العلم… كرة الثلج التي لا تتوقف

سويعد الصبحي
العلم… كرة الثلج التي لا تتوقف
في البدء لا تكون إلا فكرةً صغيرة تهمس بها الحياة في أذن قلبك.
مجرد تساؤل عابر أو نظرة حالمة نحو المجهول فتولد كرة صغيرة من الثلج بالكاد تُرى فوق قمة الجبل.
لكن حين تدفعها إرادتك الأولى تبدأ بالتدحرج ويبدأ الكون يمدها بحبات من الحكمة قطرات من الفهم ونسمات من نور الفكرة.
هكذا هو العلم:كلما سرت في دروبه ازدادت معارفك تراكمًا حتى تصير ثقافتك مثل جبل من الثلج راسخًا متسعًا مشعًا بالبياض والنقاء.
قال العالم إسحاق نيوتن يومًا:
(ما أنا إلا صبي صغير على شاطئ محيط واسع يلهوبجمع الحصى الناعمة بينما العالم الواسع منالحقيقة يمتد أمامي مجهولًا.)
فأي تواضع أروع من تواضع العالم؟
إن أعظم العقول تدرك أن التعلم لا نهاية له وأن العلم ككرة الثلج: يبدأ صغيرًا لكنه يتضخم كلما تدحرج في وديان المعرفة.
القراءة إذن ليست ترفًا يليق بأوقات الفراغ بل هي أشبه بزخات الثلج التي تنهمر تشكل كل ذرةٍ من كرتك العظيمة.
والمعرفة ليست خزينة مغلقة بل نهر جارٍ كل من غمس يده فيه ازداد عذبًا ونقاءً.
وحين تعتاد القراءة وحين تتجرأ على طرح الأسئلة الكبرى وحين تعانق الكتب كما تعانق الثلوج قمم الجبال تدرك أن الثقافة لا حدود لها وأن العقل حين يضيء بالعلم يبدد ظلمات الجهل أينما سار.
قال جاليلو جاليلي ذات يوم:
(لا يمكنك تعليم إنسان أي شيء:يمكنك فقط أنتساعده على اكتشاف ذلك في نفسه.)
وهذا هو جوهر التعلم الحقيقي: أن يتدحرج في داخلك مثل كرة ثلج كلما تحركت خطوة نحو الحقيقة جذبك نحو خطوات أخرى أعمق وأبعد.
وفي النهاية يظل العلم هو النور الذي لا يخبو والميراث الذي لا يفنى والقوة الهادئة التي تصنع أممًا وترفع حضارات.
فدع كرة علمك تتدحرج ولا تخف من حجم الطريق أو طول المسافة.
كل حرف تقرأه كل فكرة تتبناها كل معرفة تغرسها في قلبك هي خطوة إضافية نحو العظمة.
سر إذن بلا توقف حتى تغدو أنت بنفسك كرة من نور… تتدحرج عبر الزمن ملهمة لكل من يراك.
كاتب رأي و إعلامي