عندما يغفو الضمير، تستيقظ المصالح على أنقاض المبادئ

فاطمه الحربي
عندما يغفو الضمير، تستيقظ المصالح على أنقاض المبادئ
في عالم تُصنع فيه الولاءات على مقاس المصالح، ويُحكم على الناس بميزان المنفعة، يولد مجتمع تتوارى فيه القيم خلف ستار المجاملات الفارغة. هنا، لا يُسمع سوى صوت النفوذ، ولا تُفتح الأبواب إلا بالمفاتيح المطلية بالذهب، حيث تُباع المبادئ في سوق المحسوبيات، ويُرتهن الضمير لمزايدات لا تنتهي.
إنه زمن أصبحت فيه العلاقات تُبنى على “ماذا ستقدم لي؟” بدلاً من “ماذا يمكن أن نقدم معًا؟”، حيث تتحول الصداقة إلى استثمار، والاحترام إلى غلاف زائف يخفي وراءه حسابات دقيقة. في هذا المشهد، يغدو صاحب الكفاءة تائهًا على الهامش، فيما يتصدر المشهد من يجيد لعبة التملق وتزييف الولاء.
هنا، لا قيمة للحقيقة ما لم تكن مربحة، ولا مكان للعدل إن لم يخدم طرفًا نافذًا. يُكافأ الانتهازي على دهائه، بينما يُدفع الصادق إلى حافة النسيان. من يصرخ بحثًا عن الإنصاف يُوصف بالساذج، ومن يرفض الانصياع يُنعت بالمتمرد الذي لا يفهم “قواعد اللعبة”.
لكن، ما مصير مجتمع يدار بعقلية “ماذا سأربح؟” بدلًا من “ما هو الصواب؟”. هل تبقى القيم مجرد شعارات تُرفع في المناسبات، بينما الواقع يسير في اتجاه آخر؟ هل يستيقظ الضمير من غيبوبته قبل أن تتحول المحسوبية إلى نظام حياة؟ أم أن العقول ستظل أسيرة هذا المسلسل الذي يعاد إنتاجه بأسماء جديدة في كل عصر؟
ربما الإجابة ليست في التساؤل، بل في اللحظة التي يدرك فيها الإنسان أن قيمته لا تتحدد بما يملكه، بل بما يحمله في داخله من صدق وأخلاق