كُتاب الرأي

من ترك شيئًا يحبه لأجل الله عوّضه الله

من ترك شيئًا يحبه لأجل الله عوّضه الله
…………

في مسيرة الإنسان على هذه الأرض، تمر به مواقف وتحديات تتطلب منه أن يختار: بين ما تهواه نفسه، وما يرضي ربه. وقد يكون هذا الشيء الذي يحبه مشروعًا في ذاته، لكنه يصبح عائقا أو فتنة إن شغل عن الطاعة أو أبعد عن القرب من الله. وهنا، يظهر صدق الإيمان، وتُختبر القلوب.
“من ترك شيئًا لله، عوضه الله خيرًا منه” – قاعدة عظيمة، تجري مجرى السنن الإلهية في هذا الكون، أثبتتها التجارب، وصدقها الواقع، وباركها الوحي. فالله عز وجل لا يضيع من أخلص له، ولا يخذل من قدم محبته وطاعته على شهوات النفس وأهوائها .

ولكن ماهو معنى الترك لأجل الله هنا ؟

ليس الترك لأجل الله مجرد حرمان أو خسارة، بل هو ارتقاء واختبار. فالعبد حين يقدم رضا الله على متعه الآنية، فإنه يعلن ولاءه الحقيقي، ويظهر صدقه في المحبة. سواء كان ما يُترك مالًا، أو منصبا ، أو عادة محببة ، أو .. أو … ، فإن التضحية بها في سبيل الله لا تذهب هدرًا.
والله عز وجل، في وعده الحق، يقول:
﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ [الطلاق: 2-3] ففي هذه الآية بشرى لكل من خاف الله وابتغى مرضاته، بأنه لن يُترك وحيدًا، بل سيُعوض من حيث لا يتوقع.

وصور التعويض كثيرة جدا ،

فالتعويض من الله لا يقتصر على المادة، بل هو أشمل وأعمق. قد يُعوضك الله راحة في القلب، وطمأنينة في النفس، وحسن ختام، وصحبة صالحة، وبركة في العمر .
كم من تاجر رفض الربا والمال الحرام ، فعوّضه الله ببركة في رزقه وأمان في عيشه ! والأمثلة كثيرة .
ولعل من أعظم صور التعويض، أن يعوضك الله بقربه، وأن يفتح لك أبواب الهداية والتوفيق، وأن يجعلك ممن قال فيهم: “إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة”.

وخلاصة القول هي :

أن الترك لأجل الله ليس خسارة ، بل تجارة رابحة مع من لا تنفد خزائنه. فكلما تركت شيئا من أجله ، جهّز لك ما هو أعظم ، وأكرم ، وأنقى .
فلا تظن أن دمعة تذرفها وأنت تودع ما تحب لأجله تضيع ، بل هي مسجلة في سجل من أحسنوا العمل .
فليكن شعارنا في الحياة:
“ما عند الله خير وأبقى”،
ولنثق أن الله إذا أخذ، أعطى، وإذا منع، عوّض، وإذا ابتلاك، اختارك .

…………..

ابتسام عبدالعزيز الجبرين

 

 

ابتسام عبدالعزيز الجبرين

نائبة رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى