كُتاب الرأي

قادة حماس عرايا في أحضان شهيد القدس

ما يحدث في غزة هو أكثر من مجرد انتهاكات لحقوق الإنسان، بل هو جزء من مخطط ممنهج لتدمير البنية التحتية للقطاع بأكمله وحرمان سكانه من أبسط مقومات الحياة الكريمة، فالحصار الخانق المفروض على غزة منذ سنوات طويلة دمر اقتصادها وحرم سكانها من الكهرباء والمياه النظيفة والرعاية الصحية الأساسية، وما تشهده المدينة منذ ستة أشهر من قصف وقتل وتدمير للمنازل والمرافق العامة هو جزء من سياسة إسرائيلية غربية إرهابية ممنهجة تهدف إلى إخضاع الفلسطينيين وإذلالهم، ولا ينفصل هذا الواقع المأساوي عن الاستيطان الاستعماري الإسرائيلي في الضفة الغربية، فالمستوطنات غير الشرعية التي تنتشر في كافة أنحاء الأراضي المحتلة هي جزء من مخطط لطرد الفلسطينيين من أراضيهم وتهويد المنطقة بالكامل، وما يزيد الأمر سوء هو أن هذا الاستيطان يحظى بدعم سياسي وقانوني من الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، وفي نفس الوقت، تفرض إسرائيل قيودا خانقة على حركة الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة، بما في ذلك الحواجز العسكرية والجدار العازل، وهذه الإجراءات تحرم الفلسطينيين من حقوقهم الأساسية في التنقل والوصول إلى أماكن العمل والعبادة والدراسة والعلاج، وهي بمثابة سجن مفتوح يحاصر الشعب الفلسطيني ويحرمه من أبسط مقومات الحياة الكريمة.

وهذا الواقع المرير لا ينفصل عن السياسات التمييزية التي تمارسها إسرائيل ضد المواطنين الفلسطينيين داخل أراضيهم المحتلة، فهؤلاء المواطنون يعانون من التهميش والتمييز في كافة المجالات، بدءا من التعليم والصحة والإسكان وانتهاء بالعمل والخدمات الاجتماعية، وهو ما يؤكد أن إسرائيل دولة فصل عنصري تمارس أبشع أنواع التمييز ضد الفلسطينيين.

ولا يمكن فهم هذه الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة بمعزل عن الدعم السياسي والعسكري والمالي الذي تتلقاه إسرائيل من الولايات المتحدة الأمريكية، فالإدارات الأمريكية المتعاقبة تقدم لإسرائيل المساعدات الضخمة وتغض الطرف عن جرائمها منذ أكثر من خمس وسبعين سنة، بل وتبرر وتدافع عنها باستمرار في المحافل الدولية ومجلس الأمن ، وهذا الموقف الأمريكي المنحاز يؤكد أن الولايات المتحدة شريك في هذه الجرائم التي تمارس بضراوة ضد الإسلام والعروبة والإنسانية.

ولا يمكن أن نفهم هذه الانتهاكات الإسرائيلية بمعزل عن السياق التاريخي والسياسي الأوسع، فإسرائيل دولة استعمارية قامت على أنقاض الشعب الفلسطيني ودولته ، وهي تواصل سياساتها التوسعية والاستيطانية بدعم غربي وأمريكي، وهذا ما يؤكد للجميع بأن ما يحدث في فلسطين ليس مجرد نزاع إقليمي، بل هو جزء من صراع طويل الأمد بين دول استعمارية وشعوب مستعمرة.

وفي ظل هذا الواقع الأليم، لا يمكن للمجتمع الدولي أن يستمر في الصمت والتواطؤ، فالأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان مطالبة بالتحرك الفوري لوقف هذه الانتهاكات الإسرائيلية وفرض عقوبات على هذه الدولة العنصرية، كما أن على الدول الغربية، وعلي رأسها الولايات المتحدة، أن تراجع سياساتها المنحازة لدولة لا تقيم لأرواح الأبرياء وزنا، وتفرض ضغوطا حقيقية عليها لوقف جرائمها، فالشعب الفلسطيني رغم ما يحدث له من إبادة جماعية لن ينحني أمام هذه الممارسات الإرهابية، وسيواصل نضاله من أجل استعادة حقوقه المشروعة وتقرير مصيره، ومن حقه أن يقاوم الظلم والاحتلال.

وأنا لا أستطيع كذلك أن أكون “محايدا” تجاه هذه المأساة الإنسانية، فما يحدث في غزة وفي كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة هو جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية لا يمكن التسامح معها أو التغاضي عنها أو السكوت عليها ، وعلي المجتمع الدولي أن يتحرك بحزم لوقف هذه الفظائع، والمحافظة على ما بقي من كرامة الإنسان الفلسطيني التي وضعها قادة حماس في فوهات بنادق الحرس الثوري مقابل فتات من أموال الخمس لينعموا بالمبيت عرايا في أحضان قائد قوة الكواسر المقدسية وشهيد القدس.

محمد الفريدي

محمد الفريدي

رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى