كُتاب الرأي

صحفنا الإلكترونية ليست أداة للمعارضة

في المملكة العربية السعودية أول ما يطلع عليه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز- حفظه الله- هو الصحف والمجلات الورقية، وهذا هو المتبع من قبل القائمين على أعلى مستويات الوزارات إلى أصغر مدير شعبة إدارية.

فقد كان- حفظه الله- ولا زال، يؤمن بأن الصحافة هي الوسيلة الحقيقية لنقل معاناة الناس، وعلى الرغم من كثرة انتشار الصحف الإلكترونية والورقية، وكثرة مشاغله القيادية، إلا أنه يتابعها باستمرار، ويصر في كل مناسبة على إيصال رسالة واضحة للجميع بأن صحفنا الإلكترونية صحف وطنية بنسبة 100 % ولا تقل أهمية عن الصحف الورقية.

ولهذا نقول إن صحفنا الإلكترونية السعودية، ليست أداة للمعارضة، أو التشهير، أو الإسقاط حتى تهمش ولا تدعم من وزارة الإعلام، وهيئة الإعلام المقروء والمسموع، ووزارة الثقافة، بل هي أداة تقويم شامل لكافة مفاصل الدولة، وناقل حقيقي لمعاناة الناس، فكيف سيتمكن الملك وولي عهده من معرفة ما يريده المواطنون من احتياجات ضرورية إذا لم تنقل صحفنا الإلكترونية يوميا وبشكل مباشر معاناتهم ويطلعان عليها؟

هذا هو دور السلطة الرابعة سواء أكانت صحف ورقية أو إلكترونية، ولذلك، لن نخجل من طلب الدعم لصحفنا الإلكترونية من جلالة الملك أو من سمو ولي عهده اللذان أجزم أنهما يرون من خلالها الصورة الحقيقية الكاملة لمعاناة الناس دون تزييف أو تحريف كما كانت تفعل في ماضينا السحيق بعض صحفنا الورقية.

مع التطور الملحوظ في عصر السرعة والمعلومات يا معالي الوزير، لا بد من أن تعتمد كل وزارات ومؤسسات مملكتنا الغالية على الصحف والمجلات الإلكترونية الوطنية الرصينة، وأن تنشر فيها إعلاناتها بشكل حصري، تشجيعا للقائمين عليها ولدورها المتميز، ولأنها متاحة لجميع المواطنين في جميع الأوقات، على عكس الصحف الورقية التي تُدعم ولا يقرؤها إلا قلة قليلة من الناس يعدون على أصابع اليد الواحدة.

كلامي هذا والله العظيم ثلاثا ليس حسدا للصحف الورقية ولا لرؤساء تحريرها ولا للقائمين عليها، ولكن اعتقد من حقنا نحن أيضا أن نتوسم خيرا في معاليكم وفي مهندس الرؤية بأن تنقذوا صحفنا الإلكترونية من التهميش الواقع عليها منذ زمن بعيد، والذي لا نجد له مبررا واحدا يبرره، حتى تنهض جنبا إلى جنب مع الثورة العمرانية الكبرى التي تشهدها بلادنا هذه الأيام، وتواكب جميع مراحل الإعمار والبناء والاستثمار التي يقودها سموه باقتدار، فنحن نعلم كلنا بأن البلد الذي لا توجد فيه صحافة إلكترونية حرة قوية، سيكون غدا بحاجة ماسة إلى تعزيز نقاط قوته، ومعالجة نقاط ضعفه، وإقناع أبنائه بأهمية الدفاع عنه عند اللزوم.

جميع الدول تدعم صحفها الإلكترونية بكل ما هو متاحا لها، وتوليها اهتماما كبيرا، ولا تعتبرها عبئا عليها، بل تعتبرها مرآة صادقة تعكس حياة المواطنين وتوجهاتهم، ومشاكلهم وإنجازاتهم وتطلعاتهم وآمالهم، وتشارك في تعليم النشء المبادئ والقيم، وفي تكوين رأي عام واع ومسؤول، وتعتبر حلقة وصل مهمة بين الحكومات والمواطنين، تنقل همومهم، وتطالب بالحلول لمشكلاتهم، وتقف في خندقها، ودعمها يعتبر دعما لحرية التعبير والكلمة، وعندما تكون قوية ومستقلة، تكون هناك فرصة أكبر للمواطنين ليعبروا عن آرائهم بحرية، ويشاركون في النقاشات العامة، وتبقى في نظرهم نزيهة لا تتأثر بالضغوط الخارجية، ويقوم القائمون عليها بدورهم التوعوي والوطني بكل أمانة وشفافية.

لقد أصبحت صحفنا الإلكترونية ناضجة بما فيه الكفاية، وجزءا لا يتجزأ من أعلامنا الجديد، وستصبح مستقبلا من تراثنا العريق، ومن أمننا الوطني، ومن هويتنا السعودية الأصيلة، ووسيلة تساعد الجيل الجديد على تعزيز هويته الوطنية، ودعمها يظهر التزاما حكوميا بحرية التعبير والكلمة والشفافية، ورفعا لمستوى الوعي المعرفي لدى المواطنين، واستثمارا في مستقبل الوطن وأهله يتجاوز الجوانب المادية، واستثمارا في الكوادر البشرية الشابة، وتطويرا للمهارات الصحفية، وتشجيعا للبحث الدقيق والتقارير العميقة التي تعالج القضايا المجتمعية بموضوعية واحترافية.

صحافتنا الإلكترونية ليست طفلة رضيعة تحتاج لمصاصة أو لوصاية يا معالي الوزير، بل هي الآن مدرسة للصحفيين الشباب، يتعلمون فيها أساسيات المهنة وأخلاقياتها بشكل صحيح، ومنصة فعالة لتبادل الأفكار والخبرات بين مختلف الأجيال، وتكافح وتنافح عن الوطن وقادته، وإن دعمت ستصبح بلا شك منبرا للتنوير والدفاع عن الوطن، وسدا منيعا لصد هجمات المحرضين القابعين كالجرذان في زواياهم الخارجية المظلمة، فبرغم أن هناك جملة من التحديات التي تواجه صحفنا الإلكترونية في عصر الرقمنة ما زالت تقوم بدورها الوطني، وتتقدم على كثير من صحفنا الورقية.

ولهذا، يجب على صحفنا الإلكترونية والورقية أن تخترعا وسائل إقناع مبتكرة، وتتكيف مع المتغيرات في كل مرحلة، وتقدم مقالات استثنائية، وتحليلات إخبارية عميقة، لا تتوفر في الصحف الإلكترونية الأجنبية الخارجية التي لا زالت تؤثر على عقول شبابنا باحترافية، بدلا من انتهاج أسلوب القص واللصق، والنقل من هنا وهناك، وتحافظ على مصداقيتها واستقلاليتها، وتقدم تقاريرها ومقالاتها وأخبارها باتزان ودقة متناهية، وتتبنى سياسة مملكتنا الغالية في السراء والضراء، وسياسة تحريرية واضحة لا يتأثر محتواها الصحفي بالمغريات المالية حتى تؤدي دورها بحيادية.

وأخيرا، صحفنا الإلكترونية اليوم يا معالي الوزير تلعب دورا مهما في نقل صوت المواطنين إلى صناع القرار، وتسهم في تشكيل رؤية مستقبلية شاملة، وركيزة مهمة في تطوير مجتمعنا، وفوق هذا وذاك تحترم وتصون حرية التعبير والكلمة، وتحافظ على حقوق الإنسان، وتصد عن الوطن وقادته هجمات المتبطحين في حدائق لندن وكندا وتملأ أفواههم واحدا واحدا بالتراب.

محمد الفريدي

محمد الفريدي

رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى