٍ يردد عشق الأرض والمدن. هي خنساء المدينة، التي استطاعت أن تُحوّل الكلمة إلى مرآة تعكس روح المكان وذاكرة الإنسان.
في ديوانها الوطني «أنبضُ به»، جمعت ملامح مدن المملكة في لوحات شعرية، فغنّت للمجد وأبدعت في كتابة الأوبريتات والقصائد التي رافقت العديد من المناسبات الوطنية. لم تكن مجرد شاعرة للمدينة المنورة – مسقط حبها الأول – بل صوتا يفيض بحب الوطن من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه.
كتبت عن مكة المكرمة بقدسيتها الطاهرة، وعن جدة وينبع وبحريهما الساحر، وأهدت قصائدها لحائل الكرم والجود وتبوك الورد وحفر الباطن بمهرجانها الشعري، كما رسمت بمدادها نخيل الأحساء الشامخ وفنون القصيم، ولم تنسَ الطائف المأنوس. وحين اتجهت إلى الجنوب، انفتحت روحها على النماص وبيشة ونجران وجازان وفرسان، حيث الطبيعة والغيوم تستدعي الشعر من أعماقها. أما رحلتها الأخيرة إلى عسير، فقد كانت تحليقا شعريا فوق الغيم، لتولد قصائد تتوهّج في سماء أبها.
إنها بحق “شاعرة المدن” وعاشقة الوطن التي تجعل من كل بيت قصيدة وطنا مصغرا، ومن كل كلمة نغمة حب، وها هي اليوم تهدي الوطن قصيدتها الجديدة: على جُنح البهاء.
المحرر
على جُنح البهاء
جمالٌ سَبانيَ والــرُّوحُ ولْهـى
إلى ضَمِّ غيـــمِ الحبيبةِ أبْـها
تُعانِقُ شــوقِي بِنكــــهةِ مُزنٍ
وطوْدِ خَضَارٍ من الـوردِ أزْهى
بِها سِحرُ حُســـنٍ تَملَّكَ قَلبِي
فأسْكبُ شِـعرِي تلاحينَ مِنْها
أُسَبِّلُ فِــــكْرِي بِـــفتنةِ غيـمٍ
هَـــواها بِعيْني تَبَـــدَّرَ وَجْـها
تُلامِسُ جُنْحَ السَّحابِ حُروفِي
بِقُبــلةِ خَـــدٍّ أرْقَّ وأشْــــهى
تُــدثِّرُني بِوشــاحِ ضَبــــابٍ
كفُستانِ عُرسٍ تَهادَى وأرْهى
فهذي عســـيرُ تَزِفُّ عَــروسًا
دلالُ بَـــهاهَا تَجــلَّى وأمْهى
وتَصْطَـافُها روحُ قـاصٍ ودَانٍ
بِساطُ الطبيعةِ يَخـتالُ مَقْهى
وتُمطِرُ بالروضِ ألحـانَ طفلٍ
يناغمُ فيها حُبـــــورًا بِملْهى
فَسَاحَ بأبهـا جـناسِي بهــــيًّا
لأنَّ سَــديمَ الشــواهقِ أبْهى
وأغرتْ فؤادِي، وهزّتْ خيالِي
فجاءَ يُموسِقُ نبْـضــيَ كُنْـها
منى البدراني
خنساء المدينة