في سديم القديم

بشير الصاعدي
في سديم القديم
سئمتُ من التعقل أدركيني
وصبّي من جنونك في جنوني
أعيديني إلى عبثي فإني
إليه يكاد يقتلني حنيني
أنا خطأ ضعي خطين تحتي
بإشفاق المعلم صححيني
يحاصرني الثناء على سلوكي
وإطراء القبيلة يحتويني
وكم أثنى الرجال على هدوئي
وما هو غير حمق يعتريني
نعم أنعم به قد سيجتني
تعبت من المدائح فاشتميني
أقلب في سماء الجهل طرفي
وما أدركتُ فيما حدّثوني
من المسوؤل عن تكبيل فكري
ليأتي مولدي في أربعيني
أنا من أين جنت سألتُ أمي
وفي العشرين أهلي خبّروني
تحدّق في عيون القوم عيني
ولا أدري شمالي من يميني
أعيديني كما لو كنتُ طفلاً
وردّي إلىّ ما نهبت سنيني
أتيت إلى الحياة وما أتتني
كأني أكلة لا تشتهيني
فعمرٌ فرَّ منّي ليس عمري
وشيبي حيلة فلتنقذيني
تعبتُ وراء هذا الوهم ركضاً
فمرّي كاليقين على ظنوني
تقوقع في حنايا الصدر قلبي
تعالي أخرجيه وأخرجيني
أحبك حين كان الحب وهماً
فكيف إذا وضعتك في يقيني
ترامت في شتات البوح روحي
على أمل لها أن تسمعيني
فما زالت أنامل ذكرياتي
بتحنانٍ تمر على جبيني
غفتْ في مهجع الأهام عيني
فيا فجر الحقيقة أيقظيني
ساهلك دونها إن لم أنلها
والا تهلك الأحلام دوني
أديب وشاعر سعودي