كُتاب الرأي

على عتبة الوطن.. تُصافح الكشافة وجوه الحجيج بنور الخدمة

بقلم /موضي عودة العمراني

على عتبة الوطن.. تُصافح الكشافة وجوه الحجيج بنور الخدمة

في كل عام، ومع قُدوم حُجاج بيت الله الحرام من كل فجٍ عميق، ترتسم على ثرى المملكة لوحاتٌ من العطاء المتجدد، وتفيض القلوب شوقًا إلى خدمة ضيوف الرحمن. وهناك، على تخوم الشمال الغربي من أرض الوطن، وتحديدًا في منفذ حالة عمار، تنتصب هامات الكشافة، فتغدو الأيادي امتدادًا لرسالة وطن، والقلوب تنبض بحبٍ لا يكلّ ولا يملّ.

تتقدم الكشافة الصفوف في استقبال الحجاج، لا بصفتهم أفرادًا فقط، بل سفراء لقيم هذا الوطن، حاملي رايات الخدمة، وناشري السكينة. فمنذ لحظة عبور الحاج حدود الوطن، يجد أمامه وجوهًا باسمة، وألسنة هاشّة بالترحيب، وأياديَ تقدم الماء بارداً في حرّ الطريق، وتفتح القلوب قبل الأبواب. فلا تنحصر مهمتهم في التنظيم أو التوجيه، بل تتسع رسالتهم لتكون بلسمًا للتعب، ورفيقًا في الغربة، ومرشدًا في الزحام. يوزّعون ابتساماتهم كما يوزّعون كتيّبات الإرشاد، ويزرعون الطمأنينة كما يوزّعون عبوات الماء البارد.

لقد خضع الكشافة المشاركون لتدريبات دقيقة، واكتسبوا مهارات التعامل مع الحشود، وأتقنوا فنون التوجيه بلغات متعددة، ليكونوا على أهبة الاستعداد لخدمة الحاج، مهما اختلف لونه أو لغته أو ثقافته. فهنا تتجلى عالمية الرسالة، وإنسانية الهدف، حيث تذوب الفوارق، ويبقى الإنسان ضيفًا على أرض الحرمين، تُخدمه السواعد الكشفيّة بصدقٍ وأمانة.

في هذا المشهد العظيم، تتداخل الجهود بين الكشافة وقطاعات الدولة الأمنية، والصحية، والإدارية، لتنسج خيوط التكامل. فتجد الكشاف بجوار الطبيب، وإلى جانب رجل الجوازات، يحمل ذات الهمّ، ويؤدي ذات الرسالة: حج آمن وميسّر، يليق بضيوف الرحمن، ويشرف به وطن العطاء.

ما يفعله الكشافة في حالة عمار لا يُعدّ مجرد عمل تطوعي، بل عبادة في هيئة خدمة، وقربى في صورة ابتسامة، فهم لا يكتفون بأداء المهام، بل يسكبون فيها من أرواحهم ما يحيل العمل إلى متعة، والجهد إلى فخر.

هكذا يكتب الكشافة السعوديون فصلًا جديدًا من فصول العزّ في حج 1446هـ، ينطلق من الحدود ليصل إلى أعماق القلوب. وما منفذ حالة عمار إلا شاهد على وطنٍ جعل من خدمة الحاج شرفًا، ومن العطاء نهجًا، ومن شبابه سفراء خير ومشاعل نور. فطوبى لتلك السواعد التي لبّت نداء الواجب، ورفعت راية الكرامة، وخطّت بمداد الوفاء قصة وطن، يُحب الله، ويخدم ضيوفه.

كاتبة رأي

 

موضي العمراني

كاتبة رأي وإعلاميّة وشاعرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى