مقهى حبر.. منصة ثقافية نابضة في قلب المدينة المنورة

مقهى حبر.. أيقونة ثقافية نابضة في المدينة المنورة تجمع بين الإبداع والمجتمع وتعيد تعريف دور المقاهي كمنارات للوعي والفن والثقافة
المدينة المنورة – محمد الفريدي
في زيارتي الأولى إلى “مقهى حبر” بالمدينة المنورة، برفقة الدكتور سويعد الصبحي، لحضور أمسية شعرية للمبدعة خنساء المدينة الشاعرة منى البدراني، لم أكن أتوقع حجم الإنجاز والإبداع والتميّز الذي رأيته ماثلا أمامي في كل ركن من أركان هذا الفضاء الثقافي الفريد.
فقد هالني ما يقوم به القائمون عليه من برامج نوعية، وإمكانيات احترافية، ومبادرات مجتمعية مبهرة، تؤكد أن “حبر” ليس مجرد مقهى، بل هو منصة حيوية نابضة بالثقافة والفكر والفن.
وجدت “حبر” بصراحة عنوانا للابتكار الثقافي الحقيقي، و مشروع ينطلق من رؤية واضحة وراسخة في نشر المعرفة والوعي بمختلف المجالات، ويسعى بكل جدية لتحقيق مفهوم الثقافة الشاملة، المتناغمة تماما مع مستهدفات رؤية المملكة 2030، التي أعادت تعريف الثقافة كجزء أساسي من جودة الحياة، ومحرك مهم للنمو الاقتصادي.
ومن خلال زيارتي، لمست بنفسي كيف أن “مقهى حبر” تجاوز كونه مجرد مساحة جلوس أو لقاء، وتحول إلى نموذج متكامل لمنظومة ثقافية وتجارية مبتكرة، تمزج بين الثقافة والمهارة والفن.
وليس غريبا أبدا أنه يُكرَّم أكثر من مرة بوسام “الشريك الأدبي” من وزارة الثقافة، ممثلة بهيئة الأدب والنشر والترجمة.
في وقت قياسي، نفذ هذا المقهى الثقافي أكثر من 1000 فعالية وبرنامج متنوع، واستضاف أكثر من 3750 جلسة نقاش ولقاء ومعرض تفاعلي، وفعّل 8 مبادرات مجتمعية بالتعاون مع أكثر من 75 جهة. كل هذا استفاد منه أكثر من 15 ألف شخص، وزاره أكثر من 75 ألف زائر، فضلا عن امتلاكه هوية بصرية ولفظية واضحة، وسجلات وأصولا تعكس نضجه وريادته.
المقهى يشتغل من منطلق رؤية واضحة ليكون جسر تواصل ثقافي وفني ومهاري، ويترجم هذه الرؤية برسالة قوية تتمثل في خلق منصة تفاعلية حيوية تجمع الفنانين والمثقفين والنخب بالجمهور.
أما أهدافهم فهي واضحة وعملية: صناعة مساحة تفاعلية للتعبير وتبادل الثقافة، ودعم وتنمية المواهب الشابة، وتقديم محتوى ثقافي وفني ومهاري يثري المجتمع، وتعزيز جسور التواصل بين أطراف المشهد الثقافي.
ما يميز “حبر” فعلا هو تقسيمه لمساحات ثقافية متعددة، كل واحدة تحمل طابعا خاصا وتقدم تجربة فريدة:
• المداد: مزاجك مع فنجان قهوة
• الأصباغ: مزاجك بالثقافة
• القلم: مزاجك بالكتابة
• الورق: مزاجك بالحوار
• الريشة: مزاجك بالصفقات
• الحبر: مزاجك بالمعارض
وأجمل ما في “حبر” هو التفاعل مع المجتمع بمبادرات مميزة، منها:
“رعاية إنتاجية” لدعم الأرامل والمطلقات، و“ارتقاء” لأطفال المدينة، و “روزنامة حبر” لتوسيع الشراكة المجتمعية، و“قدرات طيبة” لدعم مثقفي ونخب المدينة، و“الشريك الأدبي” بالتعاون مع وزارة الثقافة (3 نسخ).
بكل صدق، غادرت هذا المكان وأنا على يقين أن “حبر” ليس مجرد مشروع ثقافي، بل هو أيقونة نابضة بالحياة، نجح في أن يحجز لنفسه موقعا مؤثرا في المشهد الثقافي بالمدينة المنورة، وتمكن في فترة وجيزة من أن يكون علامة مميزة في مسار الثقافة الوطنية.
وفي ختام زيارتي، تأكد لي أننا أمام تجربة ثقافية ملهمة تستحق أن تُروى، وتقدم نموذجا يُحتذى به في تحويل الملتقيات والمقاهي إلى منصات إشعاع معرفي وإنساني، تضع المدينة المنورة في مقدمة المشهد الثقافي السعودي.
شركاء نجاح مقهى حبر :