خواطر

أينما انبتك الله أزهر

رحمه حمد

أينما انبتك الله أزهر

 

“خبأتُ أمنياتي في الهواء، فتنفّستُه.

هرب بعضها، وسقط في الماء، فشربته.

وأخرى سقطت في النار، فأطفأتها.

أخذتُ رماد أمنياتي ودفنته في التراب، سقيته، ودفّأته،

فأنبتها لتُزهِر وتنشر عطرها في الكون كله.

أعجبتْ تلك الزهور مارًّا في الشارع، فقطف زهرةً منها وأهداها لحبيبته.

رآها رسّام، فجلس متأمّلًا، ورسمها في لوحةٍ بديعة، وزيّن بها غرفته

مرّت بها فتاة جميلة، فقطفت زهرةً، مزّقت أوراقها ورقةً تلو الأخرى، وهي تردّد – بسذاجة: يحبّني، لا يحبّني.

وفي الغد، مرّت بها قطة، جلست فوقها هربًا من الحر، فكسرت ساق إحداها.

وقبل المغرب، اجتثّت عجوزٌ أربعًا منها، ورمتها بحجّة أنها كثيرة.

وفي اليوم التالي، قرّرت بلدية المدينة أن تضع مكان الزهرات عدّاد كهرباء.

أدركتُ أننا في عالم الفناء: أنا، وأزهاري، وأمنياتي… لكنّ أثرنا في النفوس له بقاء.

وفي عتمة الليل، زرعتُ أمنياتٍ جديدة في زوايا المدينة.

وما إن تنفّس الصباح، حتى أزهرت أمنياتي من جديد… فهي وإن ماتت أو فنيت، فأنا ما زلتُ حيًّا، لأنشر غيرها.”

 

كاتبة رأي

رحمه حمد

كاتبة رأي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى