نادي القصة

زومبي الأدب

زومبي الأدب

يستيقظ بعد منتصف الليل.
يمشي بخطوات متثاقلة،
يتعثر بظلّه، لا يشعر بالجوع، ولا يبحث عن ماء.
عيناه نصف مغلقتين… لكنه لا يخطئ الطريق.
يفتح الحاسوب…
ويبدأ بالتهام الحروف.
لا تقلق، هذه ليست بداية فيلم رعب.
هذا كاتب… أُصيب بعدوى الكتابة.
لعلك لمحته من قبل؟
ذاهل بنصف وعيه!
يحمل دفترًا صغيرًا يكتب فيه أشياء لا يفهمها إلا هو.
يبتسم فجأة وسط الزحام، لأنه تذكّر جملةً نادرة تشبهه.
تقول له “صباح الخير”،
فيرد وهو يحدق في الأفق:
“إذا مرَّ يومٌ ولم أتذكر به أن أقول: صباحك سكر”
ثم يبتسم بدهاء.
يكتب جملة عبقرية ثم يحذفها،
لأنه تذكّر أن شكسبير قال شيئًا مشابهًا قبل ٤٠٠ سنة.
يمسح نصًا كاملًا لأنه “ما وصل للمعنى المطلوب”
ثم يجلس ثلاث ساعات يتأمل زر الحذف… بندم عاطفي.
هو لا يشاهد الفيلم…
هو يوقف المشهد، و يعيد اللقطة،
ليكرر سماع الجملة ويحفظها ويحلل وزنها الموسيقي.
ثم يقول: “يا ليتني أنا اللي كتبت هالسطور”.
في المقهى، يطلب قهوته من النادل وكأنه يسرد فصلًا من رواية:
“كابتشينو يشبه بدايات الربيع المُبهجة، رجاءً”.
يفتح اللابتوب بكل ثقة،
يجلس ساعة كاملة يكتب عنوانًا.
ثم يُغلقه…
لأن “العنوان استنفد طاقته الإبداعية”.
هو لا يعيش الحياة… بل يُفككها.
يقرأ الوجوه، ويحلل الحوارات،
ويقف عند كلمة “تشويق” على غلاف بسكويت!
يتأملها وكأنها باب رواية سري.
لا يهمه الطعم… المهم الشعور البلاغي.
يكتب ملاحظات في هاتفه مثل:
“الساعة ٣:١٦ فجرًا – صوت مكيّف الغرفة يشبه تنهيدة أرملة”.
ثم ينسى هو بنفسه لماذا كتبها.
لا يشك أحد في كونه طبيعيًا،
لكنه في داخله، نصف شخص… ونصف نصّ.
في عالمه، المناديل تصلح لإلهام قصة
والنوافذ تفتح أفكارًا أكثر من الهواء.
الوقت عنده ليس بالساعات، بل بعدد الجمل المكتملة.
فإن رأيت كاتبًا يحدّق في الملعقة!
أو يبتسم للجدار، لا تندهش.
ربما يعيش الآن داخل قصة… لم تُكتب بعد.
كل لحظة قد تتحول إلى مشهد،
وكل جملة عابرة قد تصبح بداية فصل.
واحذر…إن جلست معه طويلًا،
قد تُصاب بعدوى الكتابة أنت أيضًا.
وتبدأ تكتب في تويتر:
“الحنين ليس شعورًا… إنه نصّ ضاع من ملف المسودات”.

بقلم: بهجه أحمد

بهجه أحمد

كاتبة رأي وشاعرة

‫6 تعليقات

  1. النص اللي ماودك ينتهي من جماله ،، كلمات وحروف مليئة بالمشاعر نظمتها مشاعرك الرقيقه التي لامست احاسيسنا ,, ابدعتي ياصديقتي 🥹 فخورة جدا بك فأنتي رائعه

  2. النص اللي ماودك ينتهي وانت تقرأ ،، حوار وكلمات تدخل القلب من جمالها وتناسقها والشعور الذي تحمله
    ابدعتي يا صديقتي 🥹 استمري فأنتي رائعه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى