كُتاب الرأي

أفكارنا تتكئ على عكازين

محمد الفريدي

أفكارنا تتكئ على عكازين

في كل ركن مقهى، وفي كل مجموعة واتساب “ثقافية”، هناك دائما صوتٌ عال، متعال، يحفظ أسماء الفلاسفة أكثر مما يحفظ من أسماء أقاربه وجيرانه، ويقتبس من كتب نيتشه أكثر مما يقتبس من تفاصيل يومه وحياته، أو من وجوه الناس، وصمت الشوارع، وهموم العابرين.

هذا “المثقف الفاشل” ظاهرة مأساوية متكررة في بلادنا؛ لا تعوزه المعرفة، بل يعوزه الفعل.

يتقن فن التنظير، ويُبدع في الخطابة، ويقتات على حضور الندوات والمحاضرات، لكنه أول من يخذل الكلمة حين تستدعيه المواقف، وأول من يصمت حين يتطلب الأمر الجهر بالحق، وأول من يبرّر حين يُفترض أن يحتج.

هو لا يُجيد الإشارة إلى جراحنا حتى من بعيد، ولا يمدّ يده لضمادها، ويكتب عن القيم ويسهب في تمجيدها، ويخشى غضب الكبار ويتغنّى بالمبادئ، لكنه أوّل من يفرّ منها حين تهتزّ الأرض تحت قدميه؛ لأنه لم يؤمن بها يوما، بل استغلها سلّما لصعوده، ثم رماها عندما وصل لقمة مجده وجبروته.

لا ينقصه الوعي، بل تنقصه الشجاعة؛ ولا تنقصه الأدوات، بل تنقصه الإرادة، ويبقى، مهما فعل، صدى باهت لأصوات أكبر منه، يدور في فلك المصالح، ويظل شاهدا من شهود الزور إلى أن يموت في زمن لا يحتاج فيه إلى شهادات زور.

يملك القدرة على شرح نظرية العقد الاجتماعي لجان جاك روسو، لكنه يعجز عن التعايش مع رأي مختلف داخل عائلته، ويتحدث عن سقراط كما لو كان صديقا شخصيا له، ثم يهاجم كل نقاش لا يدور حوله.

يعرف تفاصيل حياة كارل ماركس، لكنه لا يعرف كيف يعيش يوما واحدا دون التذمر من “الناس” و”الزمان”، وكأنّ الحياة التي يفاخر بدراستها لم تعلمه درسا واحدا في الصبر والصدق والتحمّل.

لا يقرأ بحثا عن فهم، بل يقرأ طلبا لوهج تافه يسلّط الضوء عليه، ولا يتعلّم ليغيّر من حوله، بل ليمثّل دور العبقري المتفوّق عليهم، ويعرض معلومات بلا معنى، ويستعرض أفكارا لا تلامس قلبه، ولا تنعكس على سلوكه، وضجيجه يغطي فراغه، وحضوره مثل غيابه، وكلماته باردة، كأنها تُقال في الشتاء من خلف زجاج بارد.

هذا النموذج يستهلك الفكر كما تُستهلك الوجبات السريعة: بلا مضغ، ولا هضم، ولا أثر يُغذّي العقل أو يُغيّر الواقع، ويرتدي الكلمات الكبيرة كما يرتدي بعضنا بدلات فارهة على أجساد خاوية: مظهرٌ مُبهر، ومضمونٌ هشّ، لا يُقنع طفلا، ولا يلامس حقيقة.

لا يُقاس أي مثقف بمدى اطلاعه، بل بمدى نزوله من برجه العاجي إلى أرض الواقع؛ فالمعرفة التي لا تُترجم إلى تفاعل ومواقف، تظل عبئا ثقافيا لا يُنضج عقلا ولا يُوقظ ضميرا، وإذا لم يُثمر علمه أثرا نافعا، فخيرٌ له أن يصمت، أو — على الأقل — أن يُقلّل من رفع صوته، فالعقول التي لا تتصل بالناس، ولا تنبض بهمومهم، تبقى في نهاية الأمر مجرد صدى بعيد، لا يسمعه أحد سواها.

لا نبالغ حين نقول إن هذا النموذج يقرأ كثيرا، ويحفظ أسماء المفكرين والمنظرين، ويستهلك الكتب، لكنّه يعجز عن تحويل كل ذلك إلى موقف حقيقي أو أثر ملموس على أرض الواقع، فيبقى حبيس الكتب واللغة، لا شريكا في التأثير، ولا رائدا في صناعة الابتكار والتجديد.

يتحدث بسلاسة عن تفكيكية دريدا، وهو عاجز عن تفكيك مشاكله العائلية، وينشر يوميا عن الديمقراطية، ويتغنّى بالحريات كأنها عقيدته، لكنه في بيته وعمله ديكتاتور صغير؛ لا يطيق رأيا مخالفا، ولا يحتمل نقاشا في أسرته ومحيطه.

هذا النمط من المثقفين لا يعيش ليُغيّر من حوله، بل ليُبهر الآخرين، ولو كان ذلك على حساب الحقيقة والقيم التي يتشدق بها؛ فهو يُتقن التنظير أمام الجمهور، ويفشل في أبسط اختبار أخلاقي حين لا يجد من يصفّق له، أو حين يُترك وحيدا بلا جمهور.

لا يكتب ليدفع الناس إلى التفكير والدفاع عن حقوقهم، بل ليصفّق له من يُفتنون بالتلاعب اللغوي العقيم، من الذين يراهنون على الإبهار لا على الفهم، وعلى التصفيق لا على الصدق، وعلى الوهج السريع لا على الأثر العميق.

إن المثقف الفاشل، رغم اطلاعه، لا يترك خلفه إلا فقاعات من الكلام: لا مبادرات، ولا مشاريع، ولا يد ممدودة للجميع، وإنجازاته تنتهي عند حدود منشور على منصة “إكس”، أو مداخلة صوتية في إحدى القنوات؛ بلا أثر، كصوت يختفي في زحمة الضوضاء، لا يُذكر، ولا يترك خلفه سوى صدى يضيع في أودية النسيان، ومجده مصنوع من وهم، ووجوده لا يتجاوز ضوضاء العناوين البراقة.

يتحدث كثيرا عن التطوير، لكنه لا يُبدّل ترتيب كتبه على الرف، ولا يخطو أي خطوة فعلية تُثبت صدق حديثه، ولا يُحرّك ساكنا في حياته وأفكاره، كمن يزرع في الهواء وينتظر الحصاد، ويرفع شعارات لا يعرف معناها، ويرتجف من فكرة الاختلاف، ويدّعي الدفاع عن الوطن وهو غارق في استعراض الأنا.

ينظّر علينا عن نهضة الأمة، وهو عاجز عن إصلاح لمبة الأباجورة في غرفة نومه، ويطالب بتمكين الناس من التفكير والكلام دون قيود، ويرفض أن يتحدث بلغة بسيطة يفهمها الجميع.

كل عباراته ملفوفة بالادعاء والغموض والرمزية والتعقيد المتعمّد، وكأنه يعاقبنا نحن فقط لأننا نحاول فهم ما يقول، ولا يكتب ليُوصل فكرته، بل ليخفي جهله خلف متاهة من الكلمات.

الثقافة ليست بما تحفظه من عبارات، بل بما تضيفه لمجتمعك، فأن تكون مثقفا لا يعني أن تتحدث كثيرا، بل أن تصنع أثرا يُحس، ويُبقي ما تقول حيا بالفعل.

كم فكرة حولتها إلى مبادرة؟

وكم جاهلا واجهته بالحقيقة؟

كم مرة نزلت من برجك العاجي إلى الشارع، ومددت يدك لطفل، أو عامل بسيط، أو عابر سبيل؟

كم مرة تحملت مسؤولية إصلاح أفكار من حولك بدلا من انشغالك بالشكليات؟

وكم مرة تجرأت على قول الحقيقة، رغم أنها قد تغضب من حولك؟

الثقافة الحقيقية  فعل، لا كلمات تلهينا عن العمل، والمثقف الحقيقي هو من يترك أثرا في حياتنا، لا من يُشغلنا بالكلام الفارغ.

أن تفهم هيغل ليس إنجازا إذا كنت لا تفهم نفسك ومجتمعك، وأن تحفظ كتابا عن ظهر قلب لا يُعد فخرا إذا كنت لا تعرف كيف تحمي إنسانا وتصون مجتمعا من الظلم.

لا نحتاج مزيدا من المثقفين الذين يُتقنون التنظير عن العدالة، وهم غارقون في الوهم، ويعيشون على هامش الحياة، ويظنون أنهم يُحسنون صنعا.

نحن بحاجة إلى من يغوص بقدميه في الشوارع الموحلة، لا إلى من يجف قلمه على منصات توقيع الكتب والنصوص الباردة.

كفانا مثقفين يتحدثون أمام الناس كأنهم آلهة، فالفكر الحقيقي ليس قناعا نتزيّن به، بل مسؤولية نحملها أينما كنا، وإن لم نترجمه إلى أفعال، فهو مجرد ثرثرة.

لقد آن الأوان، وبكل وضوح، أن نكفّ عن تمجيد هذه النماذج المزيفة من “النخب المثقفة” التي لا تغادر شاشة الجوال، ولا تحرّك ساكنا في واقعنا؛ فمثقف “اللا أثر” عالة فكرية على المجتمع، يشوّش على العقول بدل أن ينير الطريق أمامها، ومهما ارتقى في الظاهر، يظلّ وهما ينتشر في كل مكان بلا جدوى؛ لا يُحدث أثرا، بل يزيد من ضبابية الأفكار ويعطّل حركة التقدم.

فالمثقف الحقيقي ليس من يقتات على تعقيدات اللغة، ولا من يتكئ على الماضي ليهرب من الحاضر، بل هو من يُنتج فكرة جديدة، ويُشجّع على التفكير، ويقود الناس نحو أفق أرحب، حيث تكون الحرية مسؤولية، والكلمة موقفا شجاعا، لا مجرد وسيلة للتباهي أو المجاملة.

ليست الثقافة أن يتحدث المرء بكلام منمّق في المجالس الخاصة أو صالونات النخب، بل أن يترجم أفكاره إلى مواقف حقيقية في الأزمات، ولحظات الضغط، والأوقات الحرجة؛ فالثقافة لا تُقاس بكمية الكلام، بل بقدرتنا على اتخاذ موقف نزيه وشجاع حين يكون الثمن غاليا ومكلفا، ففي زمن تتبدل فيه القيم وتتلاشى المواقف، تظل شجاعتنا وصدقنا هما وحدهما من يصنعان ثقافتنا ويشكلان وجه المستقبل.

فإمّا أن تكون مثقفا يُحدث أثرا، أو فلتصمت وتترك الساحة لمن يصنعون الأثر؛ فزمن المجاملات قد انتهى، ولم نعد بحاجة إلى من يصفّق للتفاهات، بل إلى من يضع الحقيقة على طاولة التشريح ولو كانت مُرّة، ويقف في وجه العواصف وحده دون أن ينحني.

فلتكن قناعاتنا ومعتقداتنا جسرا لا حجرا، وأفعالنا شموعا تُضيء دروب الآخرين، لا دخانا يحجب الرؤية، وإن كانت كلماتنا لا تصنع أثرا، فليس لنا مكانٌ في سماء التقدم ولا في صفحات التاريخ.

لسنا بحاجة إلى مزيد من الملتقيات الثقافية، ولا إلى منصات توقيع كتب لا تُقرأ؛ بل نحن بحاجة ماسّة إلى إعادة تعريف المثقف، وتحديد دوره الحقيقي في توعية المجتمع وتوجيهه.

نحن بحاجة إلى مثقف يخلع رداء التقديس الأعمى لذاته، ويتحرر من لعنة التصفيق التي ابتُلينا بها، يقف مع الناس لا ضدهم، يُوقظهم من غفلتهم، ويصنع نقلة نوعية لا يُصفَّق لها، بل تُتبع بصمت.

مثقف لا يخشى فقدان موقعه، ولا يساوم على مصداقيته ونزاهته من أجل الظهور في الصفوف الأمامية أو من أجل استضافة تلفزيونية جوفاء، لا تضيف لنا شيئا، بل تُفرغ الكلمة من معناها الحقيقي، وتحول الفكر إلى سلعة استهلاكية باهتة يُصفّق لها المصفقون وينساها العقلاء.

يجب أن نكفّ عن تلميع الفارغين، ومكافأة المتسلقين، وأن نمنح المساحة الكافية لمن يمتلكون فكرا حرا، لا مجرد شهادات عليا يتباهون بها؛ فالبلاد لا تحتاج إلى مزيد من الفلاسفة الكسالى، ولا إلى مثقفين يشبهون – من كثرتهم – لوحات المقاهي في شوارع مُزيّنة أنيقة؛ تُبهر العيون ولا تُطعم الجياع.

نحن بحاجة لمن يقف مع البسطاء، ويتحدث بلغتهم، ويكتب من أجلهم، فالكتابة لا تكون عظيمة إلا حين تخرج من الأيدي المُغمّسة بعرق العمل، لا من مكاتبٍ مغلقة لا تسمع أنين الشوارع ولا صيحات الناس، ولن يكون المثقف مثقفا حتى يكفّ عن التنظير، ويبدأ في التأمل والإصغاء.

وليخرس كل من اكتفى بالتنظير ولم يحرّك ساكنا، وليتنحَّ جانبا كل من استسهل دور المراقب ورفض خوض المعارك الحقيقة على أرض الواقع، في زمن لا يرحم الكسالى، ولا يُخلّد المتفرجين، فالمجد لمن يوسّخ يديه بالطين، لا لمن يلمّع صورته بالكلمات، ولمن ينزل إلى الناس، لا لمن يتقوقع في غرفته يدوّن حكما لا يطبّقها على نفسه، ولا يطبّقها الناس، وفكرٌ لا يترك أثرا بين الناس ولا يوعيهم، جثةٌ هامدة معلقة على الأرفف؛ لا يغير واقعا، ولا يبقي في صدر الوطن سوى أسراب من الكلمات.

كاتب رأي

محمد الفريدي

رئيس التحرير

‫4 تعليقات

  1. ففي زمن تتبدل فيه القيم وتتلاشى المواقف، تظل شجاعتنا وصدقنا هما وحدهما من يصنعان ثقافتنا ويشكلان وجه المستقبل.

    يا لجمال هذه الكلمات التي ثقبت وجه الواقع، وأنارت عين المجتمع على هذه الظاهرة التي تكاد تكون موضة ثقافية رائجة أكثر من كونها مسؤولية وسلاحاً يحمي ويرفع أمة بثراء مكنونات عقولهم.
    ولا أبالغ إذا قلت إن الفكر أثمن ما قد يمتلكه الإنسان، وهو ما يصنع منه شخصيته وواقعه، ويؤثر على من حوله، لا بالصوت العالي، بل بعمق الفكرة ونُبل الغاية.

    فالمثقف الحقيقي ليس من يسكن الحروف، بل من تسكنه الحقيقة، وتُقلقه العدالة، وتهزّه معاناة الناس، ويشعر أن صمته خيانة إذا كان في الكلام حقٌ يُقال.
    إننا نحتاج إلى من يزرع الفكرة كما تُزرع شجرة: بصبر، وصدق، ورغبة حقيقية في الثمر، لا لمجرد الظل المؤقت أو التصفيق العابر.

    فكم من مثقف حقيقي لا يملك سوى قلمه، لكنه يهزّ بأفكاره ضمائر نائمة، ويُوقظ وعياً كان غائباً، وكم من متصدر للمشهد لا يملك إلا صخباً بلا أثر، وضوءاً بلا دفء، ومعلومة بلا حكمة.

    هذا المقال ليس مجرد رأي مكتوب، بل صفعة فكرية توقظ كل من ظنّ أن الثقافة زينة، لا أمانة، وأن الكلمات كافية دون مواقف، وأن الادّعاء يغني عن الاتساق الداخلي.

    شكراً لهذا المقال الذي لا يُقرأ فقط، بل يُحسّ ويُهزُّ له القلب والعقل معاً.
    وشكراً لكل قلمٍ يشعل شمعة في زمن العتمة، ويُعيد تعريف «المثقف» كصوت نابع من الحياة، لا كظل خاوٍ على جدار وهمٍ طويل.
    شكراً لقلمك المميز على هذا الطرح الجميل.

    1. الأستاذة الفاضلة بهجة أحمد،
      تحية تقدير وامتنان لقلمكِ النبيل وروحكِ الراقية، قرأتُ ردكِ الثري، الذي لم يكن مجرد تعليق، بل كان نصا متكاملا يحمل من الوعي والصدق والعمق ما يعجز الحرف عن شكره.
      لقد منحتِ مقالي حياة جديدة، وأعدتِ صياغة فكرته في ضوء مختلف، أكثر إشراقا، وأكثر أثرا.

      كلماتكِ التي وصفتِ بها المثقف الحقيقي، سيدتي، لم تكن سوى مرآة لما تحملينه أنتِ من حسّ عال بالمسؤولية ووعي بقيمة الكلمة.
      فلا غرابة أن تكتبي بهذا النبل، وأنتِ من خبرتِ الحياة، وعركتكِ التجارب في أروقة الأدب والواقع معا.

      أنا من يجب أن يشكركِ، لا فقط، سيدتي، على هذا الرد المضيء، بل على إيمانكِ بأن الثقافة التزامٌ أصيل، لا مجرّد ترفٍ فكري، وعلى حضوركِ الذي يشبه ضوء الحقيقة حين يمرّ في زمن الضجيج والعتمة.

      لكِ من القلب كل التقدير، ومن العقل كل الاحترام، ومن الحبر ما يشبه عطركِ المميز في اللغة.
      أخوك
      محمد الفريدي

  2. ابداع متواصل ابا سلطان عقد فريد من كلمات ذهبيه وذات عمق ومدلول علي جيد الحقيقه التي ينشدها الجميع سلمت وسلم هذا النبض الطاهر ينهل من سمو الفكر الراقي شكرا ابا سلطان

    1. أستاذي الكبير أبو وعد حفظكم الله ورفع قدركم، ردّكم النبيل تاجٌ على حروف مقالي، وكلماتكم العذبة شهادة أعتز بها من قامة سامقة مثلكم.
      ما كتبته ليس إلا بعضا مما تعلمناه منكم، ومما سُقي به وعينا من فكر النبلاء أمثالكم.

      تقديركم وسامٌ على صدري، ونبضكم الطاهر شرفٌ أتباهى به، فلكم من القلب، سيدي، شكرٌ لا يفيه الحرف، ومن الروح دعاءٌ يليق بمقامكم الرفيع.
      تلميذكم
      أبو سلطان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى