كُتاب الرأي
سياسة الفاشلين

الدكتورة حسناء الشهري
سياسة الفاشلين
يواجه الإنسان في بيئة عمله الكثير من التحديات، من تراكم الأشغال، إلى كثرة المهام والمسؤوليات، وقد يشكل عامل ضيق الوقت المعضلة الكبرى، ويحد من إنجاز كل هذا!
فيعود الموظف إلى منزله مثقلًا بأعباء (قد تكون أغلبها نفسية) ويكون أمام خيارين: إما أن يفرغ طاقته السلبية هذه في منزله بالنقد والشكوى، أو أن يتخذ وضعية (اعمل نفسك ميت) فيقضي نصف وقته نائمًا أو ملتزمًا الصمت. ويبحث خلال ذلك في حلول، ظنًا منه بافتقاره لبعض المهارات مثل: (ترتيب الأولويات)، و(إدارة الوقت بكفاءة)، و(تعلم قول لا)؛ بينما ليست هذه المشكلة الحقيقية!
هذا كله يهون إذا كان الموظف محاطًا بأناس جيدين يساعدون ويدعمون، فكثير من أماكن العمل تُشحن بالعداوات والتحزبات والشللية؛ لتسرب هذا الشعور السيء لنفوس بعضهم، ألا وهو (الحسد الوظيفي)، فعندما يبدأ الموظف بدايته يكون كصفحة بيضاء، لا يكدرها أي شيء، ولا أحد يعرف عنه أي شيء، حتى يبدأ المجتمع الوظيفي بالتعرف عليه، ويالسوء حظه لو كان صاحب إنجازات سابقة أو لاحقة! أو بدأ تأثيره الإيجابي يظهر فيمن حوله، فهنا تبدأ القصة..
تتشكل مجموعة من المحاربين السريين له دون علمه (ودون علمهم أنفسهم)، فيكرسون جهدهم ووقتهم في تصيد أخطائه وتسليط الضوء على ثغراته، وتخريب مخططاته، ولو كان هذا الشخص ملاكًا طاهرًا، لايحمل الغل لأحد، ولا يحب المناوشات والمجادلات، يعامل الجميع بحب وعطاء، ستجد له أعداء؛ ليس لشيء سوى لتميزه، وخوفهم من أن يؤدي ذلك إلى الانتباه إلى تقصيرهم؛ فيبدأ الواحد منهم عوضًا عن العمل على نفسه لتطويرها، والبحث عن سبل التحسين، بوضع المخططات لهدم كل شعور جميل لهذا المسكين! ولو استغلّ هذه القدرات التي منحه الله في وضع الخطط لنفسه لكان أجدى وأجدر.
ومع ذلك فـ(لشمس لاتُغطى بغربال)، سيظهر كل جميل يفعله ولو كره الكارهون!
وختامًا لا بد أن نوقن أنه من مسلّمات الحياة الوظيفية، ومن قناعات المجتمع التي لا حياد عنها، ولا ينكرها إلا جاهل، أن (الحسد الوظيفي سياسة الفاشلين)؛ فلأي الحزبين تنتمي عزيزي القارئ: العاملين المنجزين المخلصين، أم الفاشلين الحاسدين المُغرضين؟