✔️ المُثَقَّفُ السُّعُودِيُّ بَيْنَ المُبَادَرَاتِ الرَّسْمِيَّةِ وَتَحَدِّيَاتِ الهُوِيَّةِ المُؤَسَّسِيَّةِ

بقلم / د. عبدالإله محمد جدع
✔️ المُثَقَّفُ السُّعُودِيُّ بَيْنَ المُبَادَرَاتِ الرَّسْمِيَّةِ وَتَحَدِّيَاتِ الهُوِيَّةِ المُؤَسَّسِيَّةِ
حينَ نتحدَّثُ عن الثَّقافةِ، فنحنُ نُشيرُ إلى مُجْمَلِ القِيَمِ والمَعَارِفِ والفُنونِ والتَّقالِيدِ الَّتي تُشَكِّلُ وَعْيَ المُجْتَمَعِ وتُعَبِّرُ عن هُوِيَّتِهِ. والمُثَقَّفُ هو الشَّخصُ الَّذي يَمْتَلِكُ وعيًا نَقْديًّا تُجاهَ مُجْتَمَعِهِ، ويُسْهِمُ في بِنَاءِ المَعْرِفَةِ وتَوْجِيهِ الرَّأيِ من خلالِ الكَلِمَةِ أو الفَنِّ أو الفِكْرِ.
من هذا المُنْطَلَقِ، تَبْرُزُ أهمِّيَّةُ الحَدِيثِ عن “المُثَقَّفِ السُّعُودِيِّ والهُوِيَّةِ المُؤَسَّسِيَّةِ”، كقَضِيَّةٍ تَتَعَلَّقُ بِدَوْرِ هذا الفَاعِلِ الحَيَوِيِّ في صِيَاغَةِ الوَعْيِ العَامِّ، ومُشَارَكَتِهِ في التَّحَوُّلَاتِ التَّنْمَوِيَّةِ والثَّقَافِيَّةِ الَّتي تَشْهَدُهَا المَمْلَكَةُ ضِمْنَ رُؤْيَةِ 2030.
ورغمَ أنَّ بَعْضَ الأصْوَاتِ تَنَاوَلَتْ هذا المَوْضُوعَ في مُنَاسَبَاتٍ مُتَفَرِّقَةٍ، إلَّا أنَّ الحَاجَةَ اليَوْمَ باتَتْ مُلِحَّةً لإعَادَةِ فَتْحِهِ بمَنْظُورٍ أَكْثَرَ تَنْظِيمًا، يُوَاكِبُ المُتَغَيِّرَاتِ ويُعِيدُ الِاعْتِبَارَ لِلدَّوْرِ المُؤَسَّسِيِّ للمُثَقَّفِ في المُجْتَمَعِ السُّعُودِيِّ.
✔️ الإعلام… خُطْوَةٌ نَحْوَ الِاحْتِرَاف
من المُنْصِفِ الإشَارَةُ إلى الخُطْوَةِ الإيجَابِيَّةِ الَّتي اتَّخَذَتْهَا وِزَارَةُ الإعْلَامِ، حِينَ سَهَّلَتْ إجْرَاءَاتِ اعْتِمَادِ الصَّحَفِيِّينَ والإعْلَامِيِّينَ ومَنَحَتْهُمْ بَطَاقَاتٍ تَعْرِيفِيَّةً تُوَثِّقُ مِهْنِيَّتَهُمْ. تُمَثِّلُ هذه الخُطْوَةُ نَقْلَةً نَوْعِيَّةً نَحْوَ مَزِيدٍ من التَّنْظِيمِ والِاحْتِرَافِيَّةِ في المَجَالِ الإعْلَامِيِّ، وتَسْتَحِقُّ الإشَادَةَ، إذْ أَسْهَمَتْ في تَعْزِيزِ صُورَةِ الإعْلَامِيِّ داخلَ المُجْتَمَعِ، ورُبَّمَا تُمَهِّدُ الطَّرِيقَ لِنَمُوذَجٍ مُشَابِهٍ في المَجَالِ الثَّقَافِيِّ.
✔️ الثَّقَافَةُ… مُبَادَرَاتٌ حَرَّكَتِ المَشْهَدَ
لا يُمْكِنُ إغْفَالُ الجُهُودِ الَّتي تَبْذُلُهَا وِزَارَةُ الثَّقَافَةِ، والَّتي أَطْلَقَتْ عِدَّةَ مُبَادَرَاتٍ نَوْعِيَّةٍ أَعَادَتِ الحَيَوِيَّةَ لِلمَشْهَدِ الثَّقَافِيِّ، ومِن أَبْرَزِهَا:
✴️ مُبَادَرَةُ “الشَّرِيكِ الأَدَبِيِّ” (مارس 2021): والَّتِي هَدَفَتْ إلى تَعْزِيزِ تَفَاعُلِ المُجْتَمَعِ مع الأَدَبِ، وكَسْرِ حَاجِزِ النُّخْبَوِيَّةِ، من خِلالِ شَرَاكَاتٍ مع المَقَاهِي الثَّقَافِيَّةِ ومَرَاكِزِ الإِبْدَاعِ.
✴️ دَعْمُ إِنْشَاءِ الجَمْعِيَّاتِ الأَدَبِيَّةِ والمِهَنِيَّةِ: وهو تَوَجُّهٌ مُهِمٌّ يُسَاهِمُ في إِيجَادِ رَوَافِدَ مُؤَسَّسِيَّةٍ تُعْنَى بِالمُثَقَّفِينَ، وتُسَاعِدُ على خَلْقِ كِيَانَاتٍ تَمْثِيلِيَّةٍ فَاعِلَةٍ ومُسْتَقِلَّةٍ.
ورغمَ هذه الجُهُودِ، لا يَزَالُ المُثَقَّفُ بِحَاجَةٍ إلى حُضُورٍ مُؤَسَّسِيٍّ وَاضِحٍ يُعَبِّرُ عن هُوِيَّتِهِ وَدَوْرِهِ داخِلَ هذه المَنْظُومَةِ.
✔️ المُثَقَّفُ… الحَاجَةُ إلى تَعْرِيفٍ ومَكَانَةٍ
في الوَقْتِ الَّذِي يَمْلِكُ فِيهِ الإِعْلَامِيُّ والمُهَنْدِسُ والطَّبِيبُ والرِّيَاضِيُّ بَطَاقَاتٍ وهَيَاكِلَ تَنْظِيمِيَّةً وَاضِحَةً، يَظَلُّ المُثَقَّفُ – كالأَدِيبِ؛ الروائي، أو الشَّاعِرِ أو المُفَكِّرِ – في مَوْقِعٍ غَائِمٍ من حَيْثُ التَّعْرِيفِ المُؤَسَّسِيِّ.
✔️ مُقْتَرَحَاتٌ لِتَعْزِيزِ مَكَانَةِ المُثَقَّفِ
لِتَحْقِيقِ تَكَامُلٍ مُؤَسَّسِيٍّ يُجَسِّدُ قِيمَةَ المُثَقَّفِ السُّعُودِيِّ، يُمْكِنُ النَّظَرُ في جُمْلَةٍ من المُبَادَرَاتِ، مِن بَيْنِهَا:
✳️ إصْدَارُ بَطَاقَاتٍ تَعْرِيفِيَّةٍ لِلمُثَقَّفِينَ: تُمنَحُ لِلمُبْدِعِينَ الَّذِينَ لَدَيْهِم إِصْدَارَاتٌ مُعْتَمَدَةٌ، وتُعَرِّفُ بِهِم فِي الفَعَالِيَّاتِ والمُؤْتَمَرَاتِ داخِلَ وخَارِجَ المَمْلَكَةِ.
✳️ تَفْعِيلُ التَّوَاصُلِ المُؤَسَّسِيِّ مع المُثَقَّفِينَ: مِن خِلالِ جِهَاتٍ تَنْظِيمِيَّةٍ تُنَسِّقُ الحِوَارَ وتَسْتَمِعُ لِآرَائِهِم وتُشْرِكُهُمْ في صُنْعِ القَرَارِ الثَّقَافِيِّ.
✳️ دَعْمُ مِثْلَّثِ النَّشْرِ (المُؤَلِّف – النَّاشِر – المُوَزِّع): عبرَ تَمْكِينِ الشَّرَاكَاتِ وتَقْدِيمِ الدَّعْمِ اللُّوجِسْتِيِّ والمَالِيِّ، وتسْرِيعِ التَّحَوُّلِ إلى النَّشْرِ الرَّقْمِيِّ، بِمَا في ذلك رَقْمَنَةُ الكُتُبِ وتَحْوِيلُهَا إلى نُسَخٍ إِلِكْتْرُونِيَّةٍ.
✔️ خَاتِمَةٌ
إنَّ بِنَاءَ هُوِيَّةٍ مُؤَسَّسِيَّةٍ وَاضِحَةٍ لِلمُثَقَّفِ السُّعُودِيِّ، لم يَعُدْ تَرَفًا تَنْظِيمِيًّا، بَل ضَرُورَةً وَطَنِيَّةً تُوَاكِبُ تَطَلُّعَاتِ رُؤْيَةِ 2030، وتُعَزِّزُ من مَكَانَةِ الثَّقَافَةِ كَأَدَاةٍ اسْتِرَاتِيجِيَّةٍ لِلتَّنْمِيَةِ والتَّنْوِيرِ. فَالمُثَقَّفُ لَيْسَ مُجَرَّدَ مُنْتِجٍ لِلنُّصُوصِ، بَل شَرِيكٌ في تَشْكِيلِ القِيَمِ، وتَوْجِيهِ الوَعْيِ، والمُسَاهَمَةِ في بِنَاءِ المُسْتَقْبَلِ.
كاتب رأي وشاعر