بصيرة المبدعين

فاطمة سعد الغامدي
بصيرة المبدعين
عبثا أخلع عاطفتي هنا ؛ أتمرد عليها فتغلبني ،يصطبغ بها حرفي رغما عني ،وبين عاطفتي والتأمل ورسائل الله إلينا أركض، فبطل مقالتي العلمية هو بطل من وحي التأمل والإلهام ،عبقري ومبدع ، كان يسير بهدوء ثم حملته الأحداث إلى واجهة الطريق في مشهد فانتازي عجيب ، من طفل يلعب التحدي في PlayStation إلى بطل يعشق التحدي على مسرح الحياة ، بل ويتغذى على وجبات كبيرة من التحديات ، كالسهم تشده إلى الخلف فينطلق إلى الأمام…
ولد في مدينة جدة 14 يناير 1987م الموافق 14جمادى الأولى عام 1407في أحد أحيائها الأشد فقرًا-حي الروابي- درس المرحلة الابتدائية بها ، وتميز رغم هدوءه بحب الاستطلاع وولعه الشديد بتفكيك الأجهزة الكهربائية والألعاب (1) ومعرفة خباياها مما عرضه للسخرية من قبل أقرانه.
أول ابتكاراته كانت وعمره 12عاما ، حيث صنع أول غواصة سعودية أطلق عليها اسم (صقر العروبة) يمكنها أن تغوص إلى عمق 6525م تحت الماء وبذلك تكون تفوقت على الغواصة اليابانية شينكايしんかい التي وصلت إلى عمق 6500م تحت الماء، وأهداها لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز.
ولظروف عمل والده بإذاعة الرياض انتقلت العائلة بأكملها للعاصمة مدينة الرياض، ليكمل المرحلتين المتوسطة والثانوية في مدارس جامعة الملك سعود، ويشارك في المسابقات العلمية ويرتاد النادي العلمي بها ، ويشترك في مسابقات موهبة التابعة لمؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله، إضافة لمشاركته في الأنشطة اللاصفية في الكيمياء والفيزياء وفي الاختراعات.
وبعد اكماله المرحلة الثانوية انضم لجامعة الملك فهد للبترول بمدينة الظهران وتخصص في هندسة الفضاء والمعادن عام ٢٠٠٤ تقريبًا وتخرج منها عام 2012 وبين هذين العامين أحداث تؤرخ وروايات تروى ..
صيف عام 2008م كان مهند أبو دية يتمتع بإجازته الدراسية كطالب في جامعة البترول والمعادن ؛ حيث خرج لإحضار بعض الاحتياجات المنزلية فتعطلت سيارته وأوقفها إلى جانب الطريق بعيدا عن طريق السيارات لإصلاحها بنفسه كما اعتاد؛ إلا أنّ سائقا متهورا اصطدم به وبسيارته في حادث مروع أدى إلى دخوله العناية المركزة خارجا منها بعد 20 يومًا وقد فقد بصره، و فقد ساقه اليمنى؛ ليمضي الحياة فاقدا للبصر و وبساق مبتورة وخبر يملأ الدنيا ضجيجا :نهاية اختراعات المخترع السعودي مهند جبريل أبو دية.
خبر نزل كالصاعقة على رأس المخترع السعودي لكنه ملأه بالاصرار والتحدي كما قال عن نفسه : شدني كالقوس إلى الخلف لأنطلق نحو الأمام، ليشارك بعدها في أول فريق علمي سعودي لصناعة المسرعات النووية بمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية.
هو مهند بن جبريل بن خليل أبو دية .
عمل باحثا في المركز الوطني للفيزياء والرياضيات (2005).
أنشأ ورأس الفرع السعودي في الجمعية الدولية لطلاب الفيزياء.
حصل على المركز الأول في مسابقة الفيزياء على مستوى المملكة.
حصل على مراكز متقدمة في الاختبار العملي في أولمبياد الفيزياء في كوريا.
ألّف أكثر من 10 كتب ومنشورات عن مهارات الاختراع الأساسية المتقدمة والتي طبع منها أكثر من 60000 نسخة.
قام بالتقديم والمشاركة في إعداد 5 برامج تلفزيونية متخصصة في ثقافة الاختراع.
مؤسس مشارك في جمعية المخترعين السعوديين.
شارك كمخترع في 8 معارض محلية وعالمية من خلال 9 اختراعات في مجال التقنيات الفيزيائية.
مدرب مهارات اختراع معتمد، لعدة جهات عالمية.
تم تكريمه من قبل الراحل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي العهد الراحل الأمير سلطان بن عبد العزيز نظير انجاز اختراعه الغواصة العربية (صقر العروبة- 1) وقد قال له الملك عبد الله آل سعود عليه رحمة الله عند لقائه به بعد اختراعه للغواصة: أن السعودية تفخر بوجودك ضمن أفرادها.
حصل على عدة جوائز وميداليات دولية مثل ميدالية الاستحقاق الذهبية من الاتحاد الدولي للمخترعين (IFIA)، والجوائز والميداليات المحلية مثل جائزة التميز لذوي الإعاقة لعام 2012م.
وهكذا انجز المخترع مهند أبو دية أكثر من ٢٢ اختراعًا وألقى أكثر من 100 محاضرة جماهيرية، وحصل على عدة اعتمادات دولية في تدريب الاختراع من جهات أوربية، كما أسس مركز اسطرلاب للتدريب، ويرأس حاليا مجلس ادارته كما أنشأ المركز السعودي لثقافة الاختراع ويدير فيه مجموعة كبيرة من الموظفين.
من مؤلفاته دليلك إلى ريادة الاختراع، وقد حصل على عدة جوائز دولية ومن اختراعاته قلم ممغنط للمكفوفين ورواد الفضاء ومرضى الرعاش ،وجهاز لكشف الحرائق عبر موجات الليزر وجهاز لحماية المحفظة من السرقة، وابتكار يمنع انقلاب السيارة أثناء السير ونظام جامع لملحقات الحاسوب وكذلك جهاز للتنبيه عند الجلوس الخاطئ، وقفاز يقوم بتحويل لغة الإشارة إلى أصوات .
لقد فرض وجوده في قوائم معهد إدارة المشروعات (BMB) العالمي ،وتم تكريمه وتسليمه الشهادة في دولة الكويت على يد رئيس المنظمة في الخليج العربي المهندس هاشم الرفاعي .
ولعلنا نتذكر حينما قال للمذيع محمد العوضي في لقاء له معه في احدى برامجه: إن كنت فقدت احدى ساقيّ فأنا أقف على جبل من الطموح، ونزع نظارته السوداء وحطمها بيده قائلا: إن يأخذ الله من عيني نورهما ففي لساني وقلبي منهما نور ثم ألقاها أرضا، المعاق هو الذي لم يخترع كل هذه الاختراعات ولم يلق كل تلك المحاضرات.
ومن المواقف الخالدة والتي تغذي النجاح بالنجاح موقف الدكتور خالد السلطان عميد جامعة الملك فهد للبترول والمعادن الذي أصر على أن يكمل مهند دراسته الجامعية في الجامعة بعد الحادث ليكون أول مهندس كفيف في الهندسة الصناعية مع مرتبة الشرف ولاينسى مهند ذلك ولن ينسى الحب الكبير الذي أحاطه به أساتذة وزملاء الدراسة، أكمل بعدها ليحصل على شهادة الماجستير في إدارة الأعمال للتنفيذيين في الابتكار عبر المشاريع الناجحة مع مرتبة الشرف، وعلى الدكتوراة في إدارة الأعمال تحت عنوان “دراسة تجريبية حول أثر الابتكار في التحول لاقتصادي السعودي عبر رؤية 2030.
ونحن إذ نتعلم من مهند الذي اتخذ منهج الأربعة ج في اختراعاته / جِدة /جودة /جاهزة للتطبيق /جدوة اقتصادية
وصاحب حلم الأربعة م /مليون مخترع مسلم محترف، نتعلم أن نصمد في وجه التحديات بل نتغذى عليها وأن ندرك أنها رسائل الله لمن يشأ.
فلنجاح نوره البصيرة لا البصر ومحركه الإرادة لا الأقدام المتخاذلة …
بارك الله فيك ابدعتي لافض فوك .
ممتنة جدا لإعجابك وأتمنى أن أكون دائما عند حسن الظن