كُتاب الرأي

التفكير في الثقافة فريضة إنسانية

كتبت على صفحتي ” الفيسبوك” هذه الكلمات يوم الجمعه الموافق 3 مايو 2024 تفاعلا مع كلمات للأستاذ الدكتور سعيد شوقي .
كان قدكتبها ونشرها على صفحته في اليوم نفسه :
“لقد حاصرتني تساؤلات حادة جادة عدة أمام هذه الكلمات للأستاذ الدكتور أ.د سعيد شوقي :
“إذا كان الحاضر لا يهتم بما تكتب ..
وهو كذلك ..
فاكتب إلى المستقبل .. فهناك مَنْ ينتظر كتابتك ..
لا شك في هذا . ”

السيدات و السادة : تساؤلاتي جميعها يعلمها عالمُ خائنة الأعين وما تخفي الصدور!
اسمح لي عزيزي الحكيم أ.د سعيد شوقي بهذا الدعاء لرب العالمين:
اللهم إنا نسألك ألا تحرم ثقافتنا والمثقفين ، والكتابة والكتاب ، والإبداع والمبدعين ، والحق والخير والجمال والفنون من
ثروت عكاشة في كل حين ..
إنك على كل شئ قدير..
آمين!”

بعدما نشرت هذه الكلمات ، جاءتني تعليقات عديدة من الأصدقاء من المبدعين وكذلك من المتذوقين للأدب ومحبي الثقافة ، ومن الأستاذ الدكتور سعيد شوقي نفسه الذي استشعر – فيما يبدو – أن الأرض لا تزال صالحة للزراعة ، ولا زالت الشمس تشرق ..
التعليقات كان أغلبها يقول” آمين”!
وللأمانة أثبت هنا بعضا منها . فهذا تعليق للصديق الأستاذ أحمد الرياش:
“أصبت يادكتور كبد الحقيقة ، فمازلنا ننهل بكتابات المنفلوطي وطه حسين والعقاد وكثير ممن تصدوا للكتابة ، فالمعرفة كنز ..تهذب النفوس ، وتترك مسحة من الوقار على الإنسان .وياريت جريدة الجمهورية تعاود نشر كتاب في جريدة وكانت سُنة حسنة . ”

أيضاً قد أرسلت الكاتبة الروائية و القاصة الدكتورة عطيات أبو العنين تعليقاً موجزاً دالا يقول :
” نعم ..نكتب للمستقبل و لقارئ وحيد ، يقدر معنى الحرف” .
وقد انفعل بتحضر الصديق الأستاذ محمد بيومي فكتب معلقاً:
“طبعا كلمة زميلنا د. سعيد شوقي كلمة مؤثرة وفي محلها فقد جاءت كترياق لسم زعاف ، هو اليأس من حالة الركود الفكري والثقافي الماثل لكل ذي عينين . أما هذا الدعاء الذي رفعه د. هشام محفوظ إلى عنان السماء فلا نؤثر به د. ثروت عكاشة وحده – برغم قامته الثقافية الفارعة – ولكن ثمة أسماء أخرى كثيرة تستحق مثل هذا الدعاء وأكثر…
القائمة تطول إذا ما عددنا الأسماء .. عموما … ربنا ينفعنا بما خلفوه لنا من كنوز..تحياتي.”
القارئ الكريم ، أتوجه إليك وإلى القارئ في المستقبل..
لقد تأكد لنا أن عشاق الأمل الثقافي والإبداعي لا يزالون في الوادي يشمرون عن سواعد الإبداع والتميز والفكر المستنير ، لديهم من الصبر جبال بسعة الصدر وطول البال..
إذ طالعتنا الأهرام العريقة بهذا الحوار يوم الأحد ٥ مايو 2024 و عنوانه : رئيس نادى القصة في جمهورية مصر العربية الكاتب محمد السيد عيد متعه الله بالصحة :
النادى فى طريقه لاستعادة أمجاده التاريخية وتقديم جوائز للمبدعين
للتأكيد الحوار منشور يوم الأحد الموافق 26 من شوال 1445 هــ الموافق 5 مايو 2024، السنة 148 العدد 50189
حوار د. عماد عبدالراضى

وأود استئذان جريدة الأهرام العريقة وكذلك الكاتب د.عماد عبد الراضي الذي أجرى الحوار مع الأستاذ محمد السيد عيد حفظهما الله في إعادة نشره هنا لأهميته و قراءة قدر من رجع الأصداء بشأنه :

“نادى القصة هو أحد الصروح الثقافية التاريخية فى مصر، تأسس عام 1953 على يد نخبة من رواد فن القصة وأعلامها، وعلى رأسهم إحسان عبد القدوس ويوسف السباعي، ومعهما د. طه حسين وتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ ومحمود تيمور وعبد الحميد جودة السحار وفريد أبو حديد ومحمد عبد الحليم عبد الله وثروت أباظة وبنت الشاطئ وغيرهم.

وحمل راية رئاسة النادى على مدى تاريخه نخبة من كبار المبدعين، حتى تولى الكاتب والسيناريست محمد السيد عيد رئاسة الاتحاد، الذى حمل على عاتقه مهمة إعادة النادى إلى مساره الصحيح، وفور توليه المهمة بدأ عملية إحياء النادي، التى تكللت بإطلاق عدة مسابقات مهمة، وقبلها حل مشكلة مقر النادى بالانتقال إلى مقر جديد فى وسط البلد، ووصف ذلك بأنه الخطوة الأولى فى طريق استعادة النادى أمجاده التاريخية.

وعن ذلك كان معه هذا الحوار.

أطلق نادى القصة أخيرًا عدة مسابقات

الخطوة الأولى لانطلاق هذه المسابقات هو حماس وزيرة الثقافة د. نيفين الكيلاني، التى وافقت على منح النادى 35 ألف جنيه من صندوق التنمية الثقافية لتمويل جائزة تليق باسم النادي، ثم كانت الخطوة الثانية بالاتصال ببعض الأصدقاء، مثل الأستاذ محمد سلماوى ود. محمد الباز وطلبت منهما تمويل مسابقات العام المقبل، فاستجابا فورًا ووافقا على تمويلها على نفقتهما الشخصية.

ونجحنا فى إطلاق عدة مسابقات وهي: مسابقة طه حسين للرواية المطبوعة بالتعاون مع صندوق التنمية الثقافية، وقيمتها 30 ألف جنيه توزع على مركزين الأول والثاني، ويحصل المركز الأول على 20 ألف جنيه، والثانى 10 آلاف جنيه، وتمنح الجائزة لأفضل الروايات المنشورة التى صدرت خلال أعوام 2022 و2023 و2024. مسابقة توفيق الحكيم للرواية المخطوطة لغير أعضاء النادي، وتبلغ قيمة جوائزها 12 ألف جنيه، توزع على 3 فائزين، بحيث يحصل الفائز بالمركز الأول على 5 آلاف جنيه، والثانى يحصل على 4 آلاف جنيه، والثالث يحصل على 3 آلاف جنيه. مسابقة القصة القصيرة المخطوطة، وقيمة جوائزها 10 آلاف جنيه، توزع على 3 متسابقين، يحصل الأول على 5 آلاف جنيه، والثانى على 3 آلاف جنيه، والثالث على 1000 جنيه

توليت رئاسة نادى القصة فى أصعب فتراته.. فما الصعوبات التى واجهتها؟ وكيف تصديت لها؟

الإخوة أعضاء مجلس الإدارة طلبوا منى بإلحاح أن أقدم نفسى رئيسًا للمجلس، وقبلت المهمة وأنا أعرف الوضع الصعب، وجدت أن النادى طُرد من مقره التاريخي، وأصبح موجودًا فى حارة فى آخر شارع فيصل لا يمكن الوصول إليها، وهى عبارة عن مخزن لتخزين الأثاث الذى جلس عليه فى يوم من الأيام طه حسين وتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ وعبد الرحمن الشرقاوى ويوسف إدريس وغيرهم من العمالقة، كما كان النشاط مجمدًا، حتى الأعضاء لم يعودوا يذهبون إلى النادي، ولم تكن توجد ميزانية.

كيف تغلبتم على أزمة المقر؟

كانت الخطوة الأولى بالفعل هى تغيير المكان، فانتقلنا إلى مكان فى ميدان لاظوغلي، فى مكان يسهل الوصول إليه، كما أنه مناسب لتنظيم الأنشطة وحفلات التوقيع، وقد حصلنا على المكان بنظام الإيجار الجديد.

قلت مرارًا إن وزيرة الثقافة د. نيفين الكيلانى ساندت النادى فى أزماته، فكيف كان ذلك؟

أشكر وزيرة الثقافة على دعم النادى لحل أزماته، وبدأ الأمر بحل مشكلة التمويل، فقد قابلت د. نيفين الكيلاني، ووافقت الوزيرة على دعمنا بشكل جيد جدًا، وشرفتنا بالحضور فى حفل افتتاح المقر الجديد والاحتفال بـ70 سنة على إنشاء النادي. فتبنت الوزيرة فكرة إنشاء مسابقة للرواية ومسابقة للقصة القصيرة.

وماذا عن إصدارات وأنشطة النادي؟

نصدر حاليًا مجلة «القصة» بالتعاون مع الهيئة العامة للكتاب بشكل فصلى ويرأس تحريرها فؤاد مرسي، كما نصدر «الكتاب الفضي» وهى السلسلة التاريخية للنادي، ويرأس تحريرها الآن د. السيد نجم.

بالإضافة إلى ذلك فقد استأنفنا أنشطة النادى التى كانت تنظم يوم الاثنين من كل أسبوع.

ما أسباب إعادة فتح باب عضوية المنتسبين؟

العضويات تضاءلت فى الفترة الماضية، ولم يكن الأعضاء يسددون الاشتراكات، ولكن العضويات زادت فى الفترة الأخيرة بشكل ملحوظ، كما بدأنا فى فتح فروع فى الأقاليم، فهناك فرعان، فرع الإسكندرية أُنشئ وتولى رئاسته أحمد فضل شبلول، والفرع الثانى فى القليوبية ويتولى إنشاءه الكاتب فؤاد مرسي”
بعد نشر الحوار وردت تعليقات كثيرة و كان رد كاتبنا الكبير الأستاذ محمد السيد عيد: لنتفاءل. القادم أفضل إن شاءالله . فهو من الشخصيات العملية ، يفضل العمل أكثر من أن يتكلم .
من هذه التعليقات أيضا تلك الكلمات للكاتب الكبير الأستاذ محمد سلماوي الرئيس السابق لاتحاد كتاب مصر والعرب :
“حوار ممتاز نرجو أن يدفع الجماعة الثقافية للدعم المنتظر والمساندة الواجبة.”
وأبدى أيضاً الكاتب الروائي والقاص والمخرج الإذاعي الأستاذ رضا سليمان تفاؤله في رسالته .

وفي تعليق الأستاذ ناصر الحوفي (هو يقول إنه كاتب هاو)على الحوار وكلمات الأستاذ محمد السيد عيد : “يجب ابتكار مصادر تمويل للنادى يا محمد بيه ..هناك الكثير من المبدعين المغمورين يريدون تقديم أعمالهم لتقييمها ، وفى مقابل ذلك يمكن أن يقدموا رسوما ، فيمكن تكوين لجنة لقراءة النصوص الجديدة .
يمكن أيضا عقد حلقات درس لتعليم البناء الفنى للقصة والرواية فى مقابل تسديد رسوم .
وأيضا ورش لكتابة السيناريو والحوار
هناك الكثير من الأفكار لدعم النادى”
وقد رد الكاتب الكبير الأستاذ محمد السيد عيد على تلك المقترحات من الأستاذ ناصر الحوفى بقوله: “سيتم كل هذا ان شاءالله” .

إنني متفائل مع الكاتب الكبير الأستاذ محمد السيد عيد ومتأكد من أن تفاعل قيمة وقامة ثقافية كبيرة مثل الكاتب الكبير الأستاذ محمد سلماوي مع ما ورد في الحوار لدليل على إدراك حجم ونوعية التحديات في مصر وعالمنا العربي والعالم كله . هي تحديات كثيرة ، و يتوجب إحاطة الجماهير وعيا بها ، وفهما و إدراكا لها ، بأسلوب إبداعي جذاب ، لتقوية الوعي الجمعي ، ودعم الجبهة الداخلية للمجتمع لتكون قادرة على التصدي لأية مواجهات أو تحديات أو محاولات لتفتيت الوعي الجمعي .
فبالنظر إلى صور النجاح الحقيقي لأي مجتمع من المجتمعات ؛ فإننا نجد فيه تأثيرا خلاقا للثقافة على المجتمع ..
نعم ، الثقافة تقدم دورًا خلاقا وفاعلا في تطور المجتمع وقيادته نحو الأفضل .
الثقافة المبدعة تحرك الوعي البناء للبناء بقيم إنسانية ، وصدق الانتماء الذي يظل متجذرا وقويا مع مرور الزمن، حتى وإن تغير نمط الحياة ، فذلك يحمي قيم المجتمع . تحت تأثير الفعل الثقافي يدرك المجتمع جيداً حجم و قيمة ما يتم إنجازه، فيسند ويدعم صناع إنجازاته .
الثقافة البناءة هي تلك المدعومة بمبدعين وكُتاب وفنانين و إعلاميين وعلماء يستطيعون تنمية الأفكار لدى أفراد المجتمع فتنمو لديهم مهارات الإبداع في كل مجال من مجالات الحياة حتى في السياسة .
أجل ، فالسياسي المثقف بثقافته يسهل عليه – جداً – التعامل مع المتغيرات المعقدة في السلوك والمعتقدات والتوجهات في المجتمع الإنساني، و يدرك الآخر أهمية أن يكون مجتمعنا شريكاً مهما يسهم في تشكيلها، بفضل استيعاب حجم ونوعية التغييرات الثقافية والتحديات الاقتصادية والسياسية في العالم.
العالم يُقدر المجتمع الذي فيه مثقفون ومفكرون وكتاب مبدعون ، حتى وإن اختلفوا فيما بينهم ، فهو ذلك الاختلاف النوراني الإنساني المتحضر الذي يمنح قيما و خيالاً و أحلاماً وأفكارا تقود المجتمعات – بكل إنسانية وتحضر – للتطور والتكيف مع التحولات في هذا العالم المتغير المترع بالتحديات .
فهل ترون معي أنه قد آن الأوان أن نعد التفكير في الثقافة فريضة إنسانية ؟!

د.هشام محفوظ

د.هشام محفوظ

كاتب وناقد وشاعر _ وإعلامي وإذاعي مصري _ عضو اتحاد كتاب مصر _ نائب رئيس شبكة البرنامج العام _ وكبير مذيعي إذاعة البرنامج العام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى