كُتاب الرأي

مكافأة نهاية الخدمة (لعبة الورق)

مكافأة نهاية الخدمة 

(لعبة الورق)

……..

الغيرة الصحيّة أن تُنافس الطرف الآخر وتتفوق عليه لا أن تحاربه..!

طرقتُ باب الفصل وفتحتهُ مُلقيّة على أبنائي الصغار السلام ، تفاجأت بوجود حلقة كبيرة من الطلاب بمقدمة الفصل تحت السبورة وفي أيديهم لعبة الورق وبالعاميّة الدارجة -الباصرة- وأمامهم بعض من الورق الذي تم به اللعب..

سألتُ بتعجب : ماذا تفعلون..؟!

هل كانت لديكم حصة فارغة قبل ذلك..؟!

وقف زياد وعلى ملامحه التذلل والاستعطاف قائلاً : أستاذة دعينا نُكمل اللعبة ، ثم نبدأ الدرس..

قلتُ له بحزم : زياد لم تجبني على سؤالي..؟!

قال لي وهو يعبث بيديه في الورق : لم تكن الحصة السابقة فارغة ، بل انهت المعلمة الدرس بسرعة وتركتنا نلعب..

قلتُ له: من أحضر هذه اللعبة..؟

قال : هي لعبة أحضرها محمد وأردنا اللعب بها ونريد أن نكملها..

قفز عبدالله من مكانه قائلاً بحماس: أستاذة محمد يعلمنا اللعبة ، هل تلعبي معنا..؟

ضحكتُ بصوت عالي وقلتُ لهُ: إنني خبيرة بهذه اللعبة ، ألعبها منذُ صُغري ..

قال صاحب اللعبة محمد مبتهجاً : علمينا يا أستاذة طريقة لعبها ، 

قلت لهم : إذاً ازيحوا لي مكان بينكم لأجلس معكم ..

جلستُ معهم على الأرض وتركتُ إلقاء الدرس الأساسي لأشرح لعبة الورق ، قلتُ لهم : الباصرة اسم لعبة لها أنظمة وقوانين محددة ، يتم أولاً اختيار أحد اللاعبين لتوزيعالأوراق ثم يقوم بتوزيع أربعة أوراق لكل لاعب من اللاعبين ، بعد ذلك يقوم الموزعبوضع أربع ورقات مكشوفة على أرض اللعب ، يبدأ اللعب من الشخص الذي وزعت لهالأوراق أولاً ، ويجب على اللاعب اللعب بورقة واحدة ، عندما يأتي دور اللعب للاعبفإنه يبحث أولًا في الأوراق التي معه في مجموعته على ورقة تكسب الأوراق التي علىالأرض ، أوراق عليها نفس رقم ورقة على الأرض فإنه يأخذها معها ويكسبها في خانةالرصيد

وإليكم هذه الملاحظة: إذا لم يجد ورقة رقمها أو حرفها نفس الذي على الأرض فإنهينزل أحد أوراقهُ على الأرض دون كسبها مع الرصيد

قاطعني إياد بأسى و ملامح الزعل قائلاً : أستاذة لم أفهم..!

قلت له وأنا أُربّت على كتفهُ ، ستفهم إذا بدأنا اللعب ، دعني أُكمل شرح اللعبة..

قال وهو يهز رأسهُ : حسناً .

قلت لهم عند نفاذ الورق من أحد اللاعبين يخرج من اللعبة ويكمل باقي اللاعبيناللعب ، إذا نفذ الورق من جميع اللاعبين تنتهى اللعبة ويبدأ اللاعبون في عدّ رصيدهممن الأوراق لمعرفة الفائز الذي حصل على أكبر عدد من الأوراق..

تململ الأطفال وقالوا : أستاذة إنها صعبة جداً ..

قلت لهم ؛ بالممارسة وكثرة اللعب بإمكانكم تعلّم طريقة لعبها بسهولة ، هيا نبدأ اللعب..

ألتفتُ صوب محمد بقوة قائلة لهُ : محمد ، وزّع الورق..

قال بانفعال : حاضر يا أستاذة..

اندمجنا باللعب ، وكنتُ منهمكة في شرح الخطوات لهم والطلبة حولي يترقبون المشهد بكل هدوء ، حيث كانت المرة الوحيدة التي يهدأ بها الطلبة ويُنصتون بهذا الشكل المُهيب ، خُيّل لي لوهلة من الزمن كأنني ببطولة المملكة للعبة الورق ، الفرق الوحيد بيني وبين الثنائي (بدر وماجد أبو حيمد وسعود وحسين العنزي) أنهم يلعبون -البلوت- بالبطولة وكان مكسبهم من اللعب نصف مليون للثنائي الأول وربع مليون للثنائي الثاني ، وأنا مع صغاري ألعب -الباصرة- ولم أجني أي شيء من شرحي لطريقة اللعبة ، ولعبي معهم سوى..!؟

ولم يستوقفني ويعيدني لأرض الواقع سوى جرس الحصة الذي أفزعني ، كان وقعه على روحي كالذي صُفع بقوة بدون أن ينتبه لصفعة التنبيه..

قلتُ في نفسي : ياويلي ذهب الدرس أدراج الرياح وطارت الحصة بجناحيها.. 

……

الكاتبة:أحلام أحمد بكري

أحلام أحمد بكري

كاتبة رأي وقاصة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى