ثلاثٌ تهمُّ رؤية السعودية (2030)
جابر عبدالله الجريدي
ثلاثٌ تهمُّ رؤية السعودية (2030)
أطلقت المملكة العربية السعودية رؤية مستقبلية وفكرة عظيمةً قوية، الإدارة السعودية عازمةً على المضي قُدُماً لتحقيق تلك الطموحات والرغبات، متحديين أنواع شتى من العقبات والصعوبات، راغبين لأن يكونوا في صدارة العالم، في أعلى القمم، في قمةّ لا يصلهم إليها أحد، ماضون بعزيمة الرجال، وصبر الأبطال، ثابتين ثبوت الجبال، تهب العواصف عليهم وهم ثابتون عازمون صامدون خلف قياداتهم وإدارتهم، واثقون بأنفسهم أنهم قادرون على فعلها، يسند بعضهم البعض حتى يكاد ان المرء يفتش عن ثغرةٍ يصطادهم بها فلا يجدها، هذا دليل الاتحاد والتعاون وإسناد كلٌ لأخيه الآخر والعمل نحو هدف واحد وهو تحقيق الرؤية ورفعة وطنهم بلاد السعودية.
وما أريد أن اتحدث عنه في ما يهم هذه الرؤية، والسير لتحقيقها خطوةً خطوة، ثلاثُ أشياء اخترناها وهناك الكثير من الأفكار تخدم الرؤية وتجعلها أكثر قرباً للحدوث والكمال.
أولاً:
الجديَّة عند الإدارة:
بعد أن أطلق لها العنان ولي عهد المملكة العربية السعودية الأمير محمد بن سلمان، وقالها بصريح العبارة سننقل حضارة أوروبا إلى الشرق الأوسط، وهذا تحدٍ واضح لكِبار الأنظمة العالمية، ويتطلب العزيمة والإرادة الصلبة لمواجهة التحديات، وهذا يحتاج جديَّة في الأمر عند الإدارة، وخاصةً في ذلك مواجهة الفساد ومحاربته والقضاء عليهم والأولوية للفساد الإداري، لابد أن يعمل لذلك رقابة خاصة مشددة لا تهاون فيها، والفساد الداخلي في الدولة من قبل الأفراد والمواطنين ومواجهة الأفكار المتطرفة والإرهابية، والإهتمام بالجانب التوعوي الديني الإرشادي والثقافي الحضاري، والأمر الأشد ان المملكة العربية السعودية تمثل مركز الجاذبية الإسلامية لأنها محافظة على الأسس الشرعية كالتوحيد والعقيدة النقية الصافية الزكية، فأعداءها كُثُر، والمتربصين بها لا يُستهان بهم، فهم يحاولون إيجاد ثغرة، فتارة يحاربون السعودية إعلامياً، وأخرى وضع دسائس متطرفة عبر زرع أفكار غريبة فيها مغالطة واضحة للأساس الشرعي الذي فهمه العلماء الربانيين والفقهاء الشرعيين، فتراهم يدسون السم في العسل الصافي بدون أن يشعر بذلك أحد، ويحاولون تدمير المجتمع السعودي عبر ترويج المخدرات ووضع تخطيط خبيث لنشر الشذوذ والرذيلة، فالحرب على المملكة العربية السعودية كبيرة، يحاربهم الغربي والشرقي والرافضي والشيعي… الخ)
ومن الأمثلة التي تمثل الجديَّة عند الإدارة وخصوصاً في محاربة الفساد، هو ذلك الموقف الذي حدث في زمان الرسول صلى الله عليه وسلم، عندما أرادوا ان لا يُحد لإمرأة مخزومية، فذهبوا إلى عند أسامة بن زيد رضي الله عنه لقربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلبون منه أن يشفع لتلك المرأة المخزومية، فلما ذهب أسامة بن زيد رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يتشفع لها غضب منه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له (أتشفع في حدٍ من حدود الله) ثم أقسم بعد ذلك (والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها) ومن الخير الكبير الذي وثق عُرى هذا الأمر عندما تحدث ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان قائلاً: “لن ينجو أي شخص دخل في قضية فساد، سواءً كان أميراً أو وزيراً أو أياً كان .. كل من تتوفر عليه الأدلة الكافية سيُحاسَب “.
ثانياً:
مسؤولية كل فرد:
ان يسعى الجميع نحو هدف واحد وهو رفعة الوطن، وتحقيق الطموح، وهو أن يشعر كل فردٍ ومواطن سعودي بأنه مسؤول ومطلوب منه العمل للوصول إلى الأهداف العامة، والسير نحو خطةٍ واحدة للإيفاء بالوعد، فعندما يسعى كل فرد للإصلاح والتطوير، يكون المجتمع أكثر نمواً وتطوراً، لذلك عندما تكون المجتمعات نشطة ومتطورة ينعكس ذلك مباشرةً على الدولة، فبداية الأمر هو جهد الفرد، فيسعى لجمع المعارف والأخذ بالعلوم، وأكبر خطوة لأن يصبح الفرد عاملاً نشطاً في المجتمع والوطن بشكل عام هو العلم، يذهب إلى تعلم العلوم، ومعرفة أبواب الفنون، كل فردٍ يهتم بمجالٍ يبرز فيه ويسعى للتطوير، بذلك يتحقق التنويع في المجالات العلمية المختلفة، وهذا هو الهدف السامي لرؤية المملكة العربية السعودية 2030 تحقيق الإكتفاء الذاتي، وأن تصبح السعودية والشرق الأوسط المنارة الكبرى في العالم، لتُعيد حضارة الإسلام القديمة من جديد التي كانت عاصمتها الأندلس فتعود إلى الشرق الأوسط.
كان في زمان النبي صلى الله عليه وسلم الطبيب، والتاجر، والجندي المحارب، والمخطط، والصانع، والعالم، والفقيه.. الخ)
فطوروا ذلك المسلمين حتى أصبحوا المنارة الأولى للحضارة في الكرة الأرضية.
وما يُعجِب أن المملكة العربية السعودية تتمتع بذلك الأمر، والمواطن السعودي يشعر بتلك المسؤولية، ويحمل على عاتقه العمل على تنفيذ وعد قائده، فاهتم بالعلم، والتطوير، والبحث، ووضع الحلول والمعالجات لإنهاء المشكلات، ساعياً بكل ما يستطيع، صابراً، مجاهداً، ثابتاً، قائلين: سفينتنا تُبحر في المحيط تحمل هم الأمة العربية والإسلامية لتوصلها إلى ساحل الأمان.
ثالثاً:
المحيط الإقليمي لأراضي المملكة العربية السعودية :
الإستقرار الأمني عامل مهم لأي دولة لها أهداف كبرى، الإستقرار الداخلي للدولة، واستقرار الإقليم المجاور، من حيث أمن عدم وجود تهديد او اضطراب من الدول المجاورة
يتضح ذلك من خلال التطور الذي حصل في القارة الأوروبية، تعيش دولها أمناً داخلياً، ولكل دولة مشروع حضاري تسعى للتنافس لتكون في صدارته، مما جعل قارة أوروبا مثالاً للتطور الحضاري والعلمي، بل والمشروع الأكبر في العالم، وانتقل بعد ذلك إلى القارة الأمريكية وهي هجرات أوروبية توسعية واكتشافية لتلك البلاد مما جعلهم يستوطنونها، لذلك الفكرة السعودية في الرؤية المعلنة 2030 لم تقتصر على حدود السعودية فقط، بل شملت أركان المحيط وسمُوها (حضارة الشرق الأوسط)، وهي فكرة عميقة جداً، فلم تكن تلك الكلمات التي أخرجها ولي العهد من عبث الكلام، بل هي مشروع تم تنقيحه ودراسته وفهمه واستنباطه، فإن فكرة حضارة (الشرق الأوسط) أقوى وأفضل من فكرة حضارة (السعودية)، ومن أجل هذا الهدف لابد من السعي في استقرار الدول المحيطة ودول الشرق الأوسط بشكلٍ عام، وهو المكان الأكثر إضطراباً في العالم، يتسم بالفوضوية والدمار والإرهاب والحروب، لذلك التحدي سيكون صعباً، ولكن بوادر سعي المملكة العربية السعودية أصبحت واضحة جداً، حيث أن صورتها تشكلت في دولة سوريا الشقيقة حفظها الله وحرسها من كل شر ومكروه ودول العرب والمسلمين، وكذلك اجتماعات حل السلام في اليمن التي عقدتها السعودية والمحاولة والسعي لتقارب الأطراف مع ما يخدم إخوانهم اليمنين، كما أن هناك تحركات دبلوماسية في لبنان وفلسطين ومحاولة تقويض الشر الرافضي الإيراني، إن مشروع المملكة العربية السعودية المتمثل في رؤية 2030 سيحدث نقلة كبيرة في العالم، وحقاً كما قال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود (سننقل حضارة اوروبا إلى الشرق الأوسط) وانه يتمنى ان يرى ذلك يتحقق وهو مؤمن بنجاح دولته وشعبه في ذلك، واضع رهاني معهم ان الشرق الأوسط سيتصدر العالم، وسيسوده حضارياً وعلمياً وفكرياً، فإن من كان لديه ماضي (الأندلس) لابد أن يكون له حاضر (الشرق الأوسط)

