في ظلال المشهد المسرحي

القطار الأخير

القطار الأخير

(رواية قصيرة على هيئة مسرحية رمزية)

الشخصيات:
• حازم: شاب في العشرين، يحمل حقيبة وكتابًا، طموح لكنه متردد.
• الرجل الغريب: في الستين من عمره، واثق، ثري، رجل أعمال.
• الصوت الداخلي: صوت الحكمة، يظهر في لحظات التأمل.

المشهد الأول:
[محطة قطار مهجورة قليلًا، ليلة ممطرة، صوت المطر والماء يقطر من السقف، حازم يجلس على كرسي خشبي يقرأ بتركيز.] (الساعة تشير إلى منتصف الليل. القطار يمر مسرعًا دون أن يلاحظ.)
الصوت الداخلي: حين تنغمس في عالم الكتب، قد لا تسمع العالم وهو يرحل من حولك… لكن، هل كل رحيل خسارة؟
(حازم يرفع رأسه فجأة بعد لحظات من الصمت، ينظر إلى ساعته بذهول.)
حازم (بصوت مرتبك): لا… لا، مستحيل… القطار؟! لقد مرّ دون أن أشعر! كيف؟! كان موعدي في الجامعة غدًا… كانت فرصتي الوحيدة.
(ينهض، يدور في المكان، يتلفت يمنة ويسرة، المطر يزداد.)
حازم: لقد ضاع كل شيء… الجامعة، الحلم، المستقبل! يا رب، ماذا أفعل؟ لا سيارة، لا قطار، لا أمل… والليل انتصف.

المشهد الثاني:
[يد تُربّت على كتف حازم. يظهر الرجل الغريب، يحمل مظلة سوداء، وابتسامة مطمئنة.] الرجل الغريب: مساء الخير يا بُني… يبدو أنك تنتظر شيئًا مهمًا.
حازم (بصوت مكسور): القطار فاتني، وكان عليّ أن أكون في المدينة قبل الفجر. لدي موعد قبول في الجامعة… تخصص أحلم به منذ سنوات
الرجل (يجلس بجانبه): وما التخصص؟
حازم (بحماس حزين): هندسة البرمجيات. كنت أحلم بتطوير تطبيقات تُغير حياة الناس. لدي فكرة لمنصة تعليمية ذكية كنت أعمل عليها منذ سنتين.
الرجل (يتأمله مطولًا): وهل كل من نجح ركب القطار؟ أحيانًا… الحياة تُرسل لنا عربة مختلفة.
(يمد له بطاقة عمل)
الرجل: أنا أملك شركة تقنية ناشئة، وأبحث عن عقل شاب مثلك… هل ترغب بالعمل والتعلّم معنا؟ من الغد؟
حازم  (ينظر إليه بدهشة): أنا؟ تعملني؟ من دون شهادة؟!
الرجل (بثقة): الشهادة طريق، لكنها ليست الوحيدة. وسأضمن لك لاحقًا دعمًا للدراسة أيضًا، لأنك تملك شيئًا أهم: الشغف.

المشهد الثالث:
[نفس المكان، بعد سنوات. حازم أصبح رجلًا ناضجًا، يحمل حقيبة أعمال. شاب صغير يجلس مكانه في أول المشهد] (يمر القطار، لكن الشاب لا يتحرك… حازم يبتسم ويقترب منه)
حازم : فاتك القطار؟

الشاب: نعم… ويبدو أنه فات كل شيء معه.

حازم (يناوله بطاقته): ربما لم يفت شيء… ربما جاء دورك لتركب العربة الصحيحة

الصوت الداخلي (يُختتم به المشهد):
لا تخف من ضياع الفرص… فما يبدو ضياعًا، قد يكون بداية اكتشافك لطريقك الحقيقي. فالقطارات لا تنقلنا دائمًا… أحيانًا، من تأخّر، ارتقى.

النهاية.

للكاتبة / أماني الزيدان

اماني سعد الزيدان

كاتبة رأي ورواية مسرحية ومشرفة على في ظلال المشهد المسرحي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى