معلا السلمي
كن اليوم خير من أن لاتكون
تلوح لنا لحظات نادرة من الوعي الكامل تلك اللحظات التي ندرك فيها أن الحياة ليست مجرد يوم طويل نمضي فيه بل هي مجموعة من الفرص التي لا تتكرر وأيام تمثل أقرب فرصة للنجاح للتغيير ولصناعة الأثر الذي نريد أن يتركه وجودنا في هذا العالم.
كن اليوم خير من أن لا تكون هذه العبارة قد تبدو بسيطة لكنها تحمل في طياتها عمقًا قد تغير مسار حياتنا لو أننا تفاعلنا معها بجدية. في كثير من الأحيان نعيش في انتظار المستقبل نعتقد أن الفرصة الأفضل ستأتي غدًا وأن التغيير الأكبر سيحدث في وقت لاحق. لكن الحقيقة هي أن الغد ليس مضمونا وأن اللحظة الوحيدة التي نملكها هي اللحظة التي نعيشها الآن.
الإنسان بطبعه مائل إلى المماطلة والتسويف يعيش في حلقة من الانتظار المؤجل. لكنه حينما يبدأ في تقدير قيمة كل لحظة ويشعر بحجم التحديات التي تنتظره إذا ضيع وقته يدرك أن أفضل وقت للعمل هو الآن. لا يوجد وقت مثالي للانطلاق ولا يكتمل الطريق إلا بخطوات تبدأ من اليوم.
إن القول كن اليوم خير من أن لا تكون يتجاوز كونه مجرد دعوة للعمل والإنجاز. إنه دعوة للإيمان بالقيمة التي يمكن أن تحملها حتى أبسط أفعالنا اليومية. فالتغيير ليس دائمًا في المشاريع الكبرى أو الإنجازات الفائقة، بل في الطريقة التي نعيش بها يومنا. يمكن أن تكون كلمة طيبة ابتسامة صادقة أو حتى لحظة تأمل بسيطة خيرًا عظيمًا لهذا اليوم.
أحيانًا تكون الأمور البسيطة هي التي تترك أثراً كبيراً في حياة الآخرين وكثيراً ما تفتح لنا أبواباً لم تكن لنفتحها إذا انتظرنا الفرص الكبيرة. نحن بحاجة إلى تغيير طريقة تفكيرنا إلى أن نعيش اليوم كاملاً بكل ما فيه من إمكانيات دون التأجيل أو التسويف.
قد يكون التحدي الأكبر هو الاعتراف بأن اليوم هو ما نملك وأن ما سنحققه فيه هو ما يعكس قيمتنا ووجودنا. لا أحد يستطيع ضمان المستقبل لكننا جميعًا نستطيع أن نجعل من اليوم أفضل مما كان عليه بالأمس. أن نكون اليوم أكثر إنتاجية وأكثر حبًا وأكثر صدقًا وأكثر قدرة على مواجهة تحدياتنا.
إن هذه العبارة تدعونا لاحتضان الحاضر بكل ما فيه من إمكانيات. فهي ليست دعوة للبقاء في مكاننا بل لدفع أنفسنا للانطلاق والمضي قدماً رغم الصعاب رغم المخاوف ورغم الشكوك. لأن اليوم هو الفرصة الوحيدة التي نملكها لنكون أفضل لنغير حياتنا ولنصنع فارقًا في عالمنا.
فلتكن اليوم خير من أن لا تكون، ولتجعل كل لحظة تمر بك فرصة للنمو للتغيير وللتأثير الإيجابي. قد تكون هذه اللحظة هي نقطة التحول التي تبحث عنها فلا تتركها تذهب سدى.
كاتب رأي واعلامي
