المهارات المتقدمة في قيادة الحياة الزوجية

الحياة الزوجية والأسرية كسائر مراحل الحياة التي يمر بها الناس ؛ فالناس في مراحل حياتهم وإدارة تلك المراحل يتفاوتون ويتباينون
وقد يختلفون الاختلافات الحدية والتي قد تعصف بالحياة الزوجية والأسرية السعيدة، وقد تأتي إليها من القواعد الأساسية فتنهار السقوف على رؤوس الأزواج والزوجات…
ولذا ينبغي لربان السفن الزوجية والأسرية الإستعداد التام والكامل وأخذ الحيطة والحذر من مفاجآت العواصف والرياح العاتية والتي تعصف بالحياة الزوجية والأسرية عصفاً شديداً ، وربما زادت قوة الرياح العواتي عن القوى المعتادة فسوف تكون العواقب مؤلمة ومدمرة حتى للقواعد من البيوت العالية والتي كانت آمنة مطمئنة في يوم ما !
الأصل في الحياة الزوجية والأسرية السعيدة أنها تُبنى على أسس وأعمدة قوية ومتينة ، وتكون الغايات والأهداف والمقاصد من تكوين الحياة الزوجية واضحة وصريحة ومحددة وموثقة للأزواج والزوجات على حد سواء ؛ وحتى لأهل الأزواج والزوجات تكون المقاصد ظاهرة وواضحة، بل هي التي تدفعهم وتحفزهم للإسراع بإكمال وإتمام الزواج.
وكون المقاصد من الحياة الزوجية والأسرية واضحة لدى الأزواج والزوجات كان الطابع العام للحياة الزوجية هو الرحمة والرأفة والمحبة والتعاون والتفاؤل والعطاء والبذل والتضحية والإيجابية والصبر والتحمل والتسامح والستر والمغفرة والعفو والصفح والتغافل والقبول .
وعند غياب رؤية المقاصد والأهداف من الحياة الزوجية لدى الأزواج والزوجات هنا في هذه المرحلة من الحياة الزوجية تظهر وتطفو على السطح الظاهر العائلي المشكلات الزوجية والتحديات والصعوبات والتي يمكن أن تكون أسبابها ظاهرة واضحة وبعض تلك المشكلات والتحديات والصعوبات أسبابها غائرة باطنة يصعب تحديدها وتشخيصها بسرعة ، وتحتاج إلى فترة زمنية طويلة لدراستها والغوص فيها حتى تحدد جذورها ومصادرها .
هناك مظاهر بريق وجمال وقتي نسبي للحياة الزوجية بين الأزواج والزوجات يظهر في الحب والمعاشرة وقضاء الوطر والمشاعر الجياشة والعواطف الملتهبة الساخنة وتلبية الطلبات وتوفير الاحتياجات الضرورية والأساسية بالسرعة القصوى الممكنة لهم ، والأحاديث الوردية الجميلة والخيال الواسع وصناعة تصورات حالمة ، كل ذلك مطلوب واحتياج ضروري للحياة الزوجية والأسرية لكن الحقيقة المؤلمة للحياة الزوجية أنها تفاعلات إيجابية بين الأزواج والزوجات في المسؤوليات والمهام والأدوار والواجبات والحقوق والتزامات صارمة بينهم .
وهذه الصورة الحقيقية الواقعية الحياة الزوجية التي ربما يرفضها بعض الأزواج والزوجات على حد سواء فيقع الجميع في المشكلات الزوجية التي لها بداية وليس لها نهاية مع وجود الأولاد حتى بعد الإنفصال والإبتعاد والطلاق بينهم ، تظل أروقة المحاكم تنوء بالأقدام التي تقطعها في سبيل الإنتصار والفوز على ذلك الزوج أو الزوجة الذي أصبح العدو الأول والأوحد.
لذا كان لزامنا أن يسعى العقلاء والفضلاء إلى أعادة سفن الحياة الزوجية والأسرية إلى مساراتها الطبيعية السليمة رغم الأمواج العالية والرياح العاتية ؛ فالسفن العظيمة والطائرات الكبيرة لم تصنع لتبقى رابضة في المرافئ والمطارات الواسعة وإن كان كل الأمن والأمان لها أن تبقى فيها لكنها حقيقية لم تصنع لتكون مستقرة هادئة في المدارج والشواطيء الجميلة ؛ فالغاية خوض الحياة الدنيا بما فيها من صعوبات وتحديات وعقبات ، فهذه هي الغاية الحقيقية الحياة الزوجية.
الفتور في الحياة الزوجية والأسرية من المظاهر الطبيعية التي تعتري تلك الرحلة الممتعة والقيام بالتجديد والتغيير ليس ترفاً فيها وإنما هو بمثابة الفلاح الذي يتعهد غرسه ومزرعته كل فترة حين فينتزع منها الحشائش والأعشاب التي تؤثر على الزروع والأعناب وتؤثر على الممرات بين القنوات الزراعية والتي تسهل الحركة من خلالها .
ومن أهم المهارات المتقدمة في صناعة وقيادة الحياة الزوجية:
أولاً: فهم الأسس والغايات التي بُنيت عليها الحياة الزوجية:
وهذا الأمر من أهم ما يجب على الأزواج والزوجات جميعاً تذكّره واصتطحابه في جوانب الحياة الزوجية والأسرية؛ فالأزواج جميعاُ والزوجات يعرفون حقيقة الحياة الزوجية والأسرية، والأهداف والمقاصد الظاهرة من وراء هذه الرحلة العمرية الممتعة . مثل أنها عبادة وقربة عظيمة يتقرب بها المسلمون والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات إلى الله تعالى تبارك الله تعالى وأنها كذلك سنة طبيعية فطرية ، وأنها صناعة السكن الآمن والهدوء والسكينة والراحة والسلامة. وأنها المكان الطاهر والزاكي لصناعة النشء والأجيال والذرية الصالحة الكريمة.
ثانياً: التذكير الدائم المستمر بالواجبات والحقوق للحياة الزوجية:
فالأزواج والزوجات عليهم الواجبات الزوجية الكاملة ولهم كذلك الحقوق الزوجية الكاملة ، ولا مطالبة بالحقوق الكاملة ما لمن تؤدى الواجبات الزوجية الكاملة بين الأطراف جميعاً ، فالأزواج الذين يطالبون بحقوقهم أولاً عليهم أن يؤدوا جميع واجباتهم أولاً ! والزوجات اللاتي يطالبن بحقوقهن أولاً عليهن أن يؤدين واجباتهن كاملة . فالأزواج مطالبون بتوفير الاحتياجات الضرورية والأساسية من المساكن والمآكل والمشارب والمراكب والأمن والأمان والاستقرار والهدوء والسكينة والإحسان إلى الزوجات ، فالزوجات يطالبن بالإحسان إلى الأزواج في المساكن والمآكل والمشارب والإحسان في التبعل وقضاء الوطر .
ثالثاً: إظهار كمال المحبة والحب والود :
وهذا الأمر من الأمور والواجبات والحقوق الزوجية المشتركة بين الأزواج والزوجات؛ فعلى الجميع إظهار المشاعر والأحاسيس والعواطف بينهم
العملية الحسية كالتقبيل والاحتضان ، والمعنوبة كالنظرات والعبارات الجميلة والرسائل الطيبة الجميلة بينهم .
إن الأزواج في أمس الحاجة في أن تظهر الزوجات تلك المشاعر والأحاسيس والعواطف الجميلة وإن الزوجات في أشد وأنس الحاجة في أن يهر الأزواج المحبة والمودة .
رابعاً: القبول الحبيب :
وهو قبول الأزواج للزوجات ومهما فعلن أو عملن وهما خالفن الأزواج وكذلك على الزوجات قبول الأزواج، هناك في كل إنسان من العيوب والمثالب والسيئات المقيتة فعلى الجميع القبول المحب للطرف الآخر
وتقبل ما فيه من الحسنات والجوانب الإيجابية والتعزيز والتحفيز ، وكذلك ما فيه السلبيات والنقائص الطبيعية بالصبر والتحمل .
خامساً: التغافل التغافل التغافل:
الأزواج والزوجات دائما في مرمى بعضهم بعضا، فالأزواج هم مرصد الزوجات والزوجات هن مرصد الأزواج؛ فعلى الجميع التغافل عن الخطايا والهنات ، وعدم التركيز على الجوانب السلبية في الطرف الآخر والتجاوز عن ذلك كله . ومنح كامل الرؤية للنظر إلى الإيجابيات والحسنات والجوانب المضيئة عند الجميع .
سادساً: التسامح والصفح:
هذا الخلق النبيل ؛ خلق الكرام من الأزواج والزوجات ؛ والذين يتخلقون بهذا الخلق النبوي الشريف الفطري السليم هم حقيقة الرابحون الراحمون، وهم السياج المنيع للحياة الزوجية والأسرية السعيدة وللمجتمع الكبير !
فالأكياس من الأزواج هم الذين يتصفون بهذا الخلق القويم والأكياس من الزوجات هن اللاتي يتخلقن به مع أزواجهن وأولادهن.
سابعاً: التركيز على المشاريع الأسرية:
قد يكون للأزواج أو الزوجات مشاريع كبيرة وجميلة ومفيدة للجميع ؛ فعلى الأسر الكريمة والعوائل المحترمة أن دفع بهذه المشاريع والبرامج والرؤى إلى الأمام حتى ترى النور والنجاح ! وكم من الأزواج كانوا الأسباب في نجاحات الزوجات، وكم الزوجات كن من الأسباب في نجاح الأزواج.
وقد يكون من المشاريع الجميلة والمفيدة والممتدة تربية الأولاد والإهتمام بهم والحرص على أن يحققوا أعلى الدرجات والشهادات .
المصلح والمستشار الأسري
د. سالم بن رزيق بن عوض