كُتاب الرأي

أختر نفسك

أختر نفسك

من أهتدي فأنما يهتدي 

لنفسه 

ومن جاهد فأنما يجاهد 

لنفسه 

ومن يشكر فأنما يشكر 

لنفسه

ومن يتزكى فأنما يتزكى

لنفسه

لنفسك: مبادئ الإسلام الأساسية وثمار اختياراتك

في القرآن الكريم، نجد مبادئ عميقة ترشد الإنسان إلى حقيقة أعماله ونتائجها، مؤكدة أن كل ما يقوم به المرء إنما يعود نفعه أو ضرره إلى نفسه. هذه المبادئ، التي تتجلى في آيات صريحة، تدعو الإنسان إلى التفكر في اختياراته، لأنها هي التي تشكل مصيره في الدنيا والآخرة. دعونا نستعرض هذه المبادئ الأربعة: الهداية، الجهاد، التزكية، والشكر، وكيف أنها جميعاً تدور حول النفس البشرية ومسؤوليتها.

الهداية: طريقك إلى ذاتك

قال الله تعالى في سورة الإسراء: *”مَنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ”* (الإسراء: 15). الهداية هي النور الذي يضيء درب الإنسان، لكنها ليست ملكاً لأحد سواه. عندما يختار المرء طريق الحق والصواب، فإن ثمرة هذا الاختيار تعود إليه بالسعادة والطمأنينة في الدنيا، والفلاح في الآخرة. الهداية ليست هدية تُمنح، بل هي قرار واعٍ يتخذه الفرد لنفسه، فيسعى إلى الحق بقلبه وعقله.

الجهاد: كفاحك لأجلك

يقول الله سبحانه في سورة العنكبوت: *”وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ”* (العنكبوت: 6). الجهاد، سواء كان جهاد النفس أو جهاد التحديات الخارجية، هو عبارة عن كفاح شخصي. كل جهد تبذله لمقاومة الشر، أو لتحسين ذاتك، أو لنصرة الحق، هو استثمار في نفسك. الجهاد ليس لأجل إرضاء الآخرين، بل هو طريقك لتحقيق رضا الله، وبالتالي تحقيق السكينة والنجاح لنفسك.

التزكية: تنقية روحك

في سورة فاطر، يقول الحق سبحانه: *”مَن يَتَزَكَّى وَيَتَطَهَّرْ، فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ”* (فاطر: 18). التزكية هي عملية تنقية النفس من الشوائب، سواء كانت ذنوباً أو رذائل أو أفكاراً سلبية. عندما يسعى الإنسان إلى تحسين أخلاقه، ويحرص على طهارة قلبه وروحه، فإنه يبني جسراً إلى السعادة الحقيقية. هذه العملية ليست لإثبات شيء للآخرين، بل هي رحلة داخلية لتطهير النفس وتقويتها أمام الله.

الشكر: امتنانك لنفسك

وأخيراً، يقول الله تعالى في سورة لقمان: *”وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ”* (لقمان: 12). الشكر هو موقف قلبي يعكس إدراك الإنسان لنعم الله عليه. عندما يشكر المرء، فإنه يزرع في نفسه الرضا والقناعة، ويفتح أبواب المزيد من النعم. الشكر ليس واجباً تجاه الآخرين، بل هو نعمة تعود بالخير على النفس، فتجعلها أكثر انفتاحاً على الحياة وأكثر قرباً إلى الله.

النتيجة: أنت واختياراتك

كل هذه المبادئ تشير إلى حقيقة واحدة: أن أعمالك وجهودك واختياراتك تعود إليك في النهاية. سواء اخترت الهداية، أو الجهاد، أو التزكية، أو الشكر، فإن الثمرة دائماً ستكون لنفسك. كل قرار تتخذه بوعي يشكل جزءاً من مسيرتك، وكل جهد تبذله في سبيل الله هو استثمار في سعادتك وفلاحك.

لذلك، كن لنفسك كل شيء. اختر طريقك بحكمة، واعمل بإخلاص، لأنك أنت من سيحصد ثمار كل خطوة. الأعمال الصالحة ليست عبئاً، بل هي هدايا تقدمها لنفسك، فتزرع بها جنة قلبك في الدنيا، وتضمن بها رضوان الله في الآخرة. فاختر بوعي، وعش ثمرة اختياراتك.

منال أحمد الخريصي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى