ما يُداوي قلبًا… قد يُتعب آخر

سويعد الصبحي
ما يُداوي قلبًا… قد يُتعب آخر
في عالمٍ تتقاطع فيه العواطف والعقول وتتشابك فيه التجارب والاختلافات يبقى من الضروري أن نتذكّر حقيقة بسيطة لكنها بالغة الأثر:
أنّ البشر ليسوا نسخًا متطابقة وما ينفع أحدهم قد يضر غيره.
ففي حياتنا اليومية كم مرة قدّمنا نصيحة بنية حسنة لكنها فُهمت على نحوٍ مختلف؟
وكم مرة لجأنا إلى أسلوبٍ رأيناه علاجًا لأنفسنا فكان سببًا في ألمٍ لغيرنا؟
ذلك لأن الناس يختلفون في دواخلهم وتكوينهم النفسي وتقديرهم للأشياء.
منذ أن خلق الله الإنسان جعله فريدًا في ذاته مميزًا في طبيعته.
فلا تطابق في المشاعر ولا تكرار في طرق التفكير ولا ثبات في ردود الأفعال.
•فالصمت الذي يُريح إنسانًا قد يُؤلم آخر.
•والعزلة التي تُنعش روحًا قد تُثقل صدرًا آخر بالوحدة.
•وحتى الكلمات ذاتها قد تُفرح قلبًا وتُوجع غيره.
هذا التباين لا يُعدّ نقصًا أو ضعفًا بل هو من تمام الحكمة الإلهية التي جعلت من البشر ألوانًا وأطيافًا تتكامل لا تتشابه.
الكثيرون يقعون في خطأ قياس الناس على أنفسهم فيظنون أن ما ارتاحوا له سيُريح غيرهم وأن ما ناسب قلوبهم سيناسب الجميع.
وهنا تبدأ الأحكام القاسية والتوقعات غير المنصفة والنصائح التي تُلقى دون وعي باختلاف الظروف والخلفيات.
إن إدراك اختلاف الناس لا يعني التخلي عن النصح أو التوجيه لكنه يعني تقديمه بلطف وبتفهم وبتقدير لاختلاف التلقي والاستجابة.
في ظلّ هذا الفهم فإننا مدعوون جميعًا – كأفراد ومربين ومجتمعات – إلى ترسيخ ثقافة الرحمة في الحكم والتأني في التقييم والانفتاح في الفهم.
دعونا نُعلّم أبناءنا وطلابنا أن الناس ليسوا سواء وأنه لا توجد وصفة واحدة للسعادة ولا طريق واحدة للنجاة.
وأن الحكمة ليست في فرض التجربة بل في احترام التجارب.
خاتمة:
ليتنا ندرك أنّ الاختلاف لا يُفترض أن يُفسد الودّ ولا أن يُشعل الخلاف.
بل هو دعوة للتفهّم وفرصة للتكميل ومنبع للتسامح.
وختامًا
تذكّر دائمًا:
ما يُداوي قلبك لا تُقسم أنه يُداوي غيرك فقد يكون فيه وجعه.